في تركيا حيث مركز الخلافة الاسلامية في زمن العزة، وحيث اردوغان الرجل القوي الذي يصدح بالحق دوماً، اجتمع القادة العرب والمسلمون تحت مظلة منظمة التعاون الاسلامي ليعبروا عن آرائهم وغضبهم تجاه قرار ترامب القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة بلاده اليها.
وبغض النظر عن صدق أو كذب مشاعر المجتمعين تجاه ما حدث للقدس، فإن الاجابة الاقرب للعنفوان والغضب الذي يغلي في قلوب العرب والمسلمين في مشارق الارض ومغاربها تقتضي أن تكون مخرجات هذه القمة جديدة وعملية _ خاصة أن كل المسلمين قد حفظوا عن ظهر قلب مخرجات القمم السابقة فهي نسخ كربونية_، نظرا لحساسية الوضع الذي تعيشه المنطقة، وكونها _ القمة _ تناقش قضية مقدسة لدى المسلمين، لكن هل ما تتمناه الشعوب يقدر الحكام على تلبيته ؟ بالطبع (لا).
إن اقل الواجب تجاه قضية القدس والذي يفترض أن يتم تجسيده في قمة إسطنبول أن يحضر أعلى هرم في الدولة، لكن ونظرا للحضور القوي للخلافات العربية فقد تغيب قادة دول بحجم مصر والسعودية. رغم ان الواجب الديني والاخلاقي يقتضي أنه في الاوقات الحساسة في تاريخ الامة وحينما تتعرض مقدساتها للإهانة، لا بد من وضع الخلافات والاختلافات جانبا واتخاذ قرارات من العيار الثقيل وادخالها حيز التنفيذ بسرعة وبما يناسب الاماكن المقدسة ويوقف الاهانة واصحابها عند حدهم، وهذه هي اهم ابجديات الاخوة في الاسلام، لكن تبقى للسياسة أحكامها.
وبمقارنة سريعة بين قمة الرياض التي حضرها الرئيس الامريكي ترامب وقمة إسطنبول التي تناقش اليات الرد على قرار ترامب، نجد أنه شارك في قمة الرياض قادة وممثلون من 55 دولة، ونتج عنها تأسيس مركز عالمي مقره الرياض لمواجهة الفكر المتطرف تحت اسم اعتدال، وظيفته تبادل المعلومات والاتفاق على التصدي للجذور الفكرية للإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، والترحيب بتوفير 34 ألف جندي كقوة احتياط لدعم العمليات ضد الإرهاب في العراق وسوريا، وكانت اولى خطوات القمة العملية أنه تم فرض حصار على دولة قطر بحجة تمويل ورعاية الارهاب، بينما في قمة إسطنبول نجد أن قادة دول وازنة سياسيا ودينيا مثل مصر والسعودية وغيرها لم يحضروا واكتفوا بتمثيل مُتدنِ بحجة أنهم لن يقفوا كتفا لكتف مع إيران. وحضرها مسيحيون أحدهما الرئيس اللبناني والاخر رئيس فنزويلا بصفة ضيف.
وبخصوص الاجابة عن ( قمة إسطنبول... هل من جديد تحت الشمس ؟ )
من ناحية الشكل فيمكن النظر لمخرجات قمة إسطنبول انها ايجابية، حيث دعت للاعتراف بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية التي تم الاعلان عنها في الجزائر عم 1988.وضرورة حشد الطاقات من اجل القدس. وانا على يقين لو ان القادة العرب متحمسون لنصرة القدس مثل حماس واردوغان سنحصل على انجازات رائعة. لكن يد واحدة لا تصفق.
أما من الناحية العملية فإن كلام القادة هو كلام هلامي لم يستند لأي خطوات عملية مرتبطة بجداول زمنية، ولأن حدود قدرات الانظمة العربية للتعامل مع هذا القرار ستقف عند حدود التنديد والشحب انطلاقا من فلسفة الحكمة وضبط النفس، لأنها_الانظمة_ فقدت اوراق القوة، فهم بعد انتهاء القمة سيعودون لبيوتهم، ولسان حالهم يقول لم يكن بالإمكان افضل مما كان.
ختاما يمكن القول انه ليس العبرة بمكان الاجتماع طالما ان المجتمعين لن يتخذوا قرارات جريئة. بل العبرة بمدى قوة المجتمعين واصرارهم على تنفيذ ما يخرج عنهم من قرارات قوية.