حين تتعلق المعادلة بجيش الاحتلال، لا يقبل القسام أن ينئ بنفسه عن ساحة الصراع والمواجهة، ليضع حدا للغطرسة (الإسرائيلية) ويحجم تماديها، متسلحا بقوة الردع وأوراق القوة التي يمتلكها بعد سنوات طويلة من المواجهة والإعداد جعلته يتصدر واجهة المقاومة في قطاع غزة.
أمس الجمعة، كان للقسام رسالتين نشر أحدها في ساعات الصباح الأولى بلافتة كبيرة علقت على مفترق السرايا وسط القطاع، وكتب فيها بالعبرية والعربية: "طالما أبطالنا لا يرون الحرية والنور.. هذا الأسير لن يرى الحرية أبدا" –واضعا صورة شاؤول أرون الأسير لدى حماس.
أما الثانية تعلقت بسياسة الردع وقواعد الاشتباك، نشرها القسام على موقعه الرسمي باللغة العبرية، قال فيها لمستوطني غلاف غزة: "صافرات الإنذار التي تشتكون منها ستكون موسيقى ساحرة مقارنة بما ستسمعونه إذا لم توقفوا عنجهية الحكومة"، وحملت الرسالة صورة لراجمة صواريخ يكشف عنها القسام للمرة الأولى.
وفي أعقاب رسائل القسام اكتظ الاعلام العبري بالحديث عنها وتحليل مضمونها، ونقل التصريحات (الإسرائيلية) الناقمة على معادلة القسام التي فرضها في وجه حكومة الاحتلال، وتساءلوا عن صمت نتنياهو الذي يقف خلفه الخوف من الفشل المعتاد في أي مع القسام.
واتفق محللون سياسيون، على أن رسائل القسام تهدف إلى تغير الواقع الذي تحاول فرضه (إسرائيل) على الساحة الفلسطينية خصوصا في قطاع غزة، وتأتي لتحريك عدد من الملفات التي تسعى القيادة السياسية (الإسرائيلية) إلى إبقائها مغلقة.
بدوره؛ أكد مأمون أبو عامر المختص في الشأن الإسرائيلي، أن رسالة القسام التي نشرها للجندي الأسير شاؤول أرون، تأتي تأكيدا ودليلا على إدارة الكتائب هذا الملف بالصورة التي تراها مناسبة ولائقة بمثل هذه القضية الحساسة.
وأوضح أبو عامر في حديثه لـ "الرسالة نت"، أن القسام يمارس عملية ضغط وتحدٍ لحكومة الاحتلال التي تحاول تعتيم ملف الأسرى على المجتمع (الإسرائيلي)، "إلا أن هذه الرسائل تعد المحرك الوحيد للرأي العام كونه المؤثر الأبرز والوحيد على قرارها السياسي".
وكشف عن مفاوضات تُجرى لفتح ملف جنود الاحتلال الأسرى في غزة، إلا أنه لا يمكن معرفة مصيرهم دون ثمن، في الوقت الذي تحاول فيه (إسرائيل) أن تدير الملف من جانبها متجاهلة الطرف الآخر، ما جعل القسام يمارس أدوات عملية بعملية الصراع قادرة على خلق صداع في رأس الحكومة (الإسرائيلية) وتجرها إلى ملعبه.
واتفق حسام الدجني المحلل السياسي مع أبو عامر، بعد تأكيده على أن الصورة التي نشرها القسام للجندي أرون، تأتي لتحريك ملف التبادل مع الاحتلال، والذهاب إلى صفقة جديدة وفق الشروط التي يحددها بعد أن اعتاد على هذه الرسائل بأشكالها المختلفة.
وبيّن الدجني أن رسالة القسام تعد أكثر وضوحا عن سابقتها وتقول بشكل مباشر إن الجندي أرون حي، بعد أن حملت مضمون أنه لن يرى النور أو الحرية، وهذا يشكل ضغطا كبيرا على قادة (إسرائيل) السياسية من داخل المجتمع الذي سيطالب بالكشف عن مصير أرون وغيره من الجنود المأسورين لدى كتائب القسام.
أما فيما يتعلق برسالة القسام العسكرية الثانية، والتي حملت تحذيرا لحكومة الاحتلال والتي أتت في أعقاب الهجمات (الإسرائيلية) على غزة باستهدافها نقاط رصد للمقاومة، وإطلاق النار على المتظاهرين، يوضح ذو الفقار سيرجيو المحلل السياسي بأنها حملت عدة ثلاثة رسائل.
وبحسب سيرجيو، فإن أولى رسائل القسام، كانت بأنه في حال ارتكبتم أي حماقة خلال ساعات الليل كما المعتاد، سيكون الرد قويا جدا وقاس، والثانية من خلال صورة الصواريخ والخارطة، أي أن هذه الصواريخ التي تظهر قادرة على الصول إلى أي مكان في الخارطة.
أما الرسالة الثالثة فإنها توحي بأن القسام مستعد لدخول الحرب، وستكون مؤلمة للجميع وستقسط الصواريخ كما السيمفونية الصاخبة، إذا ما استمر قطاع غزة بظروف صعبة ولم تعد تطاق، جراء سياسية عنجهية حكومة الاحتلال.
ولم سيتبعد سيرجيو، الدخول في حرب طاحنة إذا لم يكن عقلاء في القيادة السياسية للاحتلال تجيد قراءة المشهد على الجبهتين الشمالية والجنوبية، مؤكدا على ضرورة التدخل الفوري لوقف عنجهية الاحتلال واجباره على رفع الحصار عن قطاع غزة.
أما أبو عامر، فاستبعد أن تتدحرج كرة اللهب إلى حرب شاملة، بعد وعي المقاومة الفلسطينية والاحتلال بخطورتها وقوتها، إلا أنه الوضع المعيشي الصعب في غزة، لا يمكن أن يبقى دون أن ينعكس على المجتمع (الإسرائيلي).
ويؤكد أبو عامر أن الرسالة الأبرز من تحذير القسام، حملها إلى الجمهور (الإسرائيلي)، بمضمون أن المقاومة بغزة لديها القدرة والامكانيات لوقف سياسة حكومتكم العنجهية.