من الصعب التنبؤ إن كان الغموض الكبير الذي يحيط بصفقة القرن وكل تفاصيلها وتوقيت الإعلان عنها متعمدا أم مرده الاختلاف بين القوى العظمى والضغوط التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي لتمريرها بأسرع وقت، بينما الحديث يدور عن طرحها في شهر أبريل المقبل وبذات الوقت تترد أنباء بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيعلنها الأسبوع القادم.
الصفقة التي لاقت غضبا كبيرا من أطراف دولية عديدة وتحديداً الاتحاد الأوروبي الذي رفض اعلان ترمب القدس عاصمة للاحتلال، من الواضح أنها تسابق الزمن ما بين الضغط لإعلانها وكسب الوقت وبين محاولات التعديل في مسعى لإعطاء أي شيء يسمح للطرف الفلسطيني القبول بها.
رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني تحدث عن توجهٍ لدول الاتحاد الأوروبي، للتفاوض مع الإدارة الأمريكية لإقناعها بتعديل بنود (صفقة القرن) التي تعتزم طرحها قريباً، وذلك لتتضمن بنوداً جديدة، تتعلق بتبني حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 67 عاصمتها القدس الشرقية بالمفهوم الفلسطيني ووقف الاستيطان.
ورغم أن القضية الفلسطينية تتجه نحو الحسم في كل الملفات وبشكل أحادي الجانب من الطرف الإسرائيلي وبدعم أميركي، إلا أن الرفض الدولي والفلسطيني لها قد يكون أحد العقبات، لذا فإن الاتحاد الأوروبي قد يدفع باتجاه تعديل بعض البنود التي من شأنها أن تقدم شيئا لفريق التسوية الفلسطيني.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي ما زال يتمسك بحل الدولتين، ولا يدعم الدخول في تناقض حول قضايا الحل النهائي "القدس واللاجئين والحدود" إلا عبر المفاوضات، وقد عبر الاتحاد الأوروبي عن موقفه بقوة من خلال التصويت ضد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال الذي جرى في الأمم المتحدة، كما أنه لا توجد أي دولة أوروبية على استعداد لنقل سفارتها للقدس او الاعتراف بها عاصمة للاحتلال.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تنبه فجأة إلى أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون وسيطاً كونها طرفا غير نزيه، يريد منه الاتحاد الأوروبي أن يرد على صفقة القرن من خلال عدة نقاط وهي:
-رفض صفقة القرن.
-الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وهو ما تم ربطه سابقاً بإنهاء الصراع.
-أن تشارك أوروبا في رعاية عملية التسوية وعدم تركها للولايات المتحدة.
في المقابل فان الدول الأوروبية وتحديداً الوازنة منها لا ترغب في لعب دور البديل عن أميركا خاصة أنها لا تملك أوراق القوة التي تمكنها من ذلك وتحديداً القدرة على الضغط على الجانب الإسرائيلي، وقد صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صراحة لأبو مازن بذلك خلال زيارة لفرنسا حينما قال "لا نرغب في أن نكون في موقف رد الفعل على خطوات ترمب".
وبحسب آخر تسريبات لبنود صفقة القرن التي نقلتها صحيفة هآرتس، فإنها تنص على إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، تتألف من أراضٍ غير متجاورة تبلغ مساحتها نحو 40 في المائة فقط من الضفة الغربية، وهي المناطق المحددة في المنطقتين "أ" و"ب" في اتفاق أوسلو، وعاصمة بالقرب من القدس، كما سيسمح لـ(إسرائيل) بضم 10 إلى 15 في المائة من الضفة الغربية وغور الأردن، وعلى طول سلسلة جبال الضفة الغربية وتحتفظ بالمسؤولية الشاملة عن أمن المنطقة.
ومن الصعب على الاتحاد الأوروبي القبول ببنود هذه الصفقة لعدة أسباب، وهي:
أوروبا تتمسك بحل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كونه يحظى بقبول دولي وموافقة فلسطينية وعربية.
عدم إقامة دولة للفلسطينيين يعني استمرار الصراع في منطقة الشرق الأوسط والذي يهدد أمن واستقرار أوروبا وحدودها.
استمرار النزاع يعني مزيدا من تدفق اللاجئين الى دول أوروبا.
من الصعب أن تقبل بالقدس عاصمة لليهود.