قائمة الموقع

مقال: لماذا لم تشارك بمسيرة العودة؟!

2018-04-02T05:17:35+03:00
ابراهيم المدهون
إبراهيم المدهون

حين طُفتُ المحتشدين أرقب تفاصيل صغيرة. طفلٌ وامرأة وشيخ وشاب، خيمة وضحكة، وأتأمل الوجوه والعيون التواقة لوطن يحتويها كما احتوته، ويمنحها كما منحته، ويضمها كاحتفاظها له بالقلب والعيون، رجعت بذاكرتي حينما تواصينا وأسهمنا مع بعض الشباب ودعونا وكتبنا ونظرنا لمسيرة محتشدة واحد لتكون المخرج وتقلب أساسات المعادلة رأسا على عقب، لم أتوقع أن أصل للمرحلة أشاهد فيها حلم المسيرة واقعا متجسدا لا تشوبه شائبة، لقد نجح شعبنا كما لم ينجح من قبل.

مسيرة مكتملة الأركان، قوية البنيان، نقية الصف ممتلئة بالطاقة والحيوية، عظيمة الحشد، لا يتغيب فيها أحد، متنوعة المشارب والألوان، القائد والجندي، الكاتب والمثقف والمبدع، المقاتل والعسكري والميداني، الرجل البسيط والمرأة العاملة والمسؤول مع أبنائه، الجميع هنا ليقولون إننا فلسطينيون دون تمييز، وهذا ما أخاف الاحتلال وحاول مواجهة الفكرة بالترهيب والتخويف والتدمير، واختراق الحسابات وتغيير المسارات وحرفها، والاتصال بشركات الباصات وتهديدها، ثم بالقتل. القتل البارد لخيرة شبابنا.

واتبع الاحتلال وسيلة قذرة جدا حيث جلب فرق موت وقتل وقنص متطرفين منحرفين نفسيا، وعظّم من الاصابات فبلغت اعدادها بالمئات، وانتقى خيرة الشباب ليغتالهم أمام مرأى العالم، هو يريد ضرب فكرة السلمية في مهدها يريد أن يجرنا للمربع الأسود الذي يتقنه، مربع الموت والتدمير والصراع المعتمد على تكنولوجيا التوحش، ونحن في مسيرتنا هذه نريد التمسك بمربع الحياة والسلمية والأغاني، ورفع العلم وإبراز هويتنا وتمسكنا على هذه الأرض سيدة الأرض.

أثبت شعبنا أنه أوعى من حرف مساره لما يريده عدوه، ورغم بعض الاقلام والاصوات التي بررت للاحتلال القتل وأعفته من المسؤولية وحملت الضحية مسؤولية القنص والقتل، إلا أن مسيرات العودة كتبت مقدمة جديدة لا يمكن تغافلها، نحن على هذه الأرض أقوى وأقدر، وبقاؤنا أضمن ونفسنا أطول، فماذا يريد الاحتلال أن يفعل لشعب يحب الحياة ويتمسك بها، ويسير إليها ما استطاع سبيلا؟!

لا شك أن كل من شارك بمسيرة العودة بطل وقائد في ميدانه، وكل من تخلف لأي عذر ندم واسترجع وعزم على أن يعود في المرة القادمة، وهذه طبيعة الأحداث المصيرية العظمى، ملهمة، تكبر مع كل يوم رغم ما فيها من تضحيات وآلام، فنورها أشد من ظلمة الرصاص الاسرائيلي القاتل، وقطرات الدم النازفة من خيرة شبابنا ستحيط الاحتلال باللعنات.

مسيرة العودة عصا موسى خرجت لتأكل مؤامراتهم وصفقاتهم وانحرافاتهم وبيعهم، حيث الحقيقة أمام زيف التبلي على شعبنا، هي القوة امام الضعف والتوهان هي صوت بلال يوم الفتح، وهدير المعتمرين بأمان واطمئنان ونصر دون سلاح.

وليكن اعتصاما مفتوحا لا يتوقف. تحج إليه الأجساد والقلوب وعيون العدسات، ويتجدد المشهد مع كل جمعة حتى تأتي ذكرى النكبة فليخرج، شعبنا على صعيد واحد وينادي بالعالم أجمع آن أوان التحرك والوصول، وقد انكشف كل شيء ولم يتبقى إلا خاتمة القوة والقصة.

اخبار ذات صلة
«بيبي».. لمَ أنت صامت
2010-10-26T07:12:00+02:00