قائمة الموقع

مقال: فلسطينيو 48 السلاح العميق

2018-02-22T06:37:46+02:00
صورة
بقلم: إبراهيم المدهون

إن أكثر ما يُهدد الاحتلال الإسرائيلي ويقض مضاجعه ويعقّد حساباته هو وجود الشعب الفلسطيني في أرضه التاريخية إن كان في الضفة الغربية أو قطاع غزة، والأهم فلسطينيو 48، هؤلاء الذين تمسكوا بأرضهم وبيوتهم واستمروا وتكاثروا وأورثوا أجيالهم المتعاقبة أصالتهم المنتمية لفلسطين ولدينها وهويتها.

فبعد 70 عاماً من التهجير والقتل والإرهاب والملاحقة والتضييق والطرد؛ هناك ما يزيد عن 7 ملايين فلسطيني يعيشون حياتهم ويتمسكون بأرضهم ما بين النهر والبحر وما بين رأس الناقورة شمالاً ومدينة رفح جنوباً، 7 ملايين فلسطيني ينتمون لأرضهم وشعبهم ويحملون هم قضيته، هذا التكدس السكاني هو الأخطر على المشروع الصهيوني الذي يعمل ليل نهار لتحويل هذه الأرض لدولة يهودية خالية من العرب والمسلمين.

عشرات الأبحاث والكتب والدراسات الاسرائيلية تدرس اليوم الخريطة الديموغرافية المعقدة التي عجز الاحتلال عن معالجتها، وتصفها بالخطر الحقيقي والوجودي على مشروعهم في المنطقة، فقد فشلت جميع حيلهم ومخططاتهم وأفكارهم من التخلص أو التقليل من تمسك الفلسطينيين بأرضهم وديارهم، حتى أولئك اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن، رفضوا كل الحلول وتمسكوا بشيء واحد ألا وهو حق العودة.

لا أعتقد أن التاريخ سجل حالةً مشابهةً لإصرار شعب وتمسكه بأرضه وهويته وثقافته وحقه كالشعب الفلسطيني، فبالرغم من الظروف المختلفة ومحاولات الاجتثاث المتكررة والصعوبات المتلاحقة والصفقات المغرية الضخمة وحملات التطهير العرقي المستمرة إلا أن الهوية الفلسطينية لم تمت بل زادت وقويت وتجذرت، وشعار الكبار يموتون والصغار ينسون فشل وتحطم وانتهى بجيل يشتاق لفلسطين ويعمل على استعادتها والقضاء على المشروع الإحلالي فيها.

إن مجرد وجود الشعب الفلسطيني على أرضه المحتلة عام 48 يعتبر تهديداً وخطراً استراتيجياً على الاحتلال، فكل مواطن فلسطيني يعيش هناك هو مقاومة بحد ذاته، ويكفيه أن يأكل ويشرب ويعيش على أرضه ويتمسك بهويته ولغته ودينه، فهو بذلك يدق مسماراً في نعش الاحتلال ويعمل على تقويض فكرته من أساسها.

ولهذا إن شرط نتنياهو الاعتراف بدولة يهودية يهدف في حقيقة الأمر للتخلص من أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يعتبرهم كابوساً وخطراً استراتيجيا على مشروعه الصهيوني، فالاحتلال ومنذ قيامه عام 48 وهو يمارس التضييق والمحاصرة على السكان الأصليين، ويمنعهم من التملك والبناء والإعمار.

ومن الملاحظ أن فلسطينيي 48 يعيشون حالةً وطنيةً عالية، كما قدموا لشعبنا إرثاً ثقافياً عظيماً، ويُنظر إليهم على أنهم أبطال في خط المواجهة الأول، ولا يُطلب منهم إلا أن يثبتوا وينظموا أنفسهم ويهتموا بتعليم أبنائهم واقتصاد أسرهم وبناء مؤسساتهم الثقافية والتنموية، ويُحاربوا مخططات المخابرات الإسرائيلية بنشر الجريمة والمخدرات بين شبابهم، وعلى المهتمين بدعم قضيتنا توجيه الاهتمام والمساندة لهم عبر إبراز رموزهم، والتنسيق معهم ومد خطوط العمل المشترك معهم ودعمهم مالياً وعلمياً وثقافياً، للاستمرار في دورهم الفلسطيني البناء.

اخبار ذات صلة