تخلط حكومة الحمدالله الأوراق السياسية بالإنسانية في قطاع غزة، وتساهم في تعزيز الحصار وزيادة تبعاته على السكان من خلال التهديد الدائم بتقليص الخدمات المقدمة في شتى المجالات.
وتتعامل الحكومة بإبر البنج مع الأزمات وتستنكف عن حلها بشكل جذري لتسيطر على مجرى التنفس للغزيين وتخنقهم متى شاءت.
الحكومة التي عول عليها المواطنين لم تحل أيا من الأزمات في القطاع بل زادت من حدتها بذريعة "التمكين" المصطلح الذي لم يغادر أيا من خطابات رئيس وزرائها رامي الحمدلله منذ حل اللجنة الإدارية وتسلمه مهام القطاع برعاية مصرية.
في المقابل اقتصرت قرارات ومراسيم السلطة الفلسطينية وحكومتها في قطاع غزة منذ تسلمها وزاراتها نوفمبر الماضي، على جانب جني الرسوم وفرض المزيد من الضرائب على المواطنين.
ومنذ تسلمها إيرادات معابر غزة في شهر ديسمبر، فرضت زيادة على التعلية الجمركية عما كان مفروضا سابقا بنسبة وصلت لـ 60%، كما أنها قررت توحيد الضرائب بين الضفة وغزة بزيادة ضريبة تصل لـ 16%، في وقت تجاهلت فيه فارق الأوضاع الاقتصادية في المنطقتين، والفرق الكبير بين حصة الفرد في الناتج المحلي التي تصل نسبته في غزة لـألف دولار شهريا مقارنة بألفي ونصف دولار للمواطن في الضفة.
وقالت حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، الثلاثاء الماضي، إنها ستبدأ باستيعاب 20 ألف موظف، في قطاع غزة، في "حال تمكينها من العمل وإزالة كافة العقبات من أمامها".
ودعت حكومة الوفاق في بيان صحفي، عقب اجتماعها الأسبوعي، حركة حماس "بتمكينها تمكينا شاملاً، وبسط ولايتها القانونية وممارسة مهامها وصلاحياتها حسب القانون، بما في ذلك التمكين المالي الموحد، من خلال وزارة المالية والتخطيط الجهة المسئولة الوحيدة عن الجباية، وعن الصرف في آن واحد".
إضافة لذلك، طالبت الحكومة حركة حماس، بتمكينها من "السيطرة الكاملة على المعابر، وإدخال البضائع إلى قطاع غزة من خلال المعابر القانونية فقط، ومسؤولية الحكومة في فرض النظام العام وسيادة القانون" وتوحيد القضاء، مطالبةً بضرورة السماح "بعودة جميع الموظفين القدامى إلى عملهم".
وفي الجهة الأخرى من المشهد تعامى رئيس الوزراء عن شركات النظافة التي أوقفت عملها في المشافي، لعدم تسلمها استحقاقاتها المالية من الحكومة، وهو ما ينذر بمخاطر صحية كبيرة قد تطال المرضى، في ظل أزمة الوقود التي تعصف بقطاع الصحة، وأدت خلال الأيام الماضية إلى توقف 19 مركزا صحيا.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أن شركات النظافة العاملة لديها، توقفت عن العمل في كافة المرافق الصحية، لعدم تلقيها مستحقاتها المالي من الحكومة.
وقال المتحدث باسم الوزارة الدكتور أشرف القدرة، إن توقف عمل شركات النظافة يشكل تهديدا مباشرا على صحة المرضى والصحة العامة في القطاع، موضحا أن خدمات النظافة تقدم في 13 مستشفى و51 مركزا للرعاية الأولية و22 مرفقا اخر في وزارة الصحة من خلال 13 شركة.
وأفاد القدرة أن 832 عامل نظافة في مرافق وزارة الصحة لم يتلقوا اجورهم للشهر الخامس جراء تراكم المستحقات المالية للشركات، فيما تبلغ قيمة التعاقد الشهري لخدمات النظافة 943 ألف شيكل وقيمة التعاقد السنوي 11.3 مليون شيكل.
ونبه في بيان صحفي إلى أن توقف خدمات النظافة سيكون لها تداعيات خطيرة على عمل 40 غرفة عمليات جراحية و11 غرفة ولادة قيصرية مما يحرم 200 مريض يوميا من اجراء عملياتهم المجدولة.
وأضاف "كما يؤثر على الخدمات الصحية لنحو 100 مريض في العنايات المركزة و113 طفل في حضانات الأطفال وعلى الخدمات الصحية ل 702 مريض بالفشل الكلوي في 5 مراكز لغسيل الكلى على مدار الساعة".
وكانت شركات النظافة قد خاضت إضرابا عن العمل الشهر الماضي لعدم تلقيها مستحقاتها المالية، وعلّقته بعد تخصيص وزير الصحة جواد عواد دفعة مالية لها من مستحقاتها المتأخرة، لكنها أمهلت الوزارة أسبوعًا لحل الأزمة بشكل نهائي.
من جانبها أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن حكومة الوفاق الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله تواصل "سياسة التضليل وتوتير الأجواء والإهمال المتعمد، لمتطلبات واستحقاقات أهالي قطاع غزة".
وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في تصريح صحفي وصل "الرسالة" نسخة منه، إن "الحكومة ضربت بعرض الحائط القضايا المطلبية والمتعلقة بالشباب والخريجين وحقوق الموظفين"، مشددا على أن حركته "تقف إلى جانب كل الشرائح والفئات المتضررة من سياسة هذه الحكومة، وتؤيد وتدعم مطالبهم بكل قوة".
وأكد أن استمرار رفض السلطة الفلسطينية العقوبات المختلفة على قطاع غزة المحاصر إسرائيليا للعام الثاني عشر على التوالي، "نتج عنه أوضاع مأساوية صعبة أصابت كل مناحي الحياة، وتحديدا الوضع الصحي الكارثي المترتب على عدم تلبية الحكومة لاحتياجات المستشفيات ومستحقات شركات النظافة العاملة فيها".
ودعا برهوم حكومة الحمد الله إلى "التوقف عن تبرير عجزها وإهمالها، ووقف التلاعب بمشاعر أهلنا في القطاع، والقيام بواجباتها كاملة، تجاه أهلنا في غزة والضفة على حد سواء".
وجدد برهوم دعوة حركة حماس إلى الحكومة بالعمل على "إنهاء كافة العقوبات المفروضة على غزة، أو تقدم استقالتها وترحل، وأن يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطني تخدم أبناء شعبنا وتتبنى همومه ومتطلباته وتحمي مصالحه".