كشفت القناة 13في التلفزيون الاسرائيلي 26-12-2017 ،النقاب عن قيام المستوى العسكري الامني في اسرائيل بتقديم تقرير أعدته الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية "أمان" للكابينت السياسي الامني المصغر في 24-12-2017 ،وعنوانه الرئيس هو التحذير من هشاشة الوضع الامني في الجبهة الجنوبية، أي على الحدود مع قطاع غزة ، وبأن احتمالية اندلاع حرب مع المقاومة في قطاع غزة في ارتفاع مستمر ، ولأسباب عديدة .
يمكن القول بأن التقرير وهو شفوي على الأرجح قد أشار الى اجتماع 6 أسباب وعوامل
قد تدفع قيادة حماس -وعلى الرغم من عدم رغبتها بذلك- الى اتخاذ قرار الحرب ، أو التصعيد التدريجي والانجرار اليها ، هذه الاسباب هي : استمرار تدهور الوضع الانساني لسكان القطاع حيث مشاكل الماء والكهرباء والبطالة ورواتب الموظف
ين وغيرها ،إضافة الى خيبة أمل الفلسطينيين من تقدم عملية المصالحة ، وإعلان ترامب ضد القدس ، وضعف تدفق الاموال والمشاريع القطرية ، نجاحات اسرائيل في ضرب الانفاق وأخيرا معاقبة حماس على صواريخ لم تنجح في منعها .
إن تقديم مثل هذا التقرير للمستوى السياسي يدل على مدى تزايد الخشية الاسرائيلية من اندلاع حرب جديدة مع المقاومة في قطاع غزة ، والتى تطورت بشكل ملموس بعد حرب 2014 ، حيث يطرح المستوى العسكري والامني شكوكا وتساؤلات حول الحرب وبأنها ستكون بلا هدف واضح: فهل الهدف هو إسقاط حماس ؟ وما هو البديل عنها ؟ وأن تكلفتها ستكون باهظة ، وهل الهدف سيكون احتلال قطاع غزة ؟ وغيرها من الاسئلة الاستراتيجية ، بمعنى أن الجيش لم يضع حتى اللحظة استراتيجية واضحة بسبب عدم تزويده بأهداف سياسية استراتيجية من المستوى السياسي في اسرائيل .
يدل التقرير بأن لا مناص لحكومة اسرائيل إلا أن تتحمل-وعلى الأقل- جزءا من مسؤولية ما يجري على أرض فلسطين وفي قطاع غزة المحتل والمحاصر ، وعليه فإن اسرائيل ملزمة بأن تبذل جهودا إضافية لعلاج أوضاع القطاع من خلال تخفيف الحصار وتوفير الحاجات الانسانية الاساسية ، كالحركة والصحة ونحو ذلك ، وهو ما أشار اليه أيضا رئيس الشاباك في 24-12 وأكد بأن ذلك مصلحة أمنية اسرائيلية ، وهنا سيبرز السؤال ماذا ستفعل اسرائيل بالضبط؟ هل ستقوم بفعل ذلك بنفسها؟ أم أنها ستضطر للضغط أو دفع ثمن لأطراف مهمة كأبي مازن ومصر من أجل التخفيف عن غزة ؟ وعلى الارجح ستقوم بكل ذلك .
لم يتطرق التقرير المنشور -على الاقل- للأسباب الذاتية الاسرائيلية، التى تدفعها للخشية من الحرب والمتعلقة بعدم استكمال الجيش الاسرائيلي استعداداته وتجهيزاته الاستراتيجية - العسكرية لخوض هذه الحرب ، وخاصة فيما يتعلق بإعادة بناء وتطوير الترسانة العسكرية الاسرائيلية المتعلقة تحديدا بالقوات البرية ، والتى ما زالت تعاني من نقص في التدريب والتجهيز اللازم ، ومن ذلك تطوير الدبابات المناسبة ، وبأعداد كافية لخوض أي مناورة برية واسعة ، وقادرة على تجاوز دفاعات المقاومة في القطاع
كما أن الكابينت قد ناقش في جلسته المذكورة أعلاه مقترحات للتخفيف عن قطاع غزة مثل خطة الوزير كاتس السابقة لبناء ميناء مائي ، وكذلك إمكانيات السماح لأعداد أكبر من عمال غزة للعمل داخل مستوطنات الغلاف ، وهو ما يدفع اليه أيضا الكثير من رجال الاعمال ومؤيدو السلام الاقتصادي في اسرائيل ، ولكنه يلقى معارضة من الشاباك ، الذي يقترح خطوات أخرى للتخفيف عن غزة عدا موضوع إدخال العمال .
وفي مؤشر واضح على مدى الجدية التى تعامل بها الكابينت مع تحذيرات الاستخبارات
حول مدى تأثير أوضاع غزة الصعبة على احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية ، هي التعليمات التى أصدرها نتنياهو لمجلس الامن القومي الاسرائيلي لوضع خطة عمل واضحة لعلاج الوضع مع غزة وتقديمها في خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أسابيع .
لا يعني ما سبق بأن اسرائيل ستغير من استراتيجياتها الامنية العسكرية الحالية مع القطاع ،والقائمة على استمرار ملاحقة و تدمير الانفاق أو توجيه ضربات تعتبرها عقابية
لتساقط صواريخ على أهداف اسرائيلية بين الفينة والاخرى ، ولكنها وعلى الارجح ستكون أكثر حذرا ودقة في تنفيذ هذه السياسات ، أي تكرار استخدام نموذج التدمير الذي تم في نفق حماس بالقرب من" نير عام " ، والابتعاد عن نموذج التدمير الذي تم في نفق الجهاد في خان يونس .