قائمة الموقع

مقال: نهاية السلطة ومشروعها الوطني

2010-08-02T08:48:00+03:00

مؤمن بسيسو

فتح قرار لجنة المتابعة العربية القاضي بمنح محمود عباس وسلطة رام الله الضوء الأخضر للانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع الاحتلال ، بوابة واسعة من الارتكاسات الفلسطينية والعربية الرسمية التي تعود بأفدح الضرر على حقوق شعبنا وقضيته الوطنية، ومنح كيان الاحتلال فرصة تاريخية لاستثمار خطير في مناحي البطش والعدوان والاستهداف المنظم لحقوق ومقدرات الفلسطينيين واستكمال مخططات التهويد والتهجير التي ينتظر أن تبلغ آفاقا غير متوقعة إبان المرحلة المقبلة.

قرار العودة إلى المفاوضات المباشرة أصاب الحقوق الوطنية في العمق والصميم، وجعل من إمكانية تحصيل أو إبرام اتفاق تسوية يلبي أو يقارب الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية أمرا مستحيلا بكل المقاييس.

وإذا استحضرنا مآلات المفاوضات السرية زمن حكومة أولمرت وما بلغته من نقاط حاسمة، وتراجعها لاحقا عن إبرام أية صفقة مع السلطة مهما كانت مجحفة، ومواقف حكومة نتنياهو المتطرفة ذات البرنامج السياسي المعروف وتحديها للعالم، بالإضافة إلى الموقف الإسرائيلي القريب الذي رفض حتى مجرد تقديم اعتذار لتركيا عقب جريمة الاعتداء على أٍسطول الحرية رغم علاقات التحالف الوثيقة، سياسيا وعسكريا، التي تربط البلدين، فإننا وقتئذ نستطيع الجزم بأن الحقوق الفلسطينية قد أضحت في ظل المفاوضات المباشرة في خبر كان، وأن حكومة نتنياهو لن تكون في وارد الاستجابة لأية رغبة أمريكية لتحقيق أي إنجاز تفاوضي كان، ولو كان صوريا.

في سياق مواز فإن قرار العودة إلى المفاوضات المباشرة يشكل سقوطا مدويا للسلطة الفلسطينية ونهاية متوقعة لمشروعها الوطني.

صحيح أن السلطة انخرطت في مسار المفاوضات منذ وقت طويل، ومرت بمفاصل ومنعطفات حساسة إلا أن المرحلة الراهنة تختلف اختلافا جذريا وتبدو فيها القضايا والمواقف أكثر حسما وأشد جلاء من أي وقت مضى.

تعيش السلطة اليوم وضعا كارثيا بكل معنى الكلمة، فهي مجبرة على العودة إلى مفاوضات صورية ذات مرام وأهداف خطيرة، في نفس الوقت الذي تمارس فيه تعاونا أمنيا واسعا وعميقا مع الاحتلال أقل نتائجه استئصال المقاومة في الضفة الغربية وزج المقاومين في غياهب السجون.

ثمة تقديرات وطنية واسعة للغاية تكاد تقترب من الإجماع من أن وجود السلطة أضحى عبئا كبيرا على القضية الفلسطينية، وأنها تؤدي دورا وظيفيا خادما للاحتلال، وترتبط عضويا ومصيريا بوجود ومصير الاحتلال، ولا يمكن لها أن تخرج عن إطار دورها الوظيفي المرسوم في إطار الاتفاقيات الإسرائيلية – الفلسطينية التي جرت برعاية إقليمية ودولية كاملة.

قد لا تكون هذه التقديرات جديدة وكانت سائدة بشكل واضح فيما مضى، لكن دائرة المؤمنين بها بلغت اليوم حدا كبيرا جدا، وغزت حتى قناعات الكثير من أبناء حركة فتح وأنصار الدفاع التقليدي عن السلطة ومشروعها السياسي والوطني، ولم يكن يخفف وقعها سابقا سوى الروح الوطنية للرئيس الراحل ياسر عرفات ومحاولته الخروج عن الإطار الوظيفي المفروض، وهو ما انتهى لاحقا باغتياله وتمهيد الطريق أمام عباس صاحب النهج السياسي المعروف خليفة له.

اليوم، تبدو السلطة أوضح ما تكون ارتباطا وتبعية للاحتلال، وأبعد ما تكون عن المشروع الوطني ومصلحة الوطن والقضية، فهي لا تقدم للفلسطينيين من خدمات سوى خدمات ذات طابع اقتصادي ومعيشي مقابل ارتكاس وطني وسياسي يجسده الانبطاح السياسي الحاصل، والتعاون الأمني المستفحل، مما ينذر بتحول القضية الفلسطينية من قضية تحرر وطني وصراع مع الاحتلال إلى قضية اقتصادية إنسانية معيشية لا غير.

قد لا تسقط السلطة ببناها وهياكلها الوظيفية، لكنها سقطت وطنيا ولم تعد ثمثل في قيم وطموحات وأحلام ومشاريع الفلسطينيين وقضيتهم شيئا ذا بال.

ختاما.. فإن أولى الأولويات في مواجهة الخطر الداهم المتوقع أن نعلن حالة الطوارئ الوطنية عقب الإعلان عن بدء المفاوضات المباشرة، فالصهاينة باتوا طلقاء اليدين، أحرار العمل والأداء، في فتح نار مخططات التصعيد على مختلف الجبهات.

اخبار ذات صلة