الشارع يتساءل: هل من مصالحة قريبة

ياسمين ساق الله – الرسالة نت                     

من وسط صرخات الحصار والمعاناة تتجلى علامات الأمل المزركشة بخيوط من الالم على ملامح الشارع الفلسطيني الغزي الذي ما زالت أنظاره متجهة صوب العاصمة المصرية القاهرة التي تحتضن ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية, فهل ستنجح ثمار الجهود المصرية في رأب الصدع الداخلي أم ستذهب مع رياح الماضي …

"الرسالة" استطلعت آراء الشارع الغزي تجاه قضية المصالحة الوطنية لاسيما بعد الحراك الاخير فيها .

لا أتوقع

راكان شحادة "21عاما" طالب بكلية العلوم الإدارية والاقتصادية بجامعة القدس المفتوحة قال للرسالة قلقا:"لا أتوقع من فتح وحماس الوصول لمصالحة لأننا مللنا الخطابات والمؤتمرات المليئة بالأمل , لكن أحتفظ بقليل من التفاؤل لكي لا أكون متشائما بعدم الوصول لاتفاق".

وتابع الطالب شحادة وعلامات التعجب تتجلى على وجه الصغير:" جولات الحوار السابقة كانت خير دليل على فشل التوصل لأي اتفاق فلسطيني قادم على الرغم من كثرة الحديث عن حدوث اختراقات وايجابيات في بعض القضايا العالقة إلا أن التأجيل والفشل كان الحدث الأبرز لجهودهم ", مضيفا:" أنا لا أتوقع النجاح بالتوصل لاتفاق مصالحة فلسطيني ينهى حالة الانقسام الداخلي ولكن الأمل والتفاؤل بالنجاح ما زال حلم الجميع".

وكانت سبعة جولات للحوار الوطني الفلسطيني خاضتها الفصائل في القاهرة فشلت في اعادة الوحدة إلى شطري الوطن , حيث تمثل قضايا المعتقلين السياسيين وقانون الانتخابات، والقوى الأمنية ، أبرز القضايا الخلافية التي تعوق التوصل لاتفاق بين الحركتين.

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أكد خلال مؤتمرٍ صحفي عقده في العاصمة المصرية:" إن حركة حماس تعاملت بإيجابية كبيرة مع الورقة المصرية الداعية للمصالحة وسرَعت بإنجاحها" وأن المصريين يعكفون على بلورة صيغة نهائية للمصالحة الوطنية حيث سيتم دعوة كافة الفصائل الشهر المقبل لتوقيع الاتفاق.

انفراج جيد

المواطن سعد خليل "29عاما" نائب رئيس جمعية الإخوة الفلسطينية العراقية اعتبر ما حدث بالقاهرة ولقاء وفود حركتي فتح وحماس بالقيادة المصرية انفراجا , قائلا:" هناك انفراج ملحوظ في الخطاب الإعلام والسياسي الأخير الذي انطلق من القاهرة مما يدلل على حدوث تقدم في ملف المصالحة ", معربا عن أمله بوجود تعاط صادق وحقيقي من قبل فتح تجاه تحقيق خطوة ايجابية في ملف المصالحة.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية عن مصادر فلسطينية قولها إن حماس أعطت ردا إيجابيا على الورقة المصرية وأبدت بعض الملاحظات عليها, مشيرة إلى أن مصر ستقوم خلال الأيام القادمة بجهودها واتصالاتها مع كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية لأجل إنهاء كل الجزئيات العالقة تمهيدا لعقد اللقاء الشامل الذي سيتم الشهر المقبل.

وبرفقة ابتسامته البسيطة تابع المواطن خليل حديثه:" نحن لا نريد عبارات مفعمة بالأمل والتفاؤل المغشوش, فانتظارنا يا فتح وحماس طال كثيرا فنحن نريد التطبيق وليس القول فقط ", مطالبا مصر بالضغط على الأطراف المتنازعة للإسراع في انجاز المصالحة وإنهاء الانقسام .

وختم رئيس جمعية الإخوة العراقية الفلسطينية حديثه وبريق الأمل ينطق من عينيه قائلا:" إن ما يحدث بالمسجد الأقصى من اعتداءات وهجمات واقتحامات يتطلب منا التوحد والوحدة ضد ما يرتكبه الاحتلال بالقدس والأقصى ".

وكانت حركة فتح سلمت ردها على الورقة المصرية مبدية موافقتها عليها بما فيها إرجاء موعد الانتخابات الفلسطينية 6 أشهر عن موعدها المقرر قبل 25 كانون الثاني (يناير) المقبل، في النصف الأول من عام 2010، لكنها طلبت أن يتم تحديد موعد نهائي حتى يستطيع الرئيس عباس المنتهية ولايته أن يصدر مرسوما رئاسيا بالدعوة للانتخابات قبل كانون الثاني (يناير) المقبل تفاديا للثغرات الدستورية.

تعنت مقابل مرونة

بينما كان جالسا على مكتبه تتوسطه مجموعة من الأوراق الحسابية , أعرب عبد الله أبو هويدي "27عاما " مدير شركة الحصن المنيع للتجارة العامة والاستثمار والاستشارات المالية عن أمله بأن لا يكون مصير جولة الحوار القادمة من الفشل كمصير الجولات السابقة , قائلا:"عدم حدوث أي تقدم في الجولة القادمة سيعمق وتيرة الانقسام ويزيد معاناة الحصار الإسرائيلي , لذا كلنا أمل بنجاح الجهود المبذولة بالقاهرة لإنهاء الانقسام ".

 

وبرفقة نظرات الأمل والتفاؤل التي كانت تغلف أجواء الحديث يضيف أبو هويدي :" حماس قدمت ما بوسعها لإنجاح ملف الحوار الوطني في المقابل فتح تتعنت وتصر على مواقفها فكيف سنحقق وحدتنا , لكن المشهد الأخير الذي حدث بالقاهرة بحضور مشعل يعطي أملا كبيرا بحدوث تقدم في المصالحة خلال الأيام القادمة وهذا ما نسعى لرؤيته وسمعاه ", مطالبا فتح بالعمل على تخفيف وطأة الحصار الإسرائيلي على القطاع من خلال عدم التجاوب مع الاحتلال والتواصل بالمفاوضات الصهيوأمريكية التي لا فائدة منها على حد قوله.

ووجه مدير شركة الحصن المنيع رسالة لحركة حماس قائلا فيها :" يجب التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وعدم التنازل عن أدنى حق من حقوق الشعب الفلسطيني لان المواطن صبر وتحمل الكثير من حصار وإهانة ومعاناة ", مطالبا فتح بأهمية العودة إلى النهج الوطني الصحيح الذي سار على دربه كافة القيادات السياسية الفلسطينية المحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني .

وفي سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية أن لقاءات وفد "حماس" بقيادة مشعل مع الوزير عمر سليمان بالقاهرة ناقشت الترتيبات النهائية لعقد جلسات الحوار الفلسطيني الأخيرة، التي ستسبق توقيع الاتفاق النهائي في الأسبوع المقبل,وقال مسئولون مصريون إن القاهرة تخطط للدعوة لجولة حوار أخيرة منتصف الشهر القادم تنتهي بالتوقيع على الاتفاق المقترح منها.

نريد اليوم

ومواصلة لمعرفة أراء الشارع الفلسطيني تجاه قضية الحوار الوطني , المواطنة حنان الكيلاني "49عاما" ربة بيت وأم لسبعة أطفال لم تكن أحلامها وأمالها بالبعيدة عن سابقيها , فتحدثت للرسالة قائلة:" على الرغم من كوني ربة بيت ولدي المسئوليات الكثيرة إلا أنني على متابعة متواصلة لكافة ما يجري على الساحة الفلسطينية وتحديد ملف الحوار الوطني , فكنت أحزن عندما أسمع تأجيل جولة وتعطل الأخرى ".

وتابعت الكيلاني بحماسة :" تعبنا وعايشنا الحصار بمراراته فنريد اليوم العيش برفقة الوحدة واللحمة الداخلية التي اشتقنا إليها لكي نستعيد ما فقد منا , فعلى الجميع وضع مصلحة المواطن والقضية فوق أي مصلحة أخرى ", متمنية أن تشهد الأيام القليلة القادمة عرسا فلسطينيا موحد بين الضفة الغربية وقطاع غزة .

وكانت مصادر صحفية مصرية كشفت عن أن هذا الحوار من المقرر له أن يعقد الأسبوع القادم، وأنه سوف يستهل بلقاءات مع وفدي حركتي "فتح" و"حماس" باعتبارهما كبرى الحركات، وأن الخلافات والنزاعات التي تسببت في الأزمة الراهنة قائمة بينهما.

وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة أن الموعد المقترح لعقد المؤتمر الوطني الشامل للتنظيمات والفصائل الفلسطينية لمناقشة مشروع المصالحة النهائية، الذي تعكف مصر حاليا على إعداد صيغته النهائية في ضوء ردود كافة الفصائل عليه، سيكون يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، يعقبه حفل التوقيع على إعلان القاهرة للمصالحة لعام 2009.

فهل ستشهد الساحة الفلسطينية في القريب جني لثمار الجهود المبذولة لإنجاح اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية , أم ستقلب عقارب الساعة وتغير الموازين ….فلننتظر ؟

 

البث المباشر