غزة –الرسالة نت
مع غروب شمس يوم الأربعاء الماضي غاب الشاب محمود أبو طير في العشرينات عن الحياة بعد مأساة استمرت لساعات على شاطئ بحر خان يونس.
فقد انتهت رحلة استجمام مجموعة من الشبان في استراحة الغروب إلى قصة بحث عن جثمان الشاب أبو طير تحت زرقة مياه البحر بعدما شاهده احدهم وهو يصارع الأمواج قبل أن تختفي آثاره.
وتمكن احد رفاق محمود النجاة من الغرق لكنه خرج يصارع الرمال وهو يبكي وينتحب صديقه وسط تجمع للمصطافين على شاطئ البحر الذين تأثروا بالمشهد
.وتحولت رحلة البحث عن جسد محمود إلى مغامرة لبعض المنقذين الذين لا يملكون من الإمكانيات سوى السباحة التي أصبحت متعذرة مع حلول الظلام.
وتكشف حالة مأساة الشاب محمود والعشرات أمثاله الذين يبتلعهم بحر غزة في كل موسم ضعف الإمكانيات سواء لدى المنقذين أو الدفاع المدني.
ويعتبر شاطئ البحر المتنفس الوحيد للغزين خصوصا في ظل الحصار المضروب عليهم منذ نحو اربعة أعوام.
وخلال البحث عن الشاب المفقود حاول بائع "ترمس ومهلبية" متجول على مركبة من نوع "تراكترون" المساهمة في البحث عندما أنار أضواء المركبة باتجاه مياه الشاطئ التي كان التي كان يقوم بتمشيطها عددا من المنقذين والمتطوعين.
ويشتكي العاملون في مجال الإنقاذ البحري من نقص الإمكانيات وضعف المكافآت المالية في ظل عملهم الموسمي الذي يتوقف خلال فصل الشتاء.
ومع مرور الوقت تضاءلت فرص العثور على الشاب المفقود إلا أن المحاولات تجددت مع تدخل جهاز الدفاع المدني الذي لم يملك أيضا سوى كشافات إضاءة ليلية على سيارة تابعة له إضافة إلى بعض المنقذين الذين شاركوا في البحث عن الغريق.
وانتقد بعض المواطنين الذي تجمعوا في المكان ضعف وسائل الإنقاذ وقال الشاب مصطفي محمود 18 عاما لم نشاهد أي زورق للإنقاذ وفقط محاولات ضعيفة من قبل بعض المنقذين.
وأظهر تقرير صدر عن إدارة العمليات في الدفاع المدني التابع لوزارة الداخلية في غزة إلى، أن فرق الإنقاذ البحري المنتشرة على شاطئ قطاع غزة أنقذت الأسبوع الماضي (285) حالة غرق في محافظات قطاع غزة، ولم يبلغ عن حالات وفاة.
في حين تشير إحصائية لنفس الجهة الى وفاة 3 مواطنين غرقا منذ بداية الموسم وإنقاذ 970 حالة .
ويقول العقيد يوسف الزهار مدير الدفاع المدني في تصريح لـ"الرسالة نت " أنهم يقومون منذ موسم صيف عام 2008 بكل الإجراءات اللازمة لتطوير أداء الإنقاذ البحري، مشيراً إلى أن طواقم الإنقاذ تعمل يومياً من الساعة 8 صباحاً وحتى 8 مساءاً لتفادي حدوث حالات غرق.
ولفت إلى تعاون الدفاع المدني مع وزارة العمل من خلال توفير 100 منقذ بحري يعملون صيف هذا العام على بند البطالة، مستطرداً:"تم نشر المنقذين على كافة شواطئ قطاع غزة باستثناء المنطقة الواقعة بين ميناء غزة وحدود بلدية الزهراء لإشراف بلدية غزة عليها".
وبالنسبة لعمليات إسعاف الحالات التي تتعرض للغرق، نوه الزهار أن طواقم الدفاع المدني تقوم بكامل فعاليات الإنقاذ البحري دون مساعدة من الطواقم الطبية.
يذكر ان الاحتلال يمنع بسبب الحصار إدخال أي معدات او وسائل للإنقاذ البحري ويعتبرها من ضمن سلسلة القائمة السوداء التي يمكن ان تستخدمها المقاومة ضده
لكن الأرقام الأخيرة في الإحصائية التي قدمها الدفاع المدني لا تشمل حالة الشاب أبو طير ..فبعد نحو 3 ساعات من البحث في المنطقة البحرية التي شوهد آخر مرة يسبح فيها تم انتشال جسد الشاب.. ووسط تكبيرات المصطافين المتجمهرين في المكان حاولت أطقم الإسعاف والدفاع المدني تقديم الإسعافات الأولية, حيث اخرجوا كميات من الماء المتجمعة في صدره.
وهرعت سيارة الإسعاف بالشاب الغريق إلى مستشفى ناصر في محاولة لإنقاذ حياته ، لكن الفترة الزمنية الطويلة التي أمضاها محمود وهو يصارع الموت على شاطئ خان يونس كانت كفيلة ان تفشل محاولات الأطباء في قسم الاستقبال حيث أعلن عن وفاته .
و كان خبر الوفاة ثقيل على نفسيات المصطافين الذي عاشوا لساعات وهم يراقبون عمليات الإنقاذ البدائية وكانوا يأملون ان ننتهي رحلتهم بنجاة محمود بعدما عثر المنقذين على جسده.وقد عبر الأطفال الذي تواجدوا في استراحة الغروب عن خشيتهم النزول للبحر في المرات القادمة , وقال الطفل بهاء خريس 9 سنوات : لن أسبح في البحر كي لا يحدث معي كما حدث مع الغريق"
وقررت الطفلة لمى ابراهيم 10 سنوات أن تكتفي بالجلوس على الشاطئ ومداعبة مياه البحر بأطراف قدمها كي لا يخطفها كما خطف محمود.