قائمة الموقع

الشهيد الكاشف.. أصمٌ هتف بدمائه "انا راجع"

2018-04-11T05:38:41+03:00
الشهيد الكاشف.. أصمٌ هتف بدمائه "انا راجع"
رفح - محمود فودة

لم ينبطح الشاب شادي الكاشف كبقية المتظاهرين على الحدود الشرقية لمدينة رفح عندما بدأت قوات الاحتلال بإطلاق الرصاصة تجاههم، فهو الأصم الذي لا يسمع صوتا غير نداء الوطن، وأبكم لا ينطق سوى هتاف "أنا راجع" ليس بلسانه، إنما بدمائه التي سالت قرب أرضه المحتلة.

تناول طعام الغذاء برفقة زوجتيه وابنته الوحيدة بعد أن طبع على جبينها قبلة كان عنوانها الوداع دون أن يدريا، وانطلق يلبي نداء الوطن، للمشاركة في مسيرات العودة الكبرى، شرق مدينة رفح، ولم يكتفِ بالوقوف في مخيم العودة، بل كان مصرا على الاقتراب من الأرض المحتلة، ليرى أطلال مدينة بئر السبع التي هجر منها أجداده عام 1948.

سألنا كيف عرف شادي بإعلانات مسيرات العودة، كونه لا يستطيع سماع الإذاعة وسيارات دعوة المواطنين، فكانت الإجابة من إحدى زوجتيه بأنه شاهد اعلانا متلفزا قبل أيام من انطلاق المسيرة، واتجه للحدود وقتها بشكل مباشر لمشاهدة إنشاء مخيم العودة، واستمر بالذهاب للمخيم حتى أتى يوم الجمعة الذي أصيب فيه.

وفي تفاصيل حياته، قال أحمد الكاشف ابن عم الشهيد: إن شادي تزوج قبل 8 سنوات إلا أنه لم يرزق بأي مولود، فزوجه والده من أخرى، فأتت له بمولودة أولى، وكان ينتظر مولوده الثاني الذي تمنى أن يحضر ميلاده ويكون ذكرا ليسميه حمدي على اسم والده، عرفانا بفضل والده عليه في حياته.

ويعرف عن شادي مشاركته في جنازات شهداء المنطقة الشرقية حيث يسكن في قرية الشوكة شرق رفح، كما أنه لا يفوت الجلوس في بيوت عزاء الشهداء، حيث كان معروفا لدى أهالي المنطقة الشرقية بأكملها، محبوبا بصورة تتفوق على بقية عائلته، وهذا ما ظهر جليا في مسيرة تشييعه.

ومكث الشاب الأصم الكاشف في حالة صحية حرجة للغاية في مستشفى غزة الأوروبي لمدة ستة أيام بعد إصابته برصاصة قناص، إلى أن أعلن عن استشهاده يوم الخميس الماضي متأثرا بجراحه، ليبقى حسرةً لا تنتهي في قلب ابنته ووالده وزوجتيه.

وفي سرداق العزاء، كان الحاج حمدي الكاشف مشغولا باستقبال وفود المعزين باستشهاد ابنه، وبعد تقديم واجب العزاء استرقت "الرسالة" دقائقا من وقت الحاج حمدي، الذي بدأ قوله: "هذا هو الإرهاب، تقتل انسان يعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا بسمع ولا بتكلم، ايش ذنبه يموت وهو ما كان إله فرصة بالهرب أو أخذ ساتر من الرصاص!".

ويبحث والد شادي في حديثه لـ"الرسالة" عن إجابات لأسئلة متوقعة من طفلته الوحيدة، وللمولود القادم إن سألوه عن والدهم: "ابنته ومولوده الجديد اللي كان ينتظروا من سنين ايش أجاوبهم لما يسألوني عن شادي!؟".

ولم يخفِ الحاج حمدي أنه كان يعطي الشهيد شادي اهتماما خاصا دونا عن أشقائه، إذ يقول: "كنت لا أبخل عليه بشيء، ألبي ما يطلبه، وله معزة خاصة تقربه مني أكثر من بقية الأولاد والبنات، حسبي الله على اللي حرموني من ولدي!".

وبذلك يلتقي الشهيد شادي بسابقه إبراهيم أبو ثريا المقعد الذي لم يشفع له بتر قدميه من القتل على يد الاحتلال شرق مدينة غزة، ليشهدوا مع من سبقوهم على إجرام الاحتلال، وهمجيته حتى لم يسلم أصحاب الحاجات الخاصة.

اخبار ذات صلة