لماذا وجب رحيل عباس الآن؟ سؤال طرحته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية منذ أيام، ومن قبلها كررت ذات الأسئلة صحف عبرية في سبيل البحث عن بدائل لرئيس السلطة محمود عباس لذا توترت علاقته بالولايات المتحدة عقب إعلان ترمب القدس عاصمة "لإسرائيل".
الحديث المتكرر عن خليفة أبو مازن والذي يصعد للسطح كلما احتاجت الدول الغربية والعربية ممارسة الضغط عليه بهدف حصد مزيد من التنازل والرضوخ للأمر الواقع.
وكانت صحف عدة قد تناولت مسألة بديل عباس حيث أكدت أن عواصم عربية تقود التحركات في البحث عن بديل لعباس في رئاسة السلطة، مبينه أنه جرى خلال الأسبوعين الماضيين عدة لقاءات على أراضيها شاركت فيها شخصيات فلسطينية وعربية وأمريكية.
وذكرت المصادر أن ترمب لا يريد عباس في المرحلة المقبلة، ويعتبره "عقبة كبرى" أمام مشروعه السياسي الجديد في المنطقة، الذي ستحدد معالمه طبقاً لما بات يعرف بـ "صفقة القرن" المرتقبة، والتي تحظى بتأييد عربي كبير خاصة من مصر والسعودية والأردن.
بدوره كتب المعلق روجر كوهين في صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "حان الوقت لأن يرحل عباس" أن "رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (82 عاما) لا يمكنه التهرب من المسؤولية، خاصة أن حكومته ينظر إليها وعلى نطاق واسع على أنها فاسدة، وعاجزة، وبعيدة عن الجماهير، ولا تخدم إلا نفسها، وسلطوية أكثر من اللازم.
ويشير الكاتب إلى أن "الانقسامات الشائكة بين حركتي فتح وحماس لا تزال مستمرة، رغم مظهر (المصالحة)، وفي شعب متوسط عمر أفراده 20 عاما، فعباس وشلته يبدون من الماضي، ومن بين 18عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح هناك واحد فقط تحت سن الخمسين، ويعيش معظمهم حياة رغدة، فيما يراهم الفلسطينيون أداة في يد "إسرائيل"؛ بسبب استمرار التنسيق الأمني معها".
وفي ذات سياق عن البديل زعم وزير حرب العدو أفيغدور ليبرمان، في لقاء بثه "راديو كان" أن مجتمع الأعمال الفلسطيني يريد رحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لأنه يعيق التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية، كما قال، و"يشكل عقبة أمام السلام وسيجد دوما عذرا للتهرب ولومنا".
وأكد أن رجال الأعمال الفلسطينيين "لا يحبون أبو مازن" لأنه "يدير نظاما قمعيا".
كلام الصحف الأمريكية "والإسرائيلية " من المؤكد أنه لم يأتِ من فراغ بل جاء بحسب مراقبين للضغط على رئيس السلطة الذي يصر في المرحلة الحالية على التصعيد ضد أمريكيا، خاصة وان ذات الطريقة دفعته للتراجع في أكثر من مرة سابقة.
ويبدو رئيس السلطة محشورا في الزاوية في ظل شبه إجماع عربي على أنه يشكل عبئا من خلال تصلبه في الملفات الفلسطينية الداخلية فهو يرفض ترتيب البيت الفتحاوي ومصالحة محمد دحلان، كما أنه يضع العراقيل أمام المصالحة الفلسطينية التي ترى فيها هذه الدول فرصة لتحييد حماس عن محور إيران وهو ما يزيد الغضب العربي عليه.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسام الدجني رأى أن الحديث الأمريكي الإسرائيلي عن البدائل والخيارات يأتي للضغط على أبو مازن وفي إطار التهديد غير المباشر على شخصه لتمرير سياسيات الدول الكبرى.
واعتبر أن، وسيلة التهديد بالبديل تقلق رئيس السلطة لذا تلجأ أمريكا و"إسرائيل" لإطلاقها بين الحين والأخر، مشيرا إلى أن أبو مازن يدرك أن الإدارة الأمريكية تستطيع أن تفرض نخبا سياسية ومن الممكن استغلال صندوق الانتخابات لوصول النخب من خلال الدعم السياسي والمالي.
ويعتقد الدجني أن هذا التهديد يمكن أن يؤتي أكله لذا يتعاطى معه أبو مازن بجدية.
وذكر في المقابل أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي بديل يأتي "بالبرشوت" بدون صندوق اقتراع، مشيرا إلى أن هناك من يستغل هذا الحديث لتسويق نفسه.
وفيما يتعلق بالمرشحين فبورصة الأسماء كبيرة لكن الحظوظ ربما ترافق عددا قليلا منهم أبزرهم اللواء ماجد فرج والذي على عكس السنوات الماضي بات اسمه مفروضا في كل الملفات الفلسطينية.
وتتحدث تحليلات عديدة أن فرج بالنسبة لإسرائيل هو الرجل الأمثل والأقوى بين المرشحين؛ نظراً لخلفيته الأمنية القوية خاصة في الضفة وتعامله الجيد مع "إسرائيل"، وأنه رجل مخابراتي قوي ويتمتع بنفوذ كبير داخل السلطة، ونفوذ وعلاقات واسعة وممتازة مع الدول المجاورة، منها مصر والأردن.