تبذل سلطات الاحتلال الإسرائيلي قصارى جهدها لزيادة الخناق على أهالي الشهداء من أجل إحباط روح المقاومة في المجتمع الفلسطيني، مسخرة في هذا السياق القوانين ومنها ما صدر مؤخرا ويجيز احتجاز جثامين الشهداء.
وتواصل قوات الاحتلال احتجاز جثامين 18 شهيدًا فلسطينيًا منذ بدء انتفاضة القدس وسمحت بنقلهم إلى مقابر الارقام.
ولا يزال الغموض يحيط ما يعرف بمقابر الأرقام التي تحتجز فيها قوات الجيش (الإسرائيلي) جثامين الشهداء الفلسطينيين، وهي مقابر أقامتها (إسرائيل) سراً قبل 45 عاما، وتوقفت عن دفن أي جثمان بداخلها منذ عام 2008 وأعادت فتح أبوابها من جديد، وتستعيض فيها عن اسم الشهيد برقم.
وقال عضو الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين أمين البايض: "إن قرار المحكمة العليا بحجز جثث الشهداء في مقابر الأرقام، لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا اصراراً لاستكمال نضاله القانوني والشعبي لاسترداد الجثامين".
وأكد البايض لـ"الرسالة" أن سلطات الاحتلال تحتجز مئات من جثامين الفلسطينيين موزعة على أربع مقابر، تقع جميعها في مناطق تصنف على أنها عسكرية.
وذكر أن الحملة أصدرت كتاباً يضم أسماء وصور (302) شهيد مدفونين في مقابر أطلقت عليها اسم "مقابر الأرقام"، ممن تمكنت من الحصول على معلومات دقيقة عنهم، مبيناً أن (إسرائيل) هي الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات على جثامين الشهداء.
بدوره، قال المختص بالشأن الحقوقي في الضفة المحتلة محمد صالح، أن رفض الاحتلال تسليم جثامين الشهداء لذويهم والعمل على نقلهم إلى مقابر الارقام، مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان.
ودعا صالح في حديثه لـ"الرسالة" المجتمع الدولي للتدخل لضمان احترام قواعد القانون الدولي فيما يتعلق بتسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة، مبيناً أن معايير القانون الدولي وحقوق الإنسان تلزم دولة الاحتلال بتسليم الجثامين إلى ذويها واحترام كرامة المتوفين ومراعاة طقوسهم الدينية خلال عمليات الدفن.
وأضاف: "الأيام الماضية شهدت تغولاً واضحاً في الاستمرار بسن التشريعات والقوانين العنصرية من حكومة الاحتلال التي تخالف مبادئ حقوق الانسان، والتي من أبرزها قانون إعدام الأسرى، وقانون حرمان الأسرى من الزيارة، وقانون التغذية القسرية، وغيرها العشرات من القوانين".
ومن جانبه، قال المختص بالشأن الإسرائيلي علاء الريماوي أن احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء يعكس حالة العمى والعجز التي يتعرض لها، من أجل استرضاء الشارع الإسرائيلي، وهي دعوة صريحة للإمعان بالجريمة ومخالفة القوانين والأعراف الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وأكد الريماوي لـ"الرسالة" أن سلطات الاحتلال لا تزال تنتهج أسلوب المماطلة من أجل الضغط على المقاومة الفلسطينية لتخفيف شروطها والتنازل عن بعضها للوصول لصفقة تبادل أسرى.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تراجعت عن إعادة جثامين الشهداء بضغط من عائلة الجندي الأسير هدار جولدن عليها من أجل احتجاز الشهداء حتى إعادة ابنها الذي فُقد في الحرب الأخيرة على غزة.
ويبدو أن الاحتلال يحاول الضغط بشتى الوسائل على المقاومة من أجل دفعها للإسراع بعقد صفقة تبادل للأسرى، مع العلم أن اللجنة الوزارية المعنية بالتشريع في الكنيست (الإسرائيلي)، صادقت على مشروع قانون لمنع إعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين.