لم يتوقف انتقاد عملية استهداف الشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريا عند الفلسطينيين ومناصري القضية الفلسطينية فحسب، بل راحت صحف عالمية بتخصيص عدد من صفحاتها لنشر قصته كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتم إطلاق النار على رأسه بشكل متعمد، وهو يعبر عن غضبه "بالحجر" بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة (إسرائيل).
وخصصت صحيفة الديلي ميل البريطانية مساحة كبيرة من صفحاتها للحديث عن أبو ثريا وقتله بشكل متعمد من قبل جنود الاحتلال قبل أيام على الحدود الشرقية لقطاع غزة، اللافت في الأمر أن الصحيفة معروفة أنها منحازة (للإسرائيليين) ودومًا تتهم الفلسطينيين بالإرهاب.
وفي سابقة غير معهودة انتقدت صحيفة "هآرتس" العبرية الجيش والحكومة (الإسرائيلية) على خلفية استهداف قناص إسرائيلي للمقعد "أبو ثريا"، وقال الكاتب في الصحيفة "جدعون ليفي" إنه لم يكن لأبو ثريا قدمان ليصوب عليهما القناص، وبالتالي فقد اختار رأسه هدفاً لرصاصته مع أنه كان يعرف بأن بفعلته يعدم مقعدًا لا يشكل خطورة على الأمن الإسرائيلي.
ويرى الكاتب، أنه لو كانت الصورة معكوسة وقتل قناص فلسطيني معاقاً إسرائيلياً على الحدود مع غزة لرأينا عجائب من الردود الإسرائيلية سواءً المنددة بالجريمة النكراء أو رد الجيش العنيف داخل القطاع، وكم من الدماء كانت ستسفك في سبيل الرد على قتله.
ومن هذا المنطلق كان لا بد من استثمار ردود الفعل الدولية في الدفاع عن حقوق المعاقين وفضح الانتهاكات الإسرائيلية ضدهم أمام المحافل الدولية، لاسيما وأنها ليست المرة الأولى التي يتعمد فيها الاحتلال استهداف ذوي الإعاقة وقتلهم.
عبر صفحة الفيسبوك لوزير العدل السابق "فريح أبو مدين" كتب يقول:" اغتيال إبراهيم أبو ثريا قضية نموذجية لجريمة حرب أدلتها وبراهينها في منتهى الوضوح، فالقناص عبر منظار بندقيته التي لا تبعد أكثر من مائة وثلاثين مترًا ومداها يصل إلى ألفي متر كان يرى أنه غير مسلح وبدون ساقين ولا يشكل أي خطر برفع راية في يده ولكن القاتل أودع الرصاصة في جبهته قاصدًا القتل غير المبرر خارج كل القوانين".
وتابع:" أشرطة الفيديو واضحة أرجو الحفاظ عليها عند لزومها في معرض الأدلة ونستطيع بقضيه كهذه أن نطارد وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية فهل هناك استعداد لذلك"؟
وفي ذات السياق تحدث رامي عبده الناشط الدولي في حقوق الإنسان، بأن حادثة استهداف الشهيد أبو ثريا حظيت باهتمام كبير على المستوى الدولي، لذا لا بد من تسويق الواقعة للعالم من خلال "الترميز" كون ذلك يعطي دلالة وتأثير أكثرًا في القضايا الوطنية والحقوقية خاصة وأن الرمز يخبر حكايا كثيرة.
وأوضح عبده، أنه عبر الرمز أو الأيقونة يبعثون رسائل حول الظلم الإسرائيلي الذي يستهدف الشعب الفلسطيني الأعزل لاسيما المعاقين منهم، لافتًا إلى أن رمزية أبو ثريا توضح للعالم أن الفلسطيني يسعى إلى نيل حريته.
وتساءل الناشط الدولي قائلًا خلال حديثه "للرسالة":" لماذا لا نبادر نحن لترميز قضايانا الوطنية؟"، خاصة وأنه يبسطها ويختزل التفاصيل والأبعاد والتعقيدات والتشابكات".
وأوضح أن الترميز كما حالة الزهرة البوسنية يتيح الخروج بالقضايا من أطر التفاعل الضيقة إلى فضاءات التفاعل الجماهيري الذي يحتاج صورًا ميسرة من التعبير عن القضايا الكبرى (تعزيز استخدام مفتاح العودة مثالًا).
ويرى أنه حادثة أبو ثريا يجب أن تكون محركًا للتواصل مع مؤسسات دولية تهتم بشئون المعاقين؛ لتسويق قضيتهم ووحشية الاحتلال الإسرائيلي ضدهم.
ولم يذهب حسام شاكر الخبير الإعلامي بعيدًا عن سابقه، فهو أعد كتابًا حول الترميز للقضايا المختلفة، ويقول فيه:" الترميز يكتسب أهمية مضافة لمختلف القضايا خاصة التي يتعمد الاحتلال تعتيمها، فيكون الترميز خياراً يردم جانباً من فجوة الصورة".
وأضاف: "ذلك يمثِّل خياراً فعّالاً للتعبير عن فئات متعدِّدة كالأسرى والمعاقين الذين يستهدفهم الاحتلال".
وبحسب شاكر فإنه يجدر التعبير عن كلِّ فئة بشخصية رمزيّة أو أكثر، حتى يتمكّن الجمهور التعرّف عليها ومعايشة قضيتها.
بدوره، أدان مركز حماية لحقوق الانسان الحادثة، ويؤكد عزمه على اتخاذ المقتضى القانوني المناسب، مطالباً بتحرك عاجل لإجبار قوات الاحتلال على التوقف عن استهداف المدنيين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ انتفاضة الأقصى الثانية تم استهداف ما يقارب الـ 80 معاقًا بشكل متعمد.