"علي: قصة رجل مستقيم": عن رجال غيبهم التاريخ وضاعوا في متاهات الإهمال

رواية
رواية

http://www.alghad.com

 وصلت رواية "علي: قصة رجل مستقيم" لحسين ياسين من فلسطين المحتلة، إلى القائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر".

 

رواية "علي" الصادرة عن دار الرعاة للدراسات والنشر في رام الله وجسور ثقافية للنشر والتوزيع في عمان، جاءت في 320 صفحة، وهي الثالثة، بعد "مصابيح الدجى" و"ضحى"، في مشروعه الثقافي "مسلسل الفقد الفلسطيني".

الرواية التي حمل غلافها لوحة  الفنان الفلسطيني سليمان منصور وهي بعنوان "نغم حزين"، تحكي قصة المتطوعين العرب الفلسطينيين في الحرب الإسبانية بين أعوام 36 – 1939، أبطال الرواية هم رجال مستقيمون غيبهم التاريخ فضاعوا في متاهات الإهمال وعلى شواطئ النسيان.

 

تتحدث الرواية عن "علي عبد الخالق"، المناضل الفلسطيني اليساري الذي تطوع في العام 1937 للقتال في صفوف الجمهوريين الإسبان ضد الجنرال "فرانكو" ويعثر عليه في إحدى المقابر المخصصة للمقاتلين الأجانب، حيث استشهد وهو في السابعة والثلاثين يوم 17/3/1938 ودفن في هذه المقبرة في 1/4/1938.

 

يقول الروائي في كلمة "شكر"، إنه تعرف على "علي عبد الخالق"، خلال مقالة مترجمة للمؤرخ الألماني "غرهرد هارب"، وهو عميد كلية التاريخ في جامعة لايبتسك يتحدث عن فلسطيني تطوع، مع زميله فوزي صبري النابلسي، للدفاع عن الجمهورية الإسبانية، كلاهما سقطا في الجبهة ودفنا في الأرض الإسبانية.

 

ويضيف ياسين أنه بقى خمسة اعوام وهو يتتبع في كتب الأدب والتاريخ العربي، اخبار "علي عبد الخالق"، عند كبار السن والمثقفين وقدامى الحزب الشيوعي الفلسطيني، وفي ارشفة الحزب... وعلى لساني سؤال واحد "هل سمعتم عن عرب فلسطينيين تطوعوا لمحاربة الفاشية في الحرب الإسبانية بين أعوام 1936-1939؟" لا شيء بعد ثلاثة اعوام ظهر في السيرة الذاتية لنجاتي صدقي: "علي عبد الخالق، عامل زراعي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني، تطوع للحرب الإسبانية، سقط ودفن هناك".

 

وفي كلمة على الغلاف جاء فيها "كانوا خمسة! خمسة رجال، احلامهم كبيرة وأمانيهم عظيمة وطموحات سقفها سماء، خمس زنابق فواحة باسقة اشرأبت من ضفاف سواقي الوهن والضياع وانكماش الغدير، امتشقوا بنادقهم يقاتلون من أجل سلامة البيت وعدم تمزقه من قبل صيارفة جاءوا من الغرب، يتداولوا مصير البلاد... مطاردين مشردين من البيت، من المحراث والحقل ومن أحضان خلانهم.

 

على باب الردى يقفون، منتصبي القامة يقفون. إن شاهدتهم! أبصرت حزما أبكما يتعمم بكوفية مرقطة: فوق الكتف بندقية وفي الوسط حزام الطلقات، خمسة مستقيمين، من خيرة ابناء الإنسانية المناضلة، قادتهم مبادئهم إلى ساحة الشرف، إلى اسبانيا المناضلة ضد الفاشية والنازية وكل موبوقات الرأسمالية هم: "علي، وهو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني، جاء من سجن عكا، مباشرة إلى الحرب الإسبانية، سقط في جبهة مدريد "طروال"، جرت له جنازة عسكرية مهيبة، مجد لا يناله كل محارب، الثاني فوزي صبر النابلسي... نجاتي صدقي.. الرابع، نجيب يوسف.. ككل المهجرين الفلسطينيين جميعهم دفنوا خارج الوطن، الخامس مليح الخروف، وحده، عاد مستللا متخفيا إلى حبيبته القدس".

 

وتحت عنوان "على عتبة النص"، وعلى لسان "علي" بطل الرواية :"أصعد على سلم السفينة، في طريقي إلى إسبانيا، لم تلوح لي أيدي (جموع المودعين)، ولا شهقة الأحبة ولا لهفة الأهل!

أتطوع للحرب الأممية في إسبانيا، فلا يظنن أحد أنني أفعل ذلك هربا من النضال القاسي الذي يخوضه شعبي الآن...

 

... أنا في طريقي إلى الجبهة، للحرب رهبة وقسوة، في الحرب أنت قاتل أو مقتول. من يدري، ربما أكون قاتلا ومقتولا.

هل أموت بعيدا عن الأهل والأحبة، خارج الوطن؟

هل يكون لي ضريح أم أبقى "ضريح الجندي المجهول؟".

أكابر وأتشجع (من لا يستألف الخطر يعيش خائفا).

 

تنثال الذكريات..

أرنو إلى حيفا وبيوتها الجميلة تنزلق على سفح الجبل. تتدثر بين الشجر. بدت لي بيوت المدينة كأهرامات قاعدتها في البحر.

أنظر إلى البحر محملقا في أعماقه الزرقاء الداكنة. قوارب صغير فوقها بحارة يجدفون نحو الشاطئ، بهمة قوية، وقد عادوا باللؤلؤ والمرجان وحكايات جميلة، وآخرون منهكون عادوا بأوجاع الخيبة وأحزانها

أرنو إلى خليج ينبسط نصف دائري. في طرفه البعيد مدينة عكا.

 

بين حيفا وعكا يتيه النظر والتاريخ: بحارة فينيقيون، غزاة هللينيون ورومان، صليبيون، وقراصنة مالطة، أتراك، ومراكب تجار البندقية، ظاهر العمر والجزار، نابليون حيث (ضاعت أحلامه)".

البث المباشر