تُصر حركة فتح على عقد المجلس الوطني الفلسطيني بعيداً عن الإجماع الوطني، وذلك خلافاً لما تم التوافق عليه بين الفصائل في اتفاق بيروت الموقع العام الماضي، والقاضي بضرورة عقده بصيغة جديدة خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي التفاصيل، ذكرت صحيفة "القدس العربي" أن اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني ستتوجه قريباً إلى رئيس السلطة محمود عباس لطلب الموافقة على عقد دورة جديدة للمجلس في الشهر المقبل، من أجل اختيار قيادة جديدة لمنظمة التحرير.
ومما لا شك فيه، أن هذا التسارع في عقد الوطني يأتي في إطار استعدادات حركة فتح لمرحلة ما بعد عباس، حيث أن هذه المرحلة بدأت فعلياً داخل أروقة الحركة، وخاصة بعد أخذها الضوء الأخضر من بعض الدول ذات التأثير الإقليمي والدولي.
زيادة الشرخ
وحذرت فصائل فلسطينية من أي انعقاد لـ "الوطني" يتجاوز توافقات لقاء بيروت، مبينة أن ذلك من شأنه أن يزيد الشرخ في ساحة العمل السياسي الفلسطيني، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
غير أن القيادي الفتحاوي يحيي رباح، لم يعتبر أن هناك تعجلاً في خطوات حركته لعقد المجلس الوطني، عاداً أنه كان يجب أن يعُقد منذ مدة، وذلك لمواجهة التحديات الراهنة.
وأشار رباح في حديثه لـ"الرسالة" الى أنه مازالت المحاولات -من حركة فتح- جارية لأن يُعقد المجلس الوطني بحضور وموافقة ورضا الجميع، موضحاً أن السيناريو الذي تصبو حركته للمضي فيه "تحقيق مصالحة يكون الجميع مشاركين فيها بكفاءة في إطار دولة واحدة بنظام سياسي وقانون واحد ينطبق على الجميع"، على حد تعبيره.
وبين أن انعقاد المجلس الوطني سيتخلله إجراء الانتخابات لاختيار أعضاء المنظمة كلٌ وفق البرنامج الذي يمثله، مضيفاً أن هناك أعضاء في اللجنة التنفيذية لديهم أوضاع صحية ومن المتوقع أن يغادروا المنظمة، وبعضهم ليس لديه الرغبة في الاستمرار بالعمل السياسي، في حين أن هناك آخرين لديهم الرغبة للعمل والانخراط في المنظمة.
بحث عن الشرعيات
وتُصر حركتا حماس والجهاد الإسلامي، على الالتزام بمخرجات اتفاق بيروت، التي نصت على ضرورة عقد دورة المجلس الوطني بصيغة جديدة، وأن يحدد زمانها ومكانها بالتوافق.
واعتبر القيادي في حركة حماس يحيى موسى، أن كل ما يجري في الساحة الفلسطينية من تجاوزات تقوم بها حركة فتح لا يمكن أن يُكتب لها النجاح، مشيراً إلى أن عباس يبحث عن الشرعية بأي طريقة ويحاول أن يُقطع الزمن ليُبقي نفسه أكبر وقت ممكن على رأس كل المؤسسات الفلسطينية.
وأكد لـ"الرسالة" أن تلك المؤسسات لم يعد لها مصداقية ولا مشروعية ولا شرعية في الساحة الفلسطينية، مرجعاً ذلك إلى الحالة الفلسطينية برمتها التي تعيش حالة اختطاف للقرار الفلسطيني وتفكيك للقضية الفلسطينية من خلال ما يقوم به عباس.
وشدد موسى على ضرورة أن تتشكل جبهة وطنية تضع حداً لهذا العبث في الساحة الفلسطينية، لافتاً الى أن بعضاً من الفصائل الموجودة بالمنظمة "عبارة عن كومبارس لحركة عباس"، وتابع أنه لا يمكن لأحد أن يأخذ الشرعية من أعداء الشعب الفلسطيني".
وكان حزب الشعب وعلى لسان عضو مكتبه السياسي وليد العوض، دعا مؤخراً إلى تحديد موعد واضح وفي أقرب وقت لعقد المجلس الوطني، معتبراً أن الإسراع في عقده بات ضرورة وطنية، لا تقبل التسويف والمماطلة أو المناكفة السياسية.
برنامج "الحد الأدنى"
من ناحيتها، عبرت الجبهة الشعبية على لسان عضو مكتبها السياسي رباح مهنا، عن عدم قبولها لعقد المجلس الوطني في رام الله، مؤكداً على ضرورة عقد مجلس وطني توحيدي في الخارج.
وشدد مهنا على رفض جبهته عقد مجلس وطني لا يحقق النتائج الأساسية والتمسك بالثوابت والاتفاق على برنامج وطني، ولا يضمن تمثيلا حقيقيا لكل الشعب الفلسطيني بكل قواه السياسية والمجتمعية.
وأشار مهنا خلال حديثه لـ"الرسالة" لضرورة الاتفاق على مشروع برنامج سياسي يمكن تسميته برنامج "الحد الأدنى" المتفق عليه من الكل الفلسطيني، بحيث يستند الى التمسك بالثوابت واستمرار النضال ضد الاحتلال.
وكشف أن الجبهة الشعبية عطلت مرتين عقد المجلس الوطني في رام الله، مشدداً على أنهم سوف ينجحون هذه المرة مع كل الخيرين وأصحاب المبادئ في منع عقد الوطني في رام الله، وذلك من أجل الحفاظ على المنظمة وبرنامجها وعلى تمكين الكل الفلسطيني من المشاركة في هذه المنظمة لتعزيز كونها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، على حد تعبيره.