يستخدم ضابط المخابرات الصهيوني بعض العملاء للقيام باستدراج المعتقل، وأخذ معلومات كاملة منه، وهؤلاء العملاء يسمون "العصافير" أو "الصراصير"، وهذه الظاهرة "العصافير" هي الأشد خطراً وفتكاً بالمعتقلين والمقاومين أثناء مرحلة التحقيق.
ويمكن القول إن 90% من الاعترافات في التحقيق تؤخذ عن طريق "العصافير"، وسنتكلم هنا بإيجاز عن بعض أشكال مصائدهم.
العصافير في (أقسام المعتقلين) بين ثلاثة أشكال:
حيث توجد عدة غرف بها عدد من المعتقلين قد يبلغ العشرات، وينقسم إلى قسمين، فيتم إبلاغ المناضل أنه قد أنهى مرحلة التحقيق وسوف ينقل للأقسام الآن، والتي تكون أقساماً للعصافير على ثلاثة أشكال:
الشكل الأول:
أن يكون معظم سكان القسم من العملاء "العصافير"، حيث تذهب إلى غرفة داخل القسم معظم سكانها عملاء "عصافير" يمثلون دور سجناء قدماء داخل السجن بأشكال توحي بأنهم وطنيون، حيث يمثلون دور التنظيم، ويقوم الموجه الأمني بالطلب من المعتقل الجديد أن يكتب تقريراً أمنياً كما جرت العادة داخل السجون، حيث يكتبون له أسئلة تكون معظمها عن معلومات لم يعترف عليها، وأسراراً تنظيمية، وعن "شبه الخسارة داخل التحقيق" أي كم أخذوا (المحققون) منك في التحقيق، وعلى كم اعترفت، 5% أو 10%، وما إذا كانت هناك أشياء أخرى لم تعترف عليها، وعن مجموعات السلاح وما شابه ذلك.. يعني عن كل ما يخفيه المناضل وتبحث عنه المخابرات، وإذا لم يتعاط معهم يقومون بتهديده أو معاقبته بالمقاطعة وعدم الكلام مثلاً، وعزله عن باقي السجناء وتهديده بالتحقيق معه لأنه عميل، والتهديد بالتشفير، أي ضربة بالشفرة في وجهه، أو حتى التهديد بإعدامه، ويمارسون عليه دور الإرهاب والتهديد والوعيد وأنه مدسوس عليهم، وهذا مجرد تهديد فحسب ولا ينفذون أي شيء من ذلك.
الشكل الثاني:
أن يكون معظم القسم يسكنه السجناء من السجناء الشرفاء، حتى ممن يعرفهم المعتقل داخل وأثناء التحقيق والزنازين، أو حتى بل قد يكونون ممن يعرفهم خارج السجن، مما يكسب الثقة والطمأنينة في النفس، حتى يدخل المعتقل داخل غرفة كل أفرادها شرفاء، حيث يكون منهم مسؤول للغرفة وآخر موجه أمني من الشرفاء، ولكن يكون العملاء -فقط- من الذين يعملون في النظافة داخل القسم، ويوزعون الطعام، ويأخذون الأوراق والرسائل والتقارير الأمنية من شخص إلى آخر، ومن غرفة إلى أخرى، وهنا يضغطون عليه وحتى قد يهددونه ببعض التهديدات إن لم يلتزم بطلبات التنظيم، وخصوصاً الموجه الأمني، الذين عادة ما يطلب منه كتابة تقرير أمني، وهذا هو أخطر أسلوب، حيث أن الشرفاء يقومون بدور العملاء من حيث لا يعلمون، مما يسهل الانخداع بهم والسقوط في مصائدهم، ويتولى عمال النظافة "العصافير" الذين يقومون بتوزيع الطعام ونقل الرسائل، نقل هذه التقارير إلى ضابط المخابرات مباشرة وليس إلى التنظيم، ثم تقوم المخابرات بطلب المعتقل لجولة تحقيق أخرى يقومون فيها بمفاجأته بالتقارير.
الشكل الثالث:
وهو الشكل السهل حيث يكون معظم الموجودين في الغرف من العملاء، وقد تكون هناك غرفة أو اثنتين بعدد غير كبير، وهذا الشكل يعمل على كشفه لك لإيهامك أنك ذهبت ومكثت عند العصافير وأنهيت قضية العصافير برمتها تمهيداً لإيقاعك في الفخ.. ويمكن الاستدلال بتجربة "العصافير" في معتقل "مجدو"، و"مجدو" هو سجن أو معتقل عسكري في شمال فلسطين، وهو عبارة عن عدة أقسام بعضها من خيام والأخرى غرف، ويتم نقل المعتقل إلى أحد هذه الأقسام في المعتقل، حيث يكون معظم نزلاء القسم من العملاء، الذين قد يستخدمون واحداً من أسلوبين:
الأسلوب الأول:
تدخل إلى القسم الذي يتواجد به عدد من المعتقلين، على رأسهم شاويش القسم الذي يتعامل مع الإدارة ويتحدث معها حول أمور وحاجيات القسم، ومسؤول القسم، والموجه الأمني الذي يمثل دور الحرب، ويخاطبك بأن فترة الموقوفين حساسة ولا يجب الحديث فيها عن قضيتك أو تنظيمك، أو الحديث عن الفكر السياسي، وأن ذلك ممنوع منعاً باتاً وأنه يسمح لك بالحديث -فقط- مع مسؤول القسم دون الكتابة، وذلك من أجل تسوية قضيتك، أو محاولة وضع الإخوة في الخارج في الصورة، ليقوموا بدورهم بتصحيح الخلل الذي حدث وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وقد تجلس عندهم أكثر من عشرة أيام وتأتيك منه (الموجه الأمني) رسائل تنظيمية عن طريق شاويش القسم، على شكل كبسولة مختومة، تطلب منك الحديث مع شاويش القسم حول قضيتك وتفاصيلها.
الأسلوب الثاني:
حيث يكون معظم القسم من العملاء، الذين يجلسون حلقات للحديث ويبدأ كل واحد منهم في الحديث عن قضيته، وتدور معظم الأحاديث حول قضايا تشبه أو تماثل قضية المعتقل الجديد، مما يساعد على جره وتشجيعه على الحديث في قضيته، وكشف أسرار ومعلومات عنها.
وهناك شراك تنصبها المخابرات للمعتقل تكون متتالية ومتتابعة، مثلا شركين أو ثلاثة شراك وتتعمد المخابرات كشف هذه الشراك للمعتقل حتى يعتقد أنه قد مر بالمصائد، واجتاز أسلوب العصافير، ثم ينصب له شرك رابع محبوك بإتقان يقع فيه بعد تأكده من تجاوز مرحلة شراك العصافير في المرات الثلاث الأولى، فالمخابرات لا تكتفي بشرك أو اثنين فقط، وهذه الأساليب متطورة، وتتبدل وتتغير وتتجدد باستمرار، بحيث لا تبقى المخابرات على أسلوب واحد، ولذلك يجب افتراض وتوقع كل شيء، وليس أفضل من الصمت.
ويجدر بالمعتقل التنبه إلى ملاحظة مهمة جداً، وهي أنك إذا اكتشفت العملاء "العصافير"، فالأصل ألا تشعرهم بأنك عرفتهم وكشفتهم، بل عليك أن توهمهم بأنك قد انخدعت بهم، ويمكنك أن تعطيهم معلومات مضللة، بحيث توصل –عن طريقهم- للمخابرات معلومات تخدمك وتبرئك، أما إذا شعروا بأنك قد اكتشفتهم فسيقومون بعمل شرك آخر لك.
بالتعاون مع موقع "المجد الأمني"