منذ توليه إدارة البيت الأبيض، يروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتطبيق صفقة القرن لتسوية القضية الفلسطينية، غير أن طاقمه السياسي قرر تأجيل طرح الصفقة إلى أجل غير مسمى، مثيراً بذلك علامات الاستفهام.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن "الفريق الأمريكي يبحث عن صفقة قابلة للاستمرار، ومقبولة من الأطراف، وهذا يتطلب المزيد من الانتظار والدراسة".
وأضافت: "لا يمكن فرض الخطة على الفلسطينيين بالقوة، المطلوب هو أن يقبل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي الخطة، أولاً، ثم يتم ضم بقية الأطراف العربية إليها".
وتتضمن الخطة مرحلتين الأولى للانطلاق، أما الثانية للتفاوض، بحيث تقترح الخطة نقطة بدء على الطرفين ثم يستكملان التفاوض بشأن بقية المراحل، لاسيما الحدود.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن موقف الرئيس محمود عباس الرافض للتعاطي مع الإدارة الأمريكية وخطتها، دفع الأخيرة إلى تأجيل عرضها.
ونقلت صحيفة "الحياة" عن مسؤول وصفته بأنه "بارز" قوله: "رب ضارة نافعة، إعلان الرئيس الأمريكي بشأن القدس أدى إلى إفشال خطته قبل أن تُعلن".
وقال: "لو لم يعلن ترامب القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، لكان من الصعب على الفلسطينيين رفض العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس خطة ترامب، أما بعد الإعلان، فلا يمكننا العودة إلى المفاوضات، ومن دون مشاركتنا لن يكون هناك خطة ولا مفاوضات".
وكانت "الحياة" نقلت عن مسؤول "رفيع المستوى" دون أن تسميه، قوله إن "الإدارة الأمريكية تتأنى في إطلاق خطتها السياسية التي تُسمى صفقة القرن لأنها تستعد لمرحلة ما بعد الرئيس عباس".
وفي السياق ذاته، قال موقع "ميدل إيست آي": "إن مسؤولين سعوديين تسلموا نسخة من "صفقة القرن" التي أعدتها الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، غير أنها لم تنشر بعد رسمياً".
وكشف الموقع أن الصفقة تقع في 35 صفحة، وعلم بها الجانب الفلسطيني بالكامل، وعلقت السلطة بقولها: "لن تجد فلسطينيا واحدا يقبل بهذه الصفقة"، بحسب ما صرح به مسؤول فلسطيني رفض الكشف عن اسمه.
في حين أكد موقع "ديبكا" الإسرائيلي في تقرير له، أن ترامب قرر تأجيل مبادرة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أو ما يعرف "صفقة القرن" إلى أجل غير مسمى، وربما التأجيل يكون حتى العام المقبل 2019 أو 2020.
وأوضح التقرير أن قرار التأجيل الأمريكي يأتي تحسبا لقرارات متعلقة بكوريا الشمالية وإيران، لافتا إلى أن هذه هي الرسالة الرئيسية التي ألقاها مبعوث ترامب جيسون جرينبلات في البيت الأبيض الثلاثاء الماضي، أمام ممثلي الشرق الأوسط حول قطاع غزة.
وأشار الموقع الإسرائيلي إلى أنه "لم يتم تسليم الرسالة بشكل رسمي خلال المؤتمر"، مستدركا قوله: "لكن وصلت في المحادثات التي جرت بين غرينبلات مع ممثلين إسرائيليين وعرب في أروقة البيت الأبيض خارج قاعة المؤتمرات".
ومن المتوقع أن يتم تأجيل "صفقة القرن" إلى أجل غير مسمى، وربما التأجيل يكون حتى العام المقبل 2019 أو 2020.
وذكر الموقع "الإسرائيلي" أن قرار ترامب بتأجيل المناقشات حول خطة السلام الأمريكية، جاء قبل أيام قليلة من زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 19 آذار/ مارس للبيت الأبيض.
وبحسب الموقع، فإنه بهذا القرار فإن الإدارة الأمريكية أزالت القضية "الإسرائيلية" والفلسطينية من أجندة محادثاتها مع السعوديين، مبينا أن "ترامب اتخذ هذا القرار في ضوء القرارات الحاسمة التي كان على وشك اتخاذها في الأسابيع القليلة القادمة بشأن الصواريخ الكورية الشمالية والإيرانية.
*******تحقيق انتصار وهمي
تحليلات كثيرة وردت لمعرفة دواعي تأجيل صفقة القرن، وهنا يعقب جمال عمرو المختص في الشأن السياسي أن ترامب جاء من بيئة اقتصادية "لذا فهو ضعيف في الثقافة السياسية والدبلوماسية ويتعامل مع منطقة الشرق الأوسط وكأنها صفقة، فيحرك الحدود كما يشاء حتى سمى الخطة "بالصفقة".
ويرجع عمرو سبب تراجع ترامب عن خطته، أن فريقه بدأ يشعره أنه يلعب بالنار، وذلك يضر بمصالح (إسرائيل) أكثر من الفلسطينيين، موضحا أن الاحتلال الاسرائيلي والادارة الأمريكية باتوا يخشون خسارة "عباس" فهو الرجل الذي يحقق لهم ما يشاؤون من صفقات دون مقاومة.
وتابع خلال حديثه "للرسالة"، أن الصفقة أعلن عن تنفيذها لكن الوضع على أرض الواقع مختلف، حيث أن السفارة الامريكية لاتزال تبنى في القدس، عدا عن أن الحديث عن تأجيلها يأتي ليشعر "عباس" أنه حقق انتصارا لكنه وهمي".
وتقضي خطة "صفقة القرن" بدولة فلسطينية بحدود مؤقتة تغطي نصف الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، من دون القدس، والبدء بإيجاد حلول لمسألة اللاجئين.
كما تدعو الصفقة الفلسطينيين لبناء "قدس جديدة" على أراضي القرى والتجمعات السكانية القريبة من المدينة، بحسب ما نشر الموقع.
وتقضي الصفقة ببقاء الملف الأمني والحدود بيد (إسرائيل)، فيما تبقى المستوطنات هناك خاضعة لمفاوضات الحل النهائي.
وعن المدينة القديمة في القدس التي فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، تقضي الخطة بإنشاء ممر من الدولة الفلسطينية الجديدة إلى القدس القديمة للعبور هناك لأداء الصلوات، حسب الموقع