قائد الطوفان قائد الطوفان

القدس في 2018.. التهويد على أشده بغطاء أمريكي

ارشيفية
ارشيفية

غزة-محمود فودة

كانت المدينة المقدسة على موعد مع أسوأ أيامها العام المنصرم حين أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عاصمة لـ(إسرائيل)، دون أن يستطيع أهلها المنتشرون في الوطن العربي والإسلامي من إيقاف ذلك القرار، مما يعزز القلق على مصيرها في العام الجديد.

ومما يعزز القلق على مصير القدس في عام 2018، ما حذّر منه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قبل أيام، عن وجود عروض أميركية "خطيرة" تستهدف القدس والقضية الفلسطينية، مشيراً إلى امتلاك حركته معلومات عن عروض أميركية على الجانب الفلسطيني ومن له علاقة بالقضية بـ"إقامة عاصمة في منطقة أبو ديس بعيداً عن القدس".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية كشفت، بداية الشهر الأخير من العام المنصرم، عن خطة سعودية لـ"السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قدّمها ولي العهد، محمد بن سلمان، لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تتضمن أن تصبح أبو ديس، إحدى ضواحي القدس المحتلة، عاصمة للدولة الفلسطينية.

وقال هنية إن "المعروض هو جسر يربط بين أبو ديس والمسجد الأقصى يسمح بحرية الحركة إلى الأقصى، وتقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام، وإيجاد كيان سياسي بغزة يأخذ بعض الامتيازات"، مضيفا أنّ التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن "مشروع القدس الكبرى"، وإنشاء وحدات استيطانية جديدة بالضفة، ويهودية الدولة، وفرض القانون الإسرائيلي على الضفة المحتلة، مؤشرات تكشف عن طبيعة القرار الأميركي.

وفي المشهد الميداني قال الدكتور جمال عمرو المختص في شؤون القدس إن (إسرائيل) تسارع الخطى صوب محو أي معالم عربية في الجزء الشرقي من القدس، بعد أن أنهت ذلك في الجزء الغربي، مما يعني أننا سنكون خلال الفترة المقبلة أمام القدس العربية لكن بثوب (إسرائيلي) لا تختلف فيه عن بقية المدن المحتلة.

وأوضح عمرو في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن التهويد على أشده في القدس والبلدة القديمة، والمسجد الأقصى، من خلال الاستعدادات القائمة لإحداث تغييرات جوهرية في المناطق كلها، في ظل حالة الصمت العربي والإسلامي "المخزي" –وفق قوله-، مؤكدا في الوقت نفسه على أن عدم إجبار ترمب على التراجع عن قراره، سيدفعه لاتخاذ المزيد من القرارات وقد تكون بمشاركة عربية في مرحلة لاحقة.

من جهته قال أحمد عودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس إن قرار ترمب بشأن القدس لم يتم بدون موافقة ضمنية عربية وأطراف فاعلة في المنظومة الدولية، وعليه قد نشهد قرارات جديدة سواء من أمريكا أو دولة الاحتلال ذات نفسها، بما يزيد من التغير المستمر في المشهد المقدسي.

وأوضح عودة في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن ردة فعل الشارع الفلسطيني والعربي توحي بتشكيل سد منيع أمام محاولات أمريكا و(إسرائيل)" لفرض أمر واقع سياسي بعد أن فرضته ميدانيا بتهويدها الكامل للقدس، داعيا القيادة الفلسطينية إلى التوحد خلف استراتيجية تحول دون استكمال أمريكا لمخططاتها السياسية المهلكة للحقوق الفلسطينية.

وأشار إلى أن الرهان الوحيد بات يرتكز على المنتفضين في القدس والضفة وغزة، والذين يشكلون هاجسا لـ(إسرائيل) طالما استمروا في الشارع، وذلك بعد أن اختفى ملف القدس عن الطاولة العربية والإسلامية في ظل الانشغال بقضايا جانبية أخرى.

وأوضح أن المشهد يتطلب تغييرا في تعامل قيادة السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال تعديل المفاهيم والمعادلات، ففي الوقت الذي لا يعترف الاحتلال بالجزء الشرقي للقدس عاصمة لفلسطين كما تنص كافة القرارات الدولية، فيجب على الفلسطينيين رفع السقف والحديث عن الأحقية بمدن الداخل المحتل كحيفا ويافا ووجوب إنهاء احتلالها فورا.

 واتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة بير زيت عبد الستار قاسم مع سابقه على أن ما ينتظر القدس أخطر مما مضى، مما يستوجب توحدا فلسطينيا في أقرب فرصة، وإلغاء الخطوط القديمة التي كانت تتعامل بها قيادة السلطة مع ملفات القضية الفلسطينية كلها وليس ملف القدس وحسب.

وبيّن قاسم لـ "الرسالة" أن المشهد العربي والإقليمي يشجع الإدارة الأمريكي على مواصلة طريقها في فرض الخطة الجديدة للتسوية في المنطقة، والتي تمسح شيء اسمه الحق الفلسطيني، في مقابل توفير مظلة قوية إلى (إسرائيل)" لاستكمال إجراءاتها التهويدية في القدس، واستكمال مشاريع الاستيطان في الضفة.

وأكد أن المرحلة المقبلة من الصراع تختلف عن سابقاتها، وتتطلب مواقف فلسطينية بالدرجة الأولى أكثر جرأة وقوة من ذي قبل، ومع غياب القيادة العربية والإسلامية ذات الثقل السياسي اللازم لمواجهة عنجهية الإدارة الأمريكية و(الإسرائيلية) يبقى الرهان على الفلسطينيين فحسب، ويزيد من ثقل المسؤولية عليهم في مواجهة الاحتلال خلال الفترة المقبلة.

 

البث المباشر