قائمة الموقع

مقال: توصيات الشرطة لمحاكمة "نتنياهو" وصفقة القرن

2018-02-18T12:16:39+02:00
نتنياهو وترمب
محمود مرداوي

بعد أن أصبحت معالم صفقة "ترمب "التي تحدث عن ملامحها أكثر من شخصية سياسية ذات صلة من السلطة والدول المجاورة بما سيُملى على المنطقة من حل سياسي  لتحقيق استراتيجية تحالفية لمواجهة إيران على حساب القضية الفلسطينية .

مما لا شك فيه أن "ترمب" أطل على المنطقة بمنطق التاجر الذي يبحث عن الربح ومضاعفة المكاسب المادية، فوجد دولة عربية ذات وزن مستعدة للمساومة والبيع والشراء بمال تملكه وحق تدعي  الوصاية عليه، ليدخل على المشهد "نتنياهو" الضلع الثالث الذي يسعى ولا زال لترجمة الصفقات التجارية لمكاسب سياسية وأمنية استراتيجية من خلال منح موافقة مقابل الأموال العربية  على تحالف يحقق مصلحة مشتركة في محاصرة هيمنة إيران ومواجهة خطرها ، إضافة لتصفية القضية الفلسطينية وفق رؤية اليمين الصهيوني ثمنا لدخول التحالف والمشاركة فئة . 

"نتنياهو "لديه استراتيجية تقوم على حل سياسي يؤمن به، لكن لا يبوح به، ويعمل بشكل هادئ في البعد السياسي والأمني بعيداً عن الحسم لجعل الواقع أكثر ملائمةً لرؤيته السياسية التي يؤمن بها ومتطلعاً لفرضها.

نتنياهو ليس كما يقول "بن كيسبت" انتهازي ضعيف الشخصية يتعامل مع الأمور بسطحية، وكل سياسته قائمة على استمرار البقاء في الحكم، إنما يملك رؤية تقوم على الحل الذي يسعى لقضم مزيد من الأرض الفلسطينية والاستمرار في محاولة إطفاء النيران ليس عجزاً إنما استغلالاً للظرف وفق رؤيته كما قال "آڤي چيل" ، حيث نجح في الحفاظ على رؤيته في الحقبة الماضية مناوراً ما بين ضغط اليمين الذي يصر على (الضم الآن )للمستوطنات، وما بين اليسار الذي يصر على (السلام الآن) .

لا ينطلي على أحد دور "نتنياهو "في هندسة وتفصيل الرؤية السياسية للإدارة الأمريكية بالتعاون مع نائب الرئيس "بينس "بنفَس "ترامب"، لكن بعد توصية الشرطة بمحاكمته قوة نتنياهو "ستتضاءل ، والأرجح لن يستطيع البقاء مخلصاً لخطه السياسي في البعد الميداني على الأرض من خلال استمرار التهويد والاستيطان وفق رؤية ، والامتناع عن الحسم في أي من الملفات العسكرية في الجنوب ، أو السياسية بتسهيل المفاوضات ، إنما البناء الاستيطاني في الضفة والتهويدي في القدس وفق رؤيته للحل التي يتحفظ عليها ولا يعرضها ...

كما كان موظِّفاً الحالة الأمنية لخدمة رؤيته وتبرير سياسته التي تؤجل الحسم معتمداً على قوة الواقع الجيوسياسي، مُفضِّلاً التريث مطمئناً من الانتظار غير قلق من شماعة تخويف السيطرة على شعب آخر- كما لوح اليسار -بناءً على سياسة إدارة الاحتلال وفي محطات (حلول اقتصادية )التي أوجدت استقراراً نسبياً يُمكّن الاحتلال من التعايش مع الثمن المدفوع دون تجاهل حدوث هبات فلسطينية تمنح "نتنياهو "الاستمرار في سياسة القول أن الوضع مؤقت إلى حين الوصول لاتفاق نهائي.

"نتنياهو "حسب رؤية" آڤي چيل "لن يسارع في توسيع البناء خارج الكتل الاستيطانية في الضفة بضغط من اليمين بقيادة "نفتالي بينت "، لأن ذلك يُسرع فرض الحل النهائي قبل نضوج الواقع الجيوسياسي ، لكن "نتنياهو" الانتهازي السطحي الذي يبذل جهداً طائلاً وينفق موارد كبيرة في سبيل اليقاء والاستمرار جالساً على كرسي الحكم، أو "نتنياهو" الاستراتيجي صاحب الرؤية الذي يعمل بهدوء مفضلاً عزل عملية ترسيخ الاحتلال عن التدخلات الخارجية ما أمكن ليتفرد في هندسة الواقع الجيوسياسي لخدمة رؤيته السياسية للحل النهائي، لكنها تقوم على الاستيلاء على أكبر مساحة من الضفة الغربية والقدس إن لم يصل طموحه للسيطرة على كليهما .

لن يتمكن من المراوغة والتلكؤ بعد توجيه التوصية بالمحاكمة لتضاؤل قوته وحضوره السياسي، ثم استغلال فرصة الاستفادة من تأثيرات الحل الإقليمي الإيجابية على المشروع الصهيوني عموماً ، وعلى شخصه في مواجهة ما بنتظره من محاكمة خصوصاً .

 

وهذا يلقي بعبء جديد على الفلسطينيين الذين كانوا يراهنوا في مواجهة الحل المفروض على عدم موافقة "نتنياهو "عليه وفي الحد الأدنى عدم تسهيل تنفيذه.

اخبار ذات صلة