بعيدا عن الاتهامات وحرصا على وحدة الصف الفلسطيني في ظل ما تواجهه القضية الفلسطينية من مشاريع تصفية على حساب وحقوق الشعب الفلسطيني ولصالح الكيان الصهيوني والتي تشارك فيها أمريكا والغرب وبعض النظام العربي ـ أليس كل ذلك مدعاة لنا كفلسطينيين أن نجمع شملنا ونوحد صفنا ونبني استراتيجياتنا على أمور واضحة لم تعد تحتمل لبس لا في المواقف ولا في السياسات مهما اختلفنا فكريا أو ايديولوجيا لأن هناك وطن أكبر منا جميعا وطن يحتاج إلى وحدتنا، وطن يضيع من بين أيدينا، فإذا ضاع هذا الوطن هل يبقى لنا أيديولوجيا نختلف عليها أو سياسات نفترق فيما بيننا من أجلها؟.
دعونا نتفق ونحن في وضع احتلال، ونضع لأنفسنا هدفا هو العمل على تخليص أرضنا من هذا الاحتلال بعيدا عن النواحي الفكرية او السياسية ؛ لأن هذا الهدف وهو طرد المحتل وتحرير الارض هو هدف الجميع، هكذا يجب أن نكون، وهذا الهدف يتطلب وحدة موقف وتكاتف وتحشيد كل الامكانيات لتحقيقه، وفي أعقاب تحقيق الهدف لنا جميعا مرجعية وهي عموم الشعب الفلسطيني، هذه المرجعية هي التي تحدد ماذا تريد، وما هو شكل النظام الذي ترغب أن يحكمها، ومن حقها أن تختار ما تريد، أليست هي من دفع ثمن طرد الاحتلال والتحرير ؟، اليس من حق من يدفع الثمن أن يأخذ مقابلة حرية الاختيار؟، إذن علينا جميعا أن تحتكم لهذا الذي دفع الثمن ألا وهو هذا الشعب العظيم الذي يستحق كل تقدير واحترام.
نحن بحاجة إلى الفلسطيني الخالص الذي يعمل بكل ما يملك من أجل فلسطين لا من أجل حسابات خارجية أو ذاتية، نحن بحاجة إلى الفلسطيني الذي تسكن فلسطين في فكره وعقله وقلبة وعمله يؤكد على ذلك، ولذلك لينظر كل واحد فينا في نفسه ويسأل ذاته من أنا؟ ولمن أعمل؟، وهل أنا وما املك من مال وولد وفكر وانتماء وهوى هو خالص لفلسطين؟ إن كان الأمر كذلك فلماذا الاختلاف والخلاف؟
أنظروا أيها الأخوة الكرام إلى ما فعله أهل اليامون بعد نبأ اغتيال الشهيد أحمد نصر جرار عندما خرج ليتفقد المكان ويبحث عن بقايا تؤكد استشهاد البطل، خرج ولم ينظر إلى حزبيته وإلى فكره، خرج لأن الشهيد فلسطيني، خرج لأن الشهيد مقاوم، خرج لأنه يعشق فلسطين ويؤمن بالمقاومة طريق للتحرير، خرج وهو يعمل أن الشهيد ينتمي لحركة حماس ولم يمنعه أن يخرج لأن الشهيد ليس من المنتمين إلى تنظيمه أو حزبه لأن العامل المشرك الأكبر هو فلسطين.
كل يوم الشعب يعلمنا دروس ويرسل لنا الاشارات ويوجه بوصلتنا نحو فلسطين والقدس ومع الأسف جزء كبير من قياداتنا يعرض عن ذلك ويرفض الاستجابة لهذه الاشارات ظانا أنه في غنى عن هذا الشعب وأنه هو صاحب الرأي السديد وهو الذي وحده على صواب وأنه هو الذي يقود وأن الجميع عليه أن ينقاد إليه.
تفكير جر علينا الويلات، وأدخلنا في متاهات تكاد تضيع فيها حقوقنا، وتسلب منا أرضنا، ونعيش سنوات جديدة من التيه والضياع، لماذا لا نتعلم ونستخلص العبر التي بها نعيد توجيه بوصلتنا في الاتجاه الصحيح، هل نحن بحاجة إلى مزيد من الصفعات كي تعيد لنا رشدنا وصوابنا وتجعلنا نفكر في الاتجاه الصحيح؟
لم يعد هناك وقت لينتقم بعضنا من بعضنا ونكيد لبعضنا البعض، لماذا لا نصطلح أولا مع الله، ثم نصطلح مع أنفسنا، ثم نصطلح مع بعضنا البعض، وهذا هو الطريق الصحيح الذي علينا ان نسلكه حتى نتمكن من التصدي لكل مشاريع التصفية التي يتكالب بها علينا العالم، وحدتنا سر قوتنا، وحدتنا طريق خلاصنا ودونها التيه.