مصطفى الصواف
لم يكن الموقف العربي الأخير والذي منحت فيه اللجنة العربية للمتابعة قرارا ليس من اختصاصها وقرارا غير قانونيا ولا شرعيا للمفاوض الفلسطيني ببدء المفاوضات المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلية، غير متوقعا، بل هو نتيجة متوقعة لفقدان الإرادة العربية ولفقدان القرار العربي، والتبعية المقيتة التي يعيشها اغلب النظام العربي الرسمي الذي بات نظاما وظيفيا مهمته الأساسية هي تنفيذ قرارا الباب العالي في واشنطن وخدمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
قرار اللجنة العربية للمتابعة لم يكن بحاجة إلى أن يبرر عباس له حتى يتم اعتماده فهم قرارا متخذا قبل أن تنعقد اللجنة العربية وقبل أن يتشاور أزلام العرب حول القضية الفلسطينية، فقد اتخذ القرار في اللقاء الأخير في واشنطن الذي جمع الأمريكي اوباما مع الصهيوني نتنياهو، وصدر القرار من اوباما إلى أزلام العرب والفلسطينيين بالتنفيذ.
الحديث عن ضمانات أمريكية ورسالة متناقضة أرسلتها اللجنة إلى الإدارة الأمريكية ليس قبل اتخاذ القرار بل بعد القرار الأمر المضحك، وظنت اللجنة أن عباس كان يحمل معه من الضمانات الأمريكية الهاتفية ما يضمن موقفا أمريكيا لصالح المطالب الفلسطينية للعودة للمفاوضات المباشرة، والعرب والفلسطينيين يعلمون أن لا ضمانات أمريكية، وإن وجدت هذه الضمانات فلا قيمة لها لان إدارة اوباما اثبت أنها سرعان ما تتراجع عن مواقفها وتلحس تعهداتها.
لقد أعطتنا أمريكا ضمانات شفهية قبل العودة للمفاوضات غير المباشرة، و مضت المفاوضات غير المباشرة وتراجعت أمريكا، ولم تحقق هذه المفاوضات نتائج باعتراف الفلسطينيين أنفسهم، وإقرار العرب يذلك، واليوم يعود الفلسطينيون والعرب إلى نفس أكذوبة الضمانات الأمريكية الشفهية والتعهد الأمريكي، والحقيقية أن العودة لم تكن تحت غطاء الضمانات بقدر ما هي بسبب التهديدات الأمريكية لكل من العرب والفلسطينيين.
وفي كل مرة ترسل دولة الاحتلال للعرب والفلسطينيين المكافأة لموقفهم، وهو عبارة عن صفعة على وجوههم مغرقة بالتفاف على لحاهم وشواربهم، ثم يسمحوا ويلعقوها، ثم لا يحركون ساكنا، هذه الرسالة كانت هذا التصعيد الممنهج والمبرمج من قبل الاحتلال.
نحن نفهم أهداف التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة في الساعات الأخيرة، وفهمنا له هو أن إسرائيل لا تريد سلاما ، وأنها دوما تسعى نحو التدمير والقتل والخراب، ولكن هل فهم العرب ومحمود عباس الرسالة الإسرائيلية، نعتقد أن هؤلاء لا يفهمون خطورة ما قاموا به من إعطاء عباس الضوء الأخضر لمواصلة المفاوضات المباشر، لان رسالتهم لا تختلف عن الرسالة الإسرائيلية، لأن هذا الغطاء سيشجع إسرائيل على الاستمرار في عدوانها وتنفيذ سياستها ومشروعها ما استمر العرب على هذا الوضع من المهانة والضعف والانبطاح، وهذا ما تريده أمريكا وإسرائيل وهو أنها تريد أصناما لا حراك فيها ويمكن لها أن تومئ بأي إشارة للموافقة على الأوامر الأمريكية الإسرائيلية.
هذا التصعيد الإسرائيلي لا يعني أنه مقدمة لعدوان جديد، وليس ذلك لان إسرائيل لا تفكر في العدوان على قطاع غزة، لأنه برأينا أن قرار العدوان اتخذ على الأصعدة السياسية والعسكرية ولكن الأجواء غير مهيأة للقيام به ، وأن إسرائيل تنتظر الظروف الدولية الإقليمية والداخلية لتنفيذ إجرامها، ولكن أيضا هي تريد توجيه رسالة لمن أعطى الغطاء وهو صاغر للتفاوض.
المطلوب فلسطينيا أو في قطاع غزة تحديدا الاستعداد التام للتصدي لأي عدوان قادم على القطاع، وأن تكون الأجهزة العسكرية لقوى المقاومة على جاهزية تامة وان تعمل على التنسيق ووضع الاستراتيجيات لصد أي عدوان صهيوني مرتقب، لان العدوان والقتل والتدمير هو عقيد عند اليهود يزيد فيها هذا الانهيار العربي والضعف والهوان وفقد الإرادة.