يبدو أن ملف خلافة رئيس السلطة محمود عباس حاضر بقوة على أجندة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الحال بالنسبة لدوائر صنع القرار الإقليمي والدولي، وسط أحاديث عن شخصيات فلسطينية ذات قبول أمريكي وإسرائيلي تستكمل درب التسوية.
ونقلت صحيفة هارتس العبرية، أن المستويين السياسي والأمني يناقشان الوضع الصحي لعباس، حيث أعدت الأجهزة الأمنية تقريرا يتضمن ما أسمته "معلومات عن صحة وأداء عباس، الذي سيحتفل بميلاده الـ83 في نهاية الشهر الجاري"، ورفعته إلى المستويات السياسية والعسكرية في (إسرائيل).
تصاعد الحديث عن خليفة أبو مازن يحمل دلالات عديدة تتعدى مرض الرجل الذي نفته عدة مصادر رسمية، إلا أن الأهم في القضية قد يكون يقين الاحتلال أنه لم يعد بمقدوره تقديم المزيد من التنازلات خاصة تلك المتعلقة بصفقة القرن.
وأكدت تسريبات صحفية أن دولا عربية تضغط على رئيس السلطة للقبول بالصفقة والتي تتنازل عن حق العودة الفلسطيني وعن إقامة العاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية.
ذلك الرفض الذي يعرقل المخططات الأميركية قد يكون الدافع الأكبر لتكرار الحديث عن البديل سواء في الصحف العبرية وحتى الأمريكية.
ومن المؤكد أن أي رئيس قادم يجب أن يحظى بقبول دولي وعربي؛ لأنه لن يأتي بأي حال من الاحوال بشكل دستوري أو انتخابي في ظل الوضع الفلسطيني الراهن، وهذا يعني أن المرشح يجب ان ترجح كفته عن باقي المرشحين من خلال قبول الطرفين الاسرائيلي والاميركي أولاً به، وضمان استمراره في النهج السياسي والامني لأبو مازن.
المختص بالشأن الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة اعتبر أن الاعلام العبري قدم أكثر من تقرير عن بدائل أبو مازن، مبيناً أن البدائل جاهزة في الخزينة الأمريكية، لافتاً إلى أن أبو مازن كان على خلافات حادة مع أبو عمار ورغم ذلك أصبح هو البديل، موضحا أن البدائل جاهزة سواء كانت معروفة أو غير معروفة.
ويقول جعارة أن خطاب أبو مازن في الأمم المتحدة والذي تمسك به بالثوابت هو ما دفع الاحتلال للحديث عن وضعه الصحي وأنه شاخ ويجب البحث عن خليفة له.
وأكد المختص والمتابع للشأن الإسرائيلي، أن (إسرائيل) تتحدث عن خمس شخصيات من المحتمل أن يكون أحدهم هو خليفة عباس، وهم الأسير مروان البرغوثي، ومحمد دحلان، وصائب عريقات، وجبريل الرجوب، إضافة لماجد فرج"، موضحا أن "التقديرات الإسرائيلية تؤكد بأن المرشح الأقوى لخلافة أبي مازن هو ماجد فرج".
وأرجع جعارة ذهاب التقديرات الإسرائيلية نحو فرج لخلافة عباس إلى العديد من الأسباب، منها: أنه "رجل مخابرات، وصاحب تصريحات تعتبرها (إسرائيل) بأنها جريئة لم تصدر من أي مسؤول فلسطيني"، منبها إلى أن "العديد من رؤساء الدول سبق لهم قيادة الأجهزة الأمنية في بلدانهم، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان ضابطا في جهاز KGB، والرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي كان مديرا للمخابرات".
ويرى مراقبون أن جميع الأطراف -الدولية والاقليمية والفلسطينية وحتى عباس نفسه-باتت على قناعة ان دور الرجل انتهى، وأن مسألة ايجاد بديل عنه يجب الترتيب لها؛ لان غيابه بأي شكل بات مسألة وقت.
ومن المتوقع أن تتصاعد معركة الخلافة بين كثير من المرشحين الذين يتطلعون لقيادة السلطة الفلسطينية، ومن الممكن تشكيل تحالفات مؤقتة بين بعضهم في محاولة لتأمين السيطرة على السلطة.
ويبدو أن ملف خلافة عباس يشغل مراكز صناعة القرار سواء إقليميا أو دوليا، خاصة في ظل حالة الفوضى والصراع المتوقعة على الكرسي داخل فتح وهو الأمر الذي يخشاه الاحتلال وبالتالي يسعى لطرح الملف مبكرا في محاولة للسيطرة وضبط البدائل واستمرار حالة التنسيق الأمني.