قائمة الموقع

الانتخابات الرئاسية "تُعري" الأحزاب بمصر

2018-01-29T16:45:17+02:00
صورة ارشيفية
الرسالة نت - وكالات

أكثر من 100 حزب سياسي في مصر، وفق تقديرات شبه رسمية، لم تستطع أي منها تهيئة نفسها لتقديم مرشح جاد يستطيع خوض سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة أمام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

حتى حزب الوفد الليبرالي، الذي تطوع رئيسه، رغم تأييده للسيسي، لخوض سباق الرئاسة، عاد في اللحظات الأخيرة إلى رفض الخيار وتجديد تأييد الرئيس المصري.

وفي أحاديث منفصلة للأناضول، حمّل دبلوماسي مصري سابق النظام الحاكم مسؤولية ضعف الأحزاب السياسية لما أسماه "الأسلوب الأمني" للحكم والتجريف السياسي منذ أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك (2011:1981)، فيما اعتبر خبير سياسي مصري أن المسؤولية مشتركة بين الأحزاب والسلطة وجاءت الانتخابات الرئاسية لتعرية الجانبين.

ومع قرب غلق باب الترشح، الاثنين، لرئاسيات البلاد المقررة في مارس/آذار المقبل، وتراجع كل من المحامي الحقوقي، خالد علي، والسياسي أنور السادات، والفريق أحمد شفيق، والبرلماني مرتضي منصور واستبعاد رئيس الأركان الأسبق ، سامي عنان، من خوض سباق الرئاسيات اصبحت الساحة خالية أمام مرشح واحد، الرئيس الحالي.

ومن المتوقع ان يتقدم اليوم لاحقا رئيس حزب صغير، الغد، موسى مصطفى، بأوراق ترشحه لرئاسة مصر رغم اعلانه من قبل تاييده للسيسي، وهو ما يدفع متابعون للشان المصري لاعتباره مرشح غير جدي.

"الوطني" و"الحرية والعدالة"

وقبل ثورة 25 يناير/ كانون ثان 2011، كان يهيمن الحزب الوطني (الحاكم حينها) المنحل حاليا على الحياة السياسية وداعما رئيسيا لمبارك إلا في برلمان 2005 الذي حصل فيه أعضاء جماعة الإخوان على أعلى نسبة في تاريخ مشاركتهم بـ 88 نائبًا من إجمالي 464 عضوا ( حوالي 19 بالمائة من المقاعد) ضمن 6 أحزاب أخرى.

وخاض في 2005 رئيس حزب الغد الليبرالي، أيمن نور انتخابات الرئاسة آنذاك، وهي أول انتخابات تجرى بواسطة الاقتراع المباشر وجاء في المركز الثاني في النتائج النهائية للانتخابات بعد عقود من الاستفتاء.

وعقب ثورة يناير/كانون ثان 2011، تأسست أحزاب مصرية جديدة منها حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان)، كما ظهر دور نشط للأحزاب، وقدمت ودعمت مرشحين في رئاسيات 2012، والتي أسفرت عن فوز محمد مرسي، في يونيو/ حزيران من العام ذاته، كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا.

 

وفي برلمان 2012، سيطر حزب الحرية والعدالة المنحل حاليا بـ 222 نائبًا وحل حزب النور (إسلامي) بـ 112 نائبًا والوفد ثالثًا بـ 39 نائبًا بمشاركة 26 حزبا.

وفي برلمان 2015، بلغ عدد الأحزاب السياسية الممثلة بمجلس النواب، 19 حزبا، تصدرها حزب "المصريين الأحرار" (ليبرالي) بـ 65 عضوا، و"مستقبل وطن" (ليبرالي) بـ 52 عضوا، والوفد بـ 42 نائبًا.

تجريف سياسي وقبضة أمنية

الدبلوماسي المصري السابق، معصوم مرزوق، وهو قيادي بحزب "تيار الكرامة" (يساري معارض)، يقول إن هناك أسبابًا تتعلق بشكل وأسلوب السلطة السياسية الحاكمة وأخرى تتعلق بالأحزاب نفسها.

ويوضح مرزوق للأناضول قائلا: "طريقة الحكم عبر قبضة أمنية لا تخلق جوًا من المنافسة، فالأحزاب لا تستطيع الاتصال بالقواعد الجماهيرية، ولا تجد منفذًا لوسائل الإعلام لعرض برامجها فكيف لها أن تعبر عن نفسها وأن تضم لصفوفها أعضاءً جدد؟".

ويضيف: "وما يتعلق بالأحزاب فإن نشأة غالبيتها كانت في مرحلة التجريف السياسي الكامل في زمن مبارك، فلم تجد ممارسة صحية حقيقية للعمل الحزبي المنضبط".

 

ويشير إلى أن هناك "مطاردة" لممارسي العمل السياسي، دائما "هناك اتهامات بالخيانة والعمالة وتلقي التمويلات الخارجية"، وكان أحدثها المشهد الحالي، "فهناك مرشحون خافوا الدخول من الاتهامات وتشويه سمعة واغتيال معنوي عبر وسائل إعلام عبئت بالكامل لصالح النظام".

ويعتبر الدبلوماسي الأسبق أن مصر عاشت عامين بعد ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011 "كانا بداية التنفس الشعب المصري وشعوره بأن هناك أملا في أن تكون ديمقراطية وتعددية حقيقية وللأسف تم إجهاض هذا الأمل مؤقتا".

ولم يتسن الحصول على تعليقات فورية من السلطات المصرية حول هذه الاتهامات، غير أنها عادة ما تنفيها وتقول إن البلاد تنعهم بحريات التعبير والرأي وتواجه إرهابا كبيرا.

"تعرية" الأحزاب والسلطة

عاطف سعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، يقول إن السمة العامة للأحزاب المصرية منذ فترة طويلة هي هامشية التأثير في المشهد السياسي بشكل عام والمشهد الانتخابي تحديدا.

ويضيف، في حديث للأناضول، أن الأجواء الانتخابية الرئاسية الحالية انتزعت ورقة التوت عن الأحزاب التي لم يكن لها أي وجود أيضًا في انتخابات 2014 وكذلك السلطة التي ساهمت في هذه الحالة.

ويتابع: "انتخابات 2012 كان لها تواجد معقول جراء الزخم الذي أحدثته ثورة يناير لكن على مدار فترة مبارك، لم يكن لها أي تواجد".

ويشير إلى أن مسؤولية ضعف الأحزاب مشتركة جزء منها يرتبط بالدولة وآخر تتحمله هي نفسها، الدولة عبر تقييد العمل الحزبي سواء قانونيا أو دستوريا كما كان يفعل مبارك أو أمنيا كما يحدث من جانب النظام الحالي.

قبل أن يستدرك: "لكن هذا لا يمنع أن الأحزاب غالبيتها كرتونية دون وجود حقيقي على الأرض، أو برامج عملية تعبر عن طبقات المجتمع المصري".

ويكمل: "لا توجد بها آلية ديمقراطية في صنع القرار، تدمرها الصراعات والانشقاقات، غالبيتها أحزاب زعامات فردية ليس لها لوائح، فتسقط بغياب الفرد المؤسس".

ويلفت إلى أن "الحياة السياسية فرغت من مضمونها وظهر جليا في الانتخابات الرئاسية الحالية، لم نعد نتحدث عن معركة انتخابية ، أصبحنا نبحث عن مرشح حتى نكمل الصورة الديمقراطية".

تصويب المسار

ويرفض أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، اتهامات الأحزاب للدولة بالتضييق، لافتا إلى أن الأحزاب نفسها تعاني من أمراض هيكلية بنيوية.

ويضيف فهمي، للأناضول، أنه عقب ثورة 25 يناير أنشئت عشرات الأحزاب اتسمت بالضعف لعدة أسبابمنها انها طرحت برامج واحدة لا تقدم جديدا.

ويشير إلى أن جزءًا من سبب ضعف الحياة السياسية غياب الكوادر والتنشئة السياسية وعدم وجود مصادر تمويل مباشرة ودخول رجال المال والأعمال فأفسدوا الأحزاب وأحدثوا الانقسامات بداخلها.

ويلفت إلى أن الأحزاب ليس لديها ما تقدمه في ظل برامج نظرية وعدم وجود رؤية فلم يشعر المواطن أن هناك معارضة تشكلت بصورة أو بأخرى.

ولتصويب المسار، يقترح الأكاديمي المصري أن يمنح الحزب أو التكتل فترة للمشاركة في العملية السياسية إن لم يحوز نسبة معقولة في الانتخابات النيابية يشطب.

كما يقترح فهمي أن تندمج الاحزاب ضمن برامج سياسية واحدة حتى تستطيع إقامة تكتلات لها ثقلها.

ويرفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن يكون له حزبا سياسيا، وفي حال لم يظهر مرشح جديد سيكون السيسي بحاجة إلى "5% فقط من إجمالي عدد الناخبين، أي ما يعادل 3 ملايين صوت للفوز، وإن لم يحصل على هذه النسبة "تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخرى، بحسب قانون الانتخابات.

اخبار ذات صلة