قال رئيس تجمع المؤسسات الخيرية في قطاع غزة أحمد الكرد: "إن القطاع يمر بأسوأ أوضاعه الإنسانية منذ فرض الحصار (الإسرائيلي) على غزة قبل 12 عاما"، مبينا أن عشرات آلاف المواطنين باتوا في قوائم انتظار المعونات من الجمعيات الخيرية.
وأكد الكرد في حوار مع "الرسالة"، أن غزة باتت مقبلة على كارثة إنسانية تهدد كافة مناحي الحياة، في ظل ازدياد رقعة الحصار المفروض على غزة من حيث الفئات ليطال الموظفين الحكوميين التابعين لرام الله وغزة على حد سواء، وكذلك من حيث الأطراف المشاركة بعد فرض السلطة عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على القطاع، والإغلاق المصري شبه التام للمنفذ الوحيد نحو العالم والمتمثل بمعبر رفح البري جنوب قطاع غزة.
وكان تجمع المؤسسات الخيرية قد أطلق الخميس الماضي حملة "أنقذوا غزة" لتدارك الوضع الإنساني الصعب الذي وصله القطاع خلال الأشهر القليلة الماضية.
عشرات آلاف المواطنين على قوائم انتظار المعونات
وأوضح رئيس تجمع المؤسسات الخيرية، أن صعوبة الأوضاع الإنسانية طالت جميع القطاعات كالصحة والتعليم والبيئة والشؤون الاجتماعية بما فيها البطالة والفقر، ويضاف إليهم القطاع الزراعي الذي تدهورت أوضاعه في الأشهر القليلة الماضية، مشيرا إلى أن ما سبق يؤكد أن غزة باتت على حافة الكارثة الإنسانية.
وبيّن أن المؤسسات الخيرية التي تعمل منذ عشرات السنين في قطاع غزة باتت تجد نفسها عاجزة أمام العدد المهول من الحالات الإنسانية التي تحتاج الدعم الإغاثي بشكل عاجل، مستدركا بقوله: "إن الحصار المالي على الجمعيات يحول دون تقديم المساعدات للمحتاجين القدامى ولا تستطيع إضافة أسماء جديدة من فئات الموظفين والمتعطلين عن العمل".
حملة أنقذوا غزة
وعن تفاصيل حملة "أنقذوا غزة"، أوضح أن تجمع المؤسسات الخيرية استصرخ من خلالها جميع الأطراف التي تتابع المشهد في غزة بأنه بات من الضروري التحرك من أجل دعم القطاع وإنقاذ المواطنين فيه، وكذلك رسالة للمحاصرين بأن غزة باتت في مرحلة الكارثة، وعدم إنهاء الحصار يدفعها للانفجار في وجوههم، وهم الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى ومن ثم السلطة التي تفرض عقوباتها على غزة، وأي أطراف أخرى تشارك بالحصار.
وأشار إلى أن التجمع في حملته الحالية يخاطب الدول العربية والإسلامية والمنظمات المعنية بالعمل الإنساني بضرورة المسارعة في تقديم العون لغزة كي تستطيع تجاوز الأزمة الإنسانية الحالية، مبيناً أن الحملة حاليا في مرحلة النشر الإعلامي والترويج لها محليا وإقليميا ودوليا على كافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي المرحلة الثانية ستبدأ في إقامة فعاليات ميدانية أمام المؤسسات الدولية في غزة كالأمم المتحدة والصليب الأحمر، يتقدمها المواطنون المتضررون من اشتداد الحصار على غزة، وكذلك وقفة احتجاجية من العاملين في قطاع العمل الإنساني بغزة.
وأكد الكرد أن الحملة ستتوجه برسائل لكل المؤسسات الدولية والإنسانية والإسلامية والعربية للتحرك نحو إنقاذ غزة في أقرب وقت قبل وصولها مرحلة الكارثة الإنسانية.
ذروة الاحتياج
وعن حالة الوضع الإنسانية بغزة، قال الكرد إنه بفرض العقوبات من قبل السلطة واستمرار الحصار الإسرائيلي، فإن نسبة الفقر وصلت إلى 80 %، بينما نسبة الفقر المدقع تقارب 65 % جراء انضمام الموظفين إلى فئة المحتاجين للدعم في ظل عدم انتظام الرواتب والخصومات المالية عليها.
وكشف الكرد أن مليونا ونصف مليون فلسطيني في غزة يتلقون مساعدات إنسانية من كافة الأطراف العاملة بغزة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن القرار الأمريكي بتقليص الدعم المالي للأونروا سيزيد الأوضاع الإنسانية تعقيدا.
وأوضح أن معدلات البطالة أصبحت مخيفة في غزة بعد ارتفاع عدد المتعطلين عن العمل إلى ربع مليون مواطن، نصفهم من الشباب خريجي الجامعات، وعدد ليس بالقليل منهم حاصل على درجات عليا كالماجستير، ويضاف إليهم المئات في ظل حالة الركود الاقتصادي التي طالت المؤسسات التجارية كافة.
الموظفون انضموا إلى فئات المحتاجين للمعونات
وعن القطاع الصحي بغزة، أكد الكرد أن وزارة الصحة أبلغتهم بنفاد 230 صنفاً من الأدوية من مخازنها خلال الأسابيع الماضية، علاوة على أزمة مرضى السرطان الذين بلغ عددهم 13 ألف مريض بغزة، يحتاجون علاجا مكلفا ماديا، وغير متوفر في غزة.
وقال: "المريض يذهب للمستشفى لا يجد أبسط أنواع الأدوية والمستهلكات الطبية التي يحتاجها ويضطر لشرائها من الصيدليات الخارجية، وكذلك الضرر الناتج عن حجب التحويلات الطبية عن المرضى بغزة من قبل وزارة الصحة برام الله".
أطراف الحصار
وبيّن أن عجز الجمعيات الخيرية العاملة بغزة ناتج عن عدة عوامل تسببت بها أطراف كثيرة، وأهمها عدم استقبال البنوك للحوالات المالية المقدمة للعمل الإنساني، وإغلاق عدد من الحسابات التي تستخدمها المؤسسات لاستقبال الحوالات المالية من الخارج، فضلا عن منع عدة دول خارجية إرسال أي حوالات من مناطقها إلى قطاع غزة.
وذكر الكرد أن عدة جهات ودول تواصلوا خلال الفترة الماضية مع المؤسسات الخيرية بغزة بهدف إرسال معونات دعم وإغاثة للوضع الإنساني، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل في ظل الإجراءات الأمنية (الإسرائيلية) والإغلاق المصري لمعبر رفح.
عقبات الوصول لغزة تقف في طريق قوافل الإغاثة
كما أوضح أنه خلال جولته الخارجية الأخيرة لعدة دول، لمس رغبة كبيرة لدى المؤسسات والشعوب لدعم غزة، مبينا أن تركيا كانت بصدد إرسال سفينة إغاثة جديدة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي طلب منهم إرسال قائمة بالمواد التي سوف يتم إرسالها، ومن ثم وضع شرط أن يتم فحصها بشكل دقيق ومطول بعد وصولها إلى الميناء الإسرائيلي، مما يعيق طريق وصولها ويضر بالمواد المرسلة.
نتائج عكسية
وعن الوضع السياسي بغزة، قال الكرد: "إن المؤسسات الخيرية تأملت خيراً من المصالحة التي جرى الاتفاق عليها في أكتوبر الماضي بأن تفك القيود عن عملها، ويسمح لها باستلام الحوالات عبر البنوك كما كان العمل سابقاً".
وقال: "جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن إذ كانت النتائج عكسية، والحصار ازداد مع المصالحة، والعقوبات التي فرضها عباس أدت إلى شلل تام في اقتصاد غزة، وضاقت أحوال الموظفين بشكل غير مسبوق، وكذلك بإضافة الضرائب على كاهل المواطنين والتجار بشكل جنوني". وأضاف أن المؤسسات تجدد مطالبتها بضرورة إبعاد الوضع الإنساني بجميع جوانبه عن التجاذب السياسي بين الفصائل.
غزة باتت على حافة الكارثة الإنسانية الحقيقية
وعن حملات التكافل الاجتماعي الداخلية بغزة، أكد الكرد أنه في ظل اشتداد الحصار ارتفعت درجة التكافل الداخلي في قطاع غزة بشكل ملفت عن بقية المراحل السابقة، مؤكدا أن لها أثرا إيجابيا بتخفيف حدة تدهور الوضع الإنساني بغزة.
في نهاية حديثه، قال الكرد: "إن الجمعيات الخيرية تأمل أن تجد حملتها التي تمثل صرخة إنسانية استجابة محلياً وعربياً ودولياً"، محذراً في الوقت نفسه من أن غزة "إذا انفجرت ستصيب الجميع"، مضيفاً أن "غزة تستحق حياة كريمة ويجب أن يقف الجميع تقديراً لها لا أن تعاقب بهذه الأساليب".