بتهديده بقطع المساعدات عن السلطة

ترامب يقود البيت الأبيض بنهج "السمسرة"

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

الرسالة نت-لميس الهمص

ينقلب الرئيس الأميركي بشكل كلي على سياسة الإدارة الأمريكية في كل الملفات، في سبيل دعم الاحتلال حتى لو كلف الأمر مخالفة القرارات الدولية، ونسف علاقاته بالكثير من الدول.

وقبل أن تستفيق قيادة السلطة الفلسطينية من صدمة قرار اعتبار القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، جاء تهديد ترمب بقطع المساعدات الأمريكية عن السلطة ومن قبلها وكالة الغوث.

ورغم تقنين أمريكا لمساعدتها للأراضي الفلسطينية منذ عدة أعوام إلا أنها تستدعي هذا الملف كلما رغبت في ابتزاز السلطة سياسيا وإجبارها على العودة للمفاوضات دون شروط أو قيود.

سياسة التهديد العلني للدول باتت من أساسيات التعامل لدى الإدارة الأمريكية استخدمتها في عدة مواقف مؤخرا وهي بحسب سياسيين تعزيزا للبلطجة والهيمنة الأمريكية.

غير مؤثرة

وكان الرئيس الأميركي قد هدد في تغريدة جديدة على تويتر بوقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، لأن الفلسطينيين لا يريدون الحديث عن السلام، حسب قوله.

وقال ترمب في تغريدته "نحن ندفع للفلسطينيين مئات ملايين الدولارات سنويا ولا ننال أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع (إسرائيل).

وأضاف "بما أن الفلسطينيين أصبحوا لا يريدون التفاوض على السلام، فلماذا ينبغي علينا أن ندفع لهم أيا من هذه المدفوعات المستقبلية الضخمة؟".

وفي وقت سابق، صرحت السفيرة الأميركية بالأمم المتحدة نيكي هيلي بأن الولايات المتحدة ستوقف مساهماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لإجبار الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات مع (إسرائيل).

وقالت للصحفيين رداً على سؤال بهذا الشأن: "إن الرئيس قال بشكل أساسي إنه لا يريد إعطاء أي تمويل إضافي إلى أن يوافق الفلسطينيون على العودة إلى طاولة المفاوضات". علما بأن الولايات المتحدة هي أكبر مانح للأونروا وفق ما تشير وكالة رويترز للأنباء.

ومن الجدير بالذكر أن أميركا قننت إلى حد كبير مساعداتها للسلطة الفلسطينية خلال الأعوام السابقة، قبل أن يتفق الجانبان الأميركي والفلسطيني على اعتماد مبلغ 200 مليون دولار سنوياً.

مراقبون اعتبروا أن تهديدات الإدارة الأمريكية فارغة المضمون لكونها أوقفت مساعدتها المباشرة للسلطة منذ قدوم الرئيس ترمب فيما يتحدث آخرون عن وقفها منذ عدة سنوات.

وبحسب تقارير سابقة لوزارة المالية الفلسطينية، فقد "بلغت قيمة مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية للسلطة الفلسطينية منذ عام 1994، ما قيمته 4.9 مليار دولار، بمتوسط نصف مليار دولار سنويا، لكن عام 2014 شهد وصول ما قيمته 100 مليون دولار فقط، وعام 2015 ما قيمته 35 مليون دولار، في حين حتى منتصف العام 2016 تلقت السلطة 15.5 مليون دولار أمريكي فقط.

بدوره، أكد الدكتور سمير عبد الله مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، أن الأموال الأمريكية مقطوعة رسمياً عن ميزانية السلطة منذ العام 2011م، مشيرا إلى أن أوباما أفرج عن 200 مليون دولار من الأموال المحجوزة ومن ثم ترمب قطعها.

وأوضح أن الإدارة الأمريكية تقصر دعمها على المشاريع التي أوقفت الكثير منها وما بقي لا يذكر ويقدر منذ العام 2011 بــ100 مليون دولار غالبيتها تعود للشركات الأمريكية.

ويعتبر عبد الله أن الابتزاز قائم منذ زمن لذا لن يؤثر وقف الدعم الأمريكي لا على التنمية ولا الاقتصاد الفلسطيني، مشيرا إلى إمكانية وصول مبالغ للأمن لكنها غير معلنة.

في السياق ذاته، قال الكاتب ياسين عز الدين: "إن المساعدات الأمريكية التي يهدد ترمب بقطعها عن السلطة تقدر بــ 50 مليون دولار سنويًا للأجهزة الأمنية (أي المستفيد الحقيقي هو الاحتلال).

وأضاف في تغريدة له: "حوالي 200 مليون دولار لمشاريع USAID وتذهب بشكل رئيسي لتأهيل الطرق، بالإضافة لمشاريع الفساد المقنع تحت مسمى مؤسسات الـNGOs، وهذه تم تقليصها ووقف صرفها منذ مجيء ترمب للرئاسة".

وعلى عكس ما يظن الكثير من الناس، فإن رواتب السلطة والمصروفات الجارية، لا تأتي من المساعدات الأمريكية والأوروبية، فمعظمها من الضرائب التي تفرض على المواطن الفلسطيني، وقسم بسيط منها مساعدات من السعودية والجزائر تحديدًا.

ابتزاز سياسي

وعلى الصعيد السياسي تهدف تهديدات ترمب بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الدكتور عثمان عثمان إلى ابتزاز السلطة، مشيرا إلى أنها عملية بلطجة وعدوان من خلال التفكير بأنه من خلال "التهديد سيشتري مقدسات".

ويضيف "الغريب أن الإدارة الأمريكية باتت تستخدم هذه السياسة بشكل سافر وصريح"، موضحا أن سياسة البزنس التي يتصرف وفقها ترمب قد تكون نافعة بسبب أثرها العكسي على مكانة أمريكا وتواجدها في العالم العربي والكثير من الملفات الفيصلية التي تحملها.

ويعتبر عثمان أنه من الضروري أن تستغل السلطة التهديد للبحث عن بدائل أخرى وإدارة الظهر لأمريكا لأنها لا يمكن ألا تستغني عن نفوذها في القضية الفلسطينية لأن ترمب سيُحمل مسؤولية أي ترجع للدور الأمريكي من قبل الطاقم الكونغرس خاصة بعد المتاعب التي تسبب بها في العراق وسوريا واليمن بسبب عقليته وسياسته.

واستبعد عثمان أن توافق السلطة على إملاءاته بسبب بضع المئات من الدولات، مشيرا إلى ضرورة أن تدفع الأحداث السلطة للتوافق والوحدة خاصة بعد إدراكها أن أمريكا لم تعد وسيطا نزيها، مبيناً أن السلطة لن تقدم على قتل نفسها أمام الشارع من خلال المتاجرة بسياسة ترمب التي لم تقدم شيئا حتى اللحظة "بل اخترقت بشكل سافر القرارات الدولية".

البث المباشر