قائمة الموقع

مقال: مسيرة العودة ما قبلها ليس كبعدها

2018-04-05T05:40:18+03:00
بقلم: إبراهيم المدهون

ما بعد مسيرة العودة الكبرى ليس كما قبلها، فهي كالانتفاضة الاولى عام 87، حينما خرج شعب غزة فجأة وأربك جميع حسابات التصفية ثم توسعت لتشمل كل المدن الفلسطينية بظهير فلسطيني، اليوم خرج الشعب ليقول كلمته أمام حالات التصفية والتفتيت وتمييع القضية ومحاولة فرض صفقات على حساب حقوقنا، ولن يعود إلى بيته ولن يترك ميدانه مهما تفننت محاولات الالتفاف والخداع، فالهدف العودة وإرباك مساعي التصفية.

هذه المسيرة ليست حماس فقط. إلا أن حماس جزء منها، وما يميز حماس قوة التأثير الكبير، ففكرة العودة والتحرك تراود كل فلسطيني، وعلى حماس اولا إدراك ذلك أنها لن تستطيع وحدها إنجاح هذا التحرك، كما أن أي تحرك من غير حماس يخرج باهتا وضعيفا، كل فلسطيني مهما كان يؤثر في هذا الحراك وينجحه، وكل واحد فينا بداخله حلم العودة ويسعى اليه.

بعد مسيرة العودة لم تعد غزة الحلقة الأضعف، أو على هامش الاحداث وتتلقى الضربات وتستسلم للعقوبات والحصار، هناك إرادة جماهيرية ممتدة واكتشافها وتحريكها يشبه لحد ما اكتشاف الكهرباء والآلات، ونحن اليوم نشبه لحد ما بداية الثورة الصناعية الكبرى في اوروبا، وكلما استثمرنا مسيرة العودة ووثقنا بها كلما توسعت وكبرت وفرضت سطوتها واتتنا بنتائج أكثر إبهارا مما نظن، لهذا الحفاظ عليها جماهيرية وعفوية وحضارية وسلمية هو الأضمن لنجاح المسيرة والوصول بها الى العودة.

ليست لمسيرة العودة أهداف كثيرة، ولن تتوه في قضايا فقيرة وتفصيلية تافهة، لن تَطرح فك الحصار، ولن نُقايض مسيرتنا على هدف تافه الى هذه الدرجة، هذه المسيرة وإن كانت محصورة الآن في غزة ولكنها تمثل كل فلسطيني أينما تواجد، وعليه أن يشارك بها بما يستطيع من وقت وجهد ودعاء وصوت ومال، فهي تعبر عن حقه في العودة وستعمل وتستمر حتى ينال هذا الحق.

أثر المسيرة في الابهار واسع، أحد الاصدقاء في أوروبا قال لي إن حديث الاوربيين على موائد طعام الغداء يوم السبت الماضي جله عن مسيرة العودة بدلا ان يتحدثوا عن عيد الفصح، هناك تفاعل إنساني واسع، علينا الحفاظ عليه، وتقديم نموذج كبير وقوي، واليوم تضعف رواية الاحتلال وترتبك يوما بعد يوم، فالرصاص ليس أقوى من طفل صغير يصنع كمامته بيده، ويرفع علمه بعشق، ولا من امرأة تدفع صغارها وتتقدمهم لمسيرة العودة.

ستلهم مسيرة العودة الكبرى الكُتاب والروائيين والشعراء والرسامين والمبدعين، إنها ميدان تتفجر فيه الإبداعات، ليذهب هناك كل مبدع ويتحين التفاصيل المدهشة ويبرزها في أقصوصته، أو تفاصيل حكاياته، ومن خلال رسمة وكاريكاتير وبيت شعر.

النكبة أنجبت لنا غسان كنفاني ومحمود درويش وناجي العلي وسميح القاسم وغيرهم فيا ترى مسيرات العودة ماذا ستضخ لإبداعاتنا ومسيرتنا الثقافية الفلسطينية?

نحن لا نقاتل عدونا إلا بالهوية الواضحة، والحياة المتفتحة، والتفوق الثقافي الواسع، والتمسك بأنامل صغارنا فتنموا حتى تزهر.

اخبار ذات صلة