قائمة الموقع

الأسيرة "الجعابيص" تخفي حروقها عن طفلها برداء "النمر نموش"

2018-01-01T22:05:19+02:00
الأسيرة الجعابيص
الرسالة نت - ياسمين عنبر

في زنزانة ضيقة بسجن الشارون، تحلقت الأسيرات كي يصنعن ثوبًا يحاكي رداء الشخصية الكرتونية "النمر نموش" بلونه الأصفر المرقط بدوائر سوداء، بعد أن طلبته منهن الأسيرة المقدسية "إسراء الجعابيص" كي ترتديه في أول زيارة لابنها "معتصم" لها.

حيث لم يكن طلب "الجعابيص" كما قد يخطر على بال السامع بقصة "النمر نموش" لأجل التسلية أو لأجل اللعب مع ابنها، لكنه كان تحايلًا على طفلها ذي التسع سنوات، كي لا يصدم بشكل وجهها وأصابعها المقطوعة بعد إصابتها بحروق بلغت نسبة كبيرة في جسدها.

ففي الحادي عشر من أكتوبر عام 2015، تعرضت الثلاثينية "الجعابيص" لحادث سير، أدى إلى انفجار في سيارتها، ولقربها من حاجز احتلالي على مداخل القدس، أصر الاحتلال على أنها محاولة لعملية تفجير للمركبة على الحاجز، والذي كان يبعد عن مكان الحادث أكثر من 500 متر.

تلمست "الرسالة" وجع العائلة المكلومة، التي تئن مع كل زيارة لابنتهم، ومع كل "آخ" تطلقها إسراء لشدة أوجاعها فيصلهم صداها من زنزانتها، تقول شقيقة الأسيرة "منى الجعابيص": "إسراء تحتاج إلى عدة عمليات ونحن لا نطالب بشيء غير إخراجها من السجن لنعالجها".

تصمت "منى" كثيرًا أثناء حديثها، ولم تستطع جمع حروفها لتصف حالة "الجعابيص" في زنزانتها، حيث لم تستطع القيام بأقل الأعمال اليومية، وراحت تحكي عن تفاصيل زيارة "معتصم" لأمه حين كانت ترتدي "ثوبًا" تداري به تشوهاتها، بعد رفض الاحتلال لعلاجها.

فحين قررت "الجعابيص" ألا تري ابنها حروقها، لم تكن تدرك أنه قد كبر كثيرًا بعد غيابها، ليفاجأ الجميع عند خروجها إلى قاعة الزيارة، بطلب "معتصم" خلع هذا الرداء، والذي كان عبارة عن وجه نمر وأذنين وكفوف لليدين صنعتها الأسيرات من قطعة ملابس، وقال: "ارفعي هاد اللي لبساه أنا بحب أشوف وجهك وايديك ليش تغطيهم".

أجواء الزنزانة بحرها وزمهريها، لم تناسب "الجعابيص" مع شدة الحروق التي أصابتها يوم اعتقالها، تقول منى: "لم أتخيل كيف تستطيع إسراء أن تتحمل ظلمة السجن ووجع الحروق مع عدم تقديم علاج لها".

تعود "منى" بذاكرتها إلى يوم المحكمة حين رأوها لأول مرة، بعد فترة كبيرة من منع الزيارة، تسترسل: "صاعقة أصابتنا حين رأينا إسراء على كرسي متحرك تجره المجندة حيث لا تقوى على المشي، وحروق وجهها التي لم نستطع تمالك أنفسنا أمامها صدمتنا أيضًا".

ورغم أوضاعها الصحية الخطيرة التي تعرضت لها، والتي أدت إلى حروق في أكثر من 60 % من جسدها وبتر أصابع يديها، إلا أن الاحتلال عاملها "كإرهابية" حين أصدر عليها حكمًا بالسجن الفعلي "11 عامًا" بتهمة لم يرفقها بأي دليل على صحتها.

رحلة طويلة لم تكل العائلة من المضي فيها، حاولت خلالها انتزاع حق "الجعابيص" في العلاج، ومطالبات عدة تقدمت بها كان من بينها إدخال طبيب خاص لها في السجن على نفقة العائلة، رفضتها إدارة مصلحة السجون، إضافة إلى توجههم إلى مؤسسات حقوقية وصحية كانت تعد بالتدخل ولكن بلا جدوى حتى الآن.

حالة من العجز الكبير تعيشها العائلة بحسب شقيقتها، مضيفة: "مطلب العائلة بالعلاج لإسراء ليس من باب إجراء عمليات التجميل لها، بعد الحروق التي تعرضت لها، وإنما لتتمكن من الحياة بشكل طبيعي".

فمنذ أسرها لم تتمكن من الرؤية بوضوح بسبب الحروق في عينيها، كما تحتاج إلى عملية فصل أذنيها الملتصقتين في رأسها، عدا عن جلدها الملتهب طوال الوقت.

وتختم منى حديثها بتأكيدها على أن الاحتلال يستهدف إسراء بهذا الشكل كونها تحمل الهوية المقدسية، حيث ضاعف الحكم بحقها، ويصر على عدم تقديم العلاج لها، ومنع صغيرها من زيارتها بحجة أنه لا يحمل الهوية المقدسية.

اخبار ذات صلة