قالت الكاتبة أبيغيل تريسي في موقع مجلة "فانيتي فير"، إن وليي العهد في كل من السعودية والإمارات يتنافسان حول من يملك التأثير الأكبر على صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر.
وتقول تريسي إن "المستشار الغامض في عالم ترامب جورج نادر، الذي تحول إلى شاهد متعاون في التحقيق الذي يجريه المحقق الخاص روبرت مولر في التدخلات الروسية في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، كان موضوعا لفصل غريب يوم الأربعاء، عندما كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) كيف عمل نادر مع مسؤول بارز في اللجنة القومية للحزب الجمهوري، لتأمين التأثير السعودي والإماراتي في البيت الأبيض".
وتضيف الكاتبة في مقالها، أن "مولر، كما نعلم، يقوم بالتدقيق في الدور الذي أداه المال الأجنبي في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وهو ما قاده إلى نادر، الشخصية المعروفة، إن لم تكن شخصية تعمل على هامش الدوائر السياسية في واشنطن، والمستشار لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد".
وتشير المجلة إلى أن نادر أدى دورا في تنسيق لقاء عقد قبل تنصيب الرئيس دونالد ترامب، وحضره ممثلون لدولة الإمارات ومدير شركة التعهدات الأمنية المعروفة سابقا باسم "بلاكووتر" إريك برينس، مع مصرفي مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جزر سيشل، لافتة إلى قول برينس إن اللقاء تم بالمصادفة، وبأنه لم يكن يمثل الرئيس ترامب.
وتلفت تريسي إلى أن نادر، الذي عقد صفقة حصانة مع مولر، حضر كذلك لقاء آخر تم في كانون الأول/ ديسمبر في برج ترامب، الذي التقى فيه ولي عهد أبو ظبي مع كوشنر، والمسؤول السابق في البيت الأبيض ستيفن بانون.
وتورد المجلة أن صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أن تأثير نادر امتد لمرحلة ما بعد تولي ترامب المنصب وإلى البيت الأبيض، ومن خلال نائب رئيس التمويل في اللجنة القومية للحزب الجمهوري إليوت برويدي، وهو ما كشفت عنه مئات الصفحات من المراسلات، مشيرة إلى أن نادر حاول الحصول على مساعدة برويدي للتأثير، نيابة عن حكام الإمارات والسعودية في البيت الأبيض.
وتكشف الكاتبة عن أن قائمة الطلبات ضمت الإطاحة بوزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي اشتبك مع كوشنر فيما يتعلق بحكام الخليج وحصارهم لدولة قطر قبل عزله في هذا الشهر، منوهة إلى أن من بين المحفزات التي قدمها نادر لإليوت عقدا بقيمة 2.7 مليون دولار مقابل الاستشارة والتسويق وخدمات أخرى، بالإضافة إلى إمكانية عقد صفقات دفاعية مع شركته "سيركينوس" للتعهدات الأمنية، التي قد تصل إلى مليار دولار مع السعودية والإمارات.
وتبين المجلة أنه مقابل هذه العقود حث نادر برويدي على تشجيع ترامب على لقاء ولي عهد ابو ظبي ابن زايد خارج البيت الأبيض، "بحسب الوقت المناسب" للرئيس، وهي فكرة ألغاها مستشار الأمن القومي السابق أتش آر ماكماستر، لافتة إلى أن محامي نادر رفض التعليق، فيما قال محامي برويدي إن الهدف من هذه الجهود كان تقوية الأمن القومي للولايات المتحدة، وبالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة.
وتنقل تريسي عن متحدث باسم برويدي، قوله إنه يعتقد بقيام قراصنة بسرقة الوثائق نيابة عن دولة قطر، التي يدعم حصارها, وهو ما تنفيه الدوحة.
وتفيد الكاتبة بأن "إمكانية تعاون نادر وبرويدي لدفع إدارة ترامب لاتخاذ سياسات متحيزة للسعودية والإمارات تأتي في وقت تتعرض فيه علاقات كوشنر مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتمحيص، فمنذ وصول ترامب للمكتب البيضاوي عمل كوشنر على تقوية العلاقة مع الأمير ابن سلمان بشكل واضح، حيث عمل الاثنان على هدف مشترك، وهو إنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وذكر موقع (إنترسبت) في يوم الأربعاء أن ولي العهد السعودي تفاخر بأن كوشنر (صار في جيبه)".
وتنوه المجلة إلى أنه يقال إن الاثنين وطدا علاقتهما أثناء رحلة ترامب الخارجية، التي اختار فيها السعودية محطته الأولى، مشيرة إلى أنه عندما زار كوشنر السعودية سرا في تشرين الأول/ أكتوبر، يقال إنه وابن سلمان ظلا يتحدثان حتى الساعة الرابعة صباحا، ولعدة ليال، وتبادلا الأفكار والاستراتيجيات.
وتورد تريسي أن موقع "إنترسبت" نقل عن مصادر قولها إن ابن سلمان أخبر المقربين من مساعديه أن كوشنر قدم له أثناء زيارته للرياض قائمة بالأمراء غير الموالين له، لافتة إلى أن معلومات كوشنر، الذي تم سحب الإذن الرسمي له بحضور اللقاءات الحساسة، جاءت من تقرير قدمته المخابرات الأمريكية لترامب.
وتذكر المجلة أن متحدثا باسم كوشنر رفض القصة، واصفا إياها بالسخيفة، وبأنها لا تستحق الرد، مشيرة إلى أنه بعد أسبوع من زيارة كوشنر قام الأمير محمد بحملة "مكافحة الفساد"، التي اعتقل فيها أمراء ورجال أعمال، ومعظمهم وردت أسماؤهم في التقارير اليومية التي تقدم لترامب بشكل يومي.
وتعلق الكاتبة قائلة إن "ابن سلمان ليس الحاكم الوحيد الذي يتفاخر بعلاقته وتأثيره على كوشنر، فبحسب صحيفة (ديلي ميل) فإن كلا من ابن سلمان وابن زايد نسبا لنفسيهما قرار ترامب عزل وزير خارجيته تيلرسون، وقال مصدر يزعم أنه مقرب من ابن سلمان: (يزعم محمد بن سلمان في أحاديثه الخاصة أن الإطاحة بتيلرسون كانت أحد مطالبه لترامب من خلال كوشنر قبل زيارته للولايات المتحدة، ويبدو أنه حصل على ما يريد)".
وتنقل المجلة عن مصدر آخر، قوله إن محمد بن زايد "خاف" مما بدا أنه استقلالية تيلرسون، "ولهذا حاولت (الإمارات) كل ما في وسعها ليوصل كوشنر رسالة بضرورة الإطاحة بتيلرسون"، وربما تم نقل هذه الرسالة إلى برويدي.
وتورد تيرسي نقلا عن شخص مقرب من العائلة الإماراتية الحاكمة، قوله إن "العائلات الحاكمة في الخليج كلها شمتت، وزعمت أنها كانت وراء عزل تيلرسون"، وقال آخرون يدورون في فلك الأمراء إن "عزل تيلرسون جاء نتيجة الجهود المشكورة التي قام بها محمد بن زايد"، منوهة إلى أن ممثلين عن سفارتي السعودية والإمارات في واشنطن رفضوا التعليق.
وتبين المجلة أن مولر يهتم بولاءات كوشنر وما إذا جعله التضارب في المصالح المالية عرضة للتلاعب من الحكومات الأجنبية، مشيرة إلى أن صحيفة "واشنطن بوست" نشرت في الشهر الماضي أن المسؤولين في الإمارات ناقشوا طرقا لبناء تأثير على كوشنر، والاستفادة من "ترتيباته المالية المعقدة، والمصاعب المالية، وقلة الخبرة في السياسة الدولية".
وبحسب الكاتبة، فإن متحدثا باسم كوشنر رفض هذه التقارير، واصفا إياها بأنها "غير دقيقة"، و"من مصادر مجهولة تقوم بنشر هرطقات"، لافتة إلى أن كوشنر حاول الحصول على تمويل لمبنى في نيويورك يواجه صعوبات فيه، وحاول إقناع القطريين بالاستثمار فيه دون جدوى، وهو ما قاد البعض للتكهن بأن موقف ترامب الداعم لحصار قطر كان بسبب رفض القطريين، وهو زعم ينفيه ترامب وكوشنر والبيت الأبيض.
وتورد المجلة نقلا عن السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي قوله لمحطة "إي بي سي": "لم نفهم السبب الذي جعل إدارة ترامب تدعم الموقف السعودي؛ لأن الولايات المتحدة لديها مصالح مهمة في قطر"، حيث كان ميرفي يعلق على تقرير لموقع "إنترسبت" حول محاولات كوشنر الحصول على تمويل من قطر.
وتختم تريسي مقالها بالإشارة إلى قول ميرفي: "إذا كان السبب لتعريض هذه الإدارة حياة الجنود الأمريكيين للخطر هو حماية المصالح المالية لعائلة كوشنر، فإن هذا يعني الحاجة لإحداث تغييرات كبرى في البيت الأبيض".
"عربي21"