قائد الطوفان قائد الطوفان

ظلاله تنقلت من

الشهيد جرار.. أسطورة تحفز فدائيي الضفة

كاريكاتير الرسالة
كاريكاتير الرسالة

الرسالة-محمود فودة

"طلقة بطلقة.. ونار بنار.. واحنا رجال أحمد جرار" لم يكن مجرد شعار ارتفع في مسيرات الضفة طيلة فترة مطاردة الشهيد أحمد جرار، إنما كتب بدماء شهيدان ارتقيا خلال محاولات الاحتلال الوصول للمطارد، عدا عن ارتقاء أخرين في عمليات فدائية نفذت تزامنا مع مطاردة جرار واستشهاده.

جرار قائد خلية كتائب القسام المسؤولة عن عملية نابلس والتي أسفرت عن مقتل الحاخام رازييل شيفاه مطلع يناير الماضي، استشهد يوم الثلاثاء في اشتباك مسلح مع جيش الاحتلال في بلدة اليامون قرب جنين بعد عدة محاولات فاشلة، حيث أعاد الذكريات بأهل الضفة إلى سنوات ما قبل خطة إنهاء ملف المطاردين في 2005 برعاية الجنرال الأمريكي كيث دايتون.

وخلال الأسابيع الماضية حرصت كلا من "إسرائيل" والسلطة على إنهاء ملف المطارد جرار؛ خوفا من تحوله إلى أسطورة يتبع طريقه العشرات من شبان الضفة، وذلك وفقا لموقع "تيك ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي، إذ تعرضت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لضغوط كبيرة من قبل نظيرتها الفلسطينية لإنهاء ملف جرار، حيث كانت الأخيرة على تواصل دائم مع جهاز الشاباك وقدمت المعلومات الخاصة بعلاقات الشهيد الاجتماعية والصداقات التي يمكن أن يكون قد اختبأ لديها.

وبحسب الموقع فإن عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية مستنفرة منذ لحظة وقوع عملية قتل الحاخام، وكانت تخشى أن يصبح جرار بطلاً جماهيرياً يهدد سمعة السلطة الفلسطينية ومكانتها إذا ما طالت فترة مطاردته، مؤكدا أن جهاز الشاباك والجيش تابعا كل المعلومات والتفاصيل التي وردت من الأجهزة الأمنية الفلسطينية للوصول إلى مكان أحمد جرار.

ورغم ما سبق، إلا أن كل حارات الضفة وأزقة مخيماتها تغنّت ببطولة المطارد جرار، فخرج منها فدائيون جدد، منهم من أصبح مطاردا كمنفذ عملية مستوطنة "أرئيل" التي أسفرت عن مقتل مستوطن صديق للحاخام الذي قتله أحمد جرار، حيث ما تزال قوات الاحتلال تبحث عنه، فيما ارتقى الشهيد حمزة زماعرة بعد تنفيذه عملية طعن في مستوطنة "كرمي تسور" شمال الخليل.

وللمطاردين مكانة خاصة لدى أهالي الضفة لاسيما خلال سنوات الانتفاضتين الأولى والثانية، وجاءت مطاردة أحمد بعد غياب شبه تام لهذه الظاهرة الثورية منذ عام 2005، إذ بناءً على تفاهمات السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء ملف المطاردين في ذلك الوقت، صدر العفو عن نحو 300 منهم، فيما تم اعتقال العشرات في المقار الأمنية للسلطة لفترات زمنية متفاوتة، وتم تفريغ جزء منهم في العمل الأمني، وبقي عدد آخر من المطاردين فارين، بعد رفض الاحتلال إعطاءهم أي عفو وتم اغتيالهم بعد أن سلّم رفاقهم في شهداء الأقصى السلاح.

ونقل الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي عن القناة الإسرائيلية الثانية قولها: "إجماع الفلسطينيين في الضفة الغربية على إكبار أحمد جرار، بطل عملية نابلس الأخيرة والاحتفاء به والدفاع عنه، يحرج السلطة الفلسطينية ويمثل مؤشرات سلبية جداً لما ينتظر "إسرائيل" مستقبلاً".

وأصبحت كلمة "مطارد" تتردد بين الفلسطينيين وعبر صفحات التواصل الاجتماعي بعد أن اختفت لسنوات، حيث ارتبطت الكلمة بالفلسطينيين الذين يرفضون تسليم أنفسهم لجيش الاحتلال، ليصبحوا مطاردين مختفين عن الأنظار.

وتعقيبا على ذلك، قال الدكتور أحمد رفيق عوض المختص في الشأن الإسرائيلي، إن ما كانت تخشاه "إسرائيل" حصل بأن تحول الشهيد جرار إلى نموذج يحتذى به من قبل الشبان في الضفة، وأن الأثر الذي تركه في نفوسهم من المتوقع ان يتحول إلى واقع بتنفيذ عمليات خلال الأيام القليلة المقبلة".

وأوضح عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن العمليات التي وقعت خلال فترة مطاردة جرار واستشهاده تعد أكبر دليل على أن المطارد حرّك الشارع الفلسطيني نحو العودة للعمليات الفدائية، وهذا ما يشير إلى خطورة العمليات النوعية التي يستطيع منفذوها الانسحاب من حيث تأثيرها على الجمهور الفلسطيني من ناحية، ومن جهة أخرى تتضح خطورتها من النتائج التي تتسبب بها على صعيد نفسية المستوطنين.

وبيّن أن (إسرائيل) تعي ان الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من التصعيد، بعد أن أشعلت قضية جرار الحاضنة الشعبية التي أصابها الفتور خلال السنوات الماضية، مما يستدعي دعما فلسطينيا جادا للحالة الوطنية المستجدة خلال الفترة المقبلة.

بدورها، أكدّت فصائل المقاومة الفلسطينية، أن استشهاد القائد القسامي أحمد نصر جرار، لن يغلق باب الحساب مع الاحتلال.

وقالت حركة حماس في بيان لها رداً على تصريحات ليبرمان: "لن تستطيعوا أن تغلقوا درب السائرين على طريق أحمد جرار، والحساب مفتوح مع المقاومة وستدفعون ثمن جرائمكم".

وزفت كتائب القسام الجناح العسكري للحركة بشكل رسمي الشهيد جرار، الذي جرى اغتياله على يد قوات الاحتلال فجر الثلاثاء في جنين.

بدورها، أكدّت الجبهة الشعبية أن الشهيد البطل أحمد جرار أصبح مأثرة وطنية وصفحة مضيئة من تاريخنا الوطني يفتخر بها شعبنا، وستبقى روحه منارة ودليلًا لكل المقاومين الذين سلكوا طريق المقاومة.

وشددّت الشعبية على أن دماء الشهيد ستبقى لعنة تطارد كل الذين انحرفت بوصلتهم وانتهجوا سياسة التنسيق الأمني وحُيدّت بنادقهم عن الدفاع عن شعبنا.

من جهتها، أكدّت حركة الجهاد الإسلامي أنّ: "الشهيد أحمد جرار مثّل نهج المقاومة الأصيل التي يحياها الشعب الفلسطيني والنصر الذي سجله جرار لن ينتهي إلا باقتلاع الاحتلال وطرده".

من جانبها، قالت حركة الأحرار إن الشهيد "استطاع بمفرده كسر هيبة المنظمة الأمنية للاحتلال واستشهاده يشكل مرحلة جديدة من مراحل انتفاضة القدس والالتفاف الشعبي حولها".

البث المباشر