لأول مرة في تاريخ عمل معبر "كرم أبو سالم"، تفتح السلطات (الإسرائيلية) بوابات المعبر أول أمس الثلاثاء، دون ادخال أي شاحنة احتجاجا من التجار الفلسطينيين على سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة.
وحولت شاحنات النقل البري، وجهتها من "كرم أبو سالم" إلى مجلس الوزراء في مدينة غزة، وتجمعت على أبوابه بعد أن جابت شوارع القطاع مطلقة نداء استغاثة على طريقتها الخاصة.
وأطلقت الشاحنات أبواق الاستغاثة وأربكت شوارع قطاع غزة، حاملةً لافتات كتب عليها "غزة بدها تعيش، غزة فوق الجميع".
ويعود الانخفاض في الشاحنات الواردة إلى شح السيولة لدى المواطنين وبالتالي انعدام القدرة الشرائية في ظل أزمات الرواتب والعقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة.
خسائر فادحة
ويرى أصحاب شاحنات النقل المشاركون في المسير أن نصيب الشاحنة الواحدة كان يتراوح من (15-20) نقلة شهريا، أما اليوم فقد تراجع العدد إلى 3 نقلات فقط.
ويعتقدون أن تكاليف وقود الشاحنة الواحدة تقضم نحو (60-70%) من الأرباح التي يجنونها في النقلة الواحدة.
أمين سر جمعية النقل الخاص، جهاد سليم، أكد أن هناك مخططات تحاط ضد تجار غزة، تهدف "للمساس بلقمة العيش على معبر كرم أبو سالم".
وقال سليم الذي قابلته "الرسالة" في اعتصام تجار المعبر: "عدد الشاحنات التي كانت تدخل إلى قطاع غزة عبر كرم أبو سالم انخفضت إلى أكثر من الثلث مقارنة بعدد الشاحنات التي كانت تدخل قبل توقيع اتفاقية المصالحة".
وأوضح سليم أن المعبر يستقبل يوميا ما يقارب 250 إلى 300 شاحنة بعد أن كان يستقبل قرابة 1000 شاحنة، مشيرا إلى أن تقليص عدد الشاحنات عبر "كرم أبو سالم" سببه الأوضاع الاقتصادية المنهارة وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين.
وأكد أن ثلثي شركات النقل البري لا تعمل ومعظم سائقيها باتوا في عداد العاطلين عن العمل بسبب عجزهم عن توفير الوقود لتشغيل شاحناتهم.
وحذر من استمرار الوضع الحالي، مبينا أن وقف العمل على "كرم أبو سالم" سيكبد المستوردين خسائر فادحة بنسبة (70-80)% لجميع شرائح قطاع النقل البري وقطاع غزة.
ووصلت معدلات البطالة في غزة إلى 46%، في حين أكثر من ربع مليون عاطل عن العمل، أما معدلات البطالة من فئة الخريجين والشباب فتجاوزت 60% نتيجة انعدام فرص العمل بغزة.
موت سريري
من جهته، استعرض مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة ماهر الطباع "الأوضاع الكارثية للاقتصاد الغزي"، مؤكدا أن القطاع دخل في الرمق الأخير في حالة الموت السريري.
ودعا الطباع الكل الوطني وبخاصة الرئيس محمود عباس وحكومة التوافق الوطني، لإنقاذ الوضع الاقتصادي بغزة والتحرك بشكل عاجل لإنقاذ مؤسسات القطاع الخاص.
وأضاف: "آن الأوان لتدخل الجميع لإنهاء الحصار الظالم على قطاع غزة، والمتسبب الرئيسي بالأوضاع الكارثية والمعيشية بالقطاع؛ حيث لأول مرة معبر كرم أبو سالم يعمل بشكل طبيعي دون ادخال أي نوع من البضائع عبر الشاحنات".
وأكد الطباع أن معدلات الفقر بغزة تجاوزت 65%، وأن نسبة انعدام الامن الغذائي بغزة تجاوزت 50%، وفي وقت يتلقى أكثر من مليون مواطن بالقطاع مساعدات من مؤسسات الإغاثة الدولية
ولعل شح السيولة المالية في القطاع، أهم الأسباب التي أضعفت القدرة الشرائية لدى المواطنين، وأجبرتهم على العزوف عن شراء السلع.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم الشاحنات المستوردة من مواد البناء (حصمة واسمنت وحديد)، كونها تمثل القيمة الكبيرة من الحركة الشرائية.
وتشير الاحصائيات الرسمية، إلى أن البضائع التي تحملها الشاحنات منها (50-55)% مواد بناء، و(20-25)% مواد غذائية، و(15-20)% مساعدات إنسانية، والنسبة المتبقية تكون للمواد الخام مثل الأخشاب والحديد والأعلاف، وغيرها من المواد الأخرى.
ويأتي انخفاض عدد الشاحنات عقب أشهر من تسلم حكومة الوفاق للمعابر في قطاع غزة، وفي ظل استمرار سلسلة العقوبات التي فرضها الرئيس عباس بأبريل الماضي؛ أبرزها خصم 30% من رواتب موظفي السلطة وإحالة آلاف منهم للتقاعد المبكر.