شرع الفلسطينيون في نصب الخيام قرب السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 48 استعداداً لمسيرات العودة المتزامنة مع ذكرى يوم الارض الذي يصادف الثلاثين من مارس، الأمر الذي دفع الاحتلال الإسرائيلي لإعلان حالة الجهوزية خشية تدحرج الأحداث لوقوع تصادم ومواجهة مباشرة مع المتظاهرين.
وتحاول سلطات الاحتلال تعطيل مسيرة العودة منذ اللحظة الأولى للإعلان عنها، مدعية أن حماس تحاول فرض تحد جديد على جيشها عبر القيام بمسيرات جماهيرية كبيرة مما أدى إلى ارباك أمني وسياسي إسرائيلي.
في المقابل دعا القائمون على المسيرة عبر صفحتهم على "فيسبوك" الفصائل الفلسطينية وقوى المجتمع المدني والنقابات كافة إلى المشاركة في مسيرة العودة الكبرى، مع مراعاة الطابع الشعبي لهذه المسيرة وألا تتخذ صبغةً فصائليةً لنزع المبررات من حكومة الاحتلال لاستهدافها وفق ما ذكرته الصفحة.
ويقول الكاتب الاسرائيلي يوني بن مناحم وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية في تغريدة له عبر تويتر: "إن هذه المسيرات ستكون تحت عنوان مسيرات العودة الكبرى، وستضم آلاف الفلسطينيين من أجل التوجه إلى نقاط التماس الحدودية مع الجيش الإسرائيلي"، مدعيا أن تلك المسيرات مأخوذة من تجربة حزب الله حينما استخدمها في 2011 على الحدود اللبنانية "الإسرائيلية".
في حين كشفت القناة العبرية الثانية، عن عدة أفكار تم اقتراحها خلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت)، المخصص لبحث سبل مواجهة مسيرة العودة التي دعت اليها فعاليات غزة يوم الجمعة المقبل، والذي يصادف يوم الأرض.
وقالت القناة العبرية، إن أحد أعضاء الكابنيت يوفال شتاينيتس اقترح في الاجتماع أن تقوم مروحيات اسرائيلية بإنزال طرود من الغذاء والدواء وسط المتظاهرين لينشغل الجمهور بأخذها ولا يقتربون من الجدار الذي يحاصر غزة.
وأضاف: "الفكرة سخيفة، لكنها وجدت اهتماما اسرائيليا وتغطية أكبر، ما يدل على عجز كابنينيت الاحتلال في مواجهة مسيرات سلمية غير مسلحة".
في حين سخر شبان غزيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من هذا الاقتراح واعتبروه مضحكا كونه لا يعبر سوى عن ضعف (إسرائيل) في مواجهة حق العودة الفلسطيني، وأنها مفلسة في مواجهة الاحتجاجات السلمية.
ويبرر شتاينتس مقترحه بأن (إسرائيل) ستكسب مرتين من تلك خطوة؛ الأولى أن تخصم فاتورة هذه الطرود من عائدات الضرائب الفلسطينية، أما المكسب الثاني فيتمثل في إظهار (إسرائيل) بمظهر الحريص على غزة ومقارنتها بالسلطة التي ترغب بقطع الكهرباء عن السكان هناك.
في حين، قال وزير الاستيطان وقائد المنطقة الجنوبية الأسبق يوآف جالانت الذي حضر الجلسة أنه جرّب في إبان خدمته العسكرية بغزة عندما أشغل الفلسطينيين بالإفراج عن بعض الأسرى قبل 500 متر من الموقع الذي ساروا باتجاهه لاقتحامه، بالإضافة الى تجريبه إلقاء دُمى عليهم جوًا.
ويعلق عدنان أبو عامر المختص في الشأن الاسرائيلي قائلا:" المقترح الاسرائيلي ينم عن حالة الإرباك الحقيقي التي يعيشها الاحتلال مع المسيرات، ويأتي ذلك في سياق التفكير خارج الصندوق"، متابعا: المقترح لا يخدم (إسرائيل) في كبح جماح الفلسطينيين لوقف المسيرات الشعبية".
ويوضح أبو عامر خلال حديثه "للرسالة" أن قطاع غزة لا يعاني مجاعة كأفريقيا، لذا يعتبر المقترح بإنزال طرود غذائية وأدوية حافزا قويا للفلسطيني خلال تحضيره لتلك المسيرات وما سيحدث من قبل (إسرائيل) لن يكون مفاجئا لهم.
أما فيما يتعلق بمحاولة حكومة الاحتلال احراج السلطة الفلسطينية، يرى المختص في الشأن الاسرائيلي، أن (إسرائيل) تسعى لتكون طرفا متقدما على السلطة في انقاذ القطاع، رغم أنها طرف في الحصار المفروض منذ 12 عاما، مشيرا إلى أنه من المفترض قيام السلطة بخطوات استباقية والتخفيف عن قطاع غزة، ودعم المسيرات السلمية.
وتجدر الاشارة إلى أن القناة العبرية الثانية، ذكرت أن تلك الأساليب التي ينتهجها الاحتلال "عفا عليها الزمن"، وأنه في زمن الصورة هنالك شك في إمكانية نجاح أو تحقيق هذه الحلول، بينما قال أعضاء في الكابينت إن جوهر النقاش حول تلك المسائل يظهر مدى التورط الإسرائيلي في موضوع غزة.