إذا كانت العبودية بشكلها القديم قد انتهت ولم يعد لها وجود فى عالمنا، فإن الأشكال الجديدة من الاستعباد تمارس حتى يومنا هذا وبطريقة قذرة مغلفة بالسياسة والشعارات المضللة.
في المشهد الفلسطيني تقود غزة معركة تحرر من الاستعباد الذي يفرضه الاحتلال ومحمود عباس عبر الحصار والعقوبات، وتبدو مسيرات العودة بشكلها الشعبي ومسارها السلمي خير دليل على معركة الدفاع عن الكرامة الانسانية الوطنية أمام العبودبة العباسية متمثلة بـ "التمكين مقابل رفع الحصار" والعبودية الأممية "الأمن مقابل الغذاء".
العبودية الحديثة تلتقي مع القديمة في قواسم مشتركة مثل: الاتجار بالبشر، أعمال السخرة، الاستغلال الجنسي، استغلال الأطفال، السخرة في المنازل، ويحاول فريق المقاطعة برام الله دفع غزة نحو هذه الأشكال من العبودية مسنودا بحصار الاحتلال الذي خلق بيئة للعبودية ترسمها الإحصائية الرسمية لعام 2017 وفق تقرير مركز الإحصاء الفلسطيني: حيث تبلغ نسبة الفقر في قطاع غزة 65%. وارتفعت البطالة بنسبة 43.6% وهي الأعلى عالميا، فيما تبلغ وسط الشباب 63.8% مما دفع 216 ألف خريج جامعي لينضموا لجيش المستعبدين.
استعباد العباد في ارزاقهم جراء عقوبات حكومة الحمدالله نجم عنها انعدام الامن الغذائي لنحو 72% من عائلات قطاع غزة، بينما لاتزال 4600 عائلة مشردة بلا مأوى حتى الآن، وممارسات أرباب العبودية جعلت 85% من عائلات قطاع غزة تعتمد على المساعدات، ناهيك عن معاناة القطاع الصحي من نقص الأدوية والمستهلكات الطبية بعجز يصل إلى 30% شهرياً.
في المحصلة النهائية فإن مليوني شخص يعيشون في أكبر سجن في العالم، بلا إعمار، بلا معابر، بلا ماء، بلا كهرباء، بلا عمل، بلا حياة، بلا علاج، بلا تنمية، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وللاتفاقيات والمعاهدات الدولية وللشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
ثم يحدثونك عن التمكين مقابل رفع الحصار، نزولا عند المشيئة العباسية، التي تمارس الرق السياسي والاقتصادي في سوق النخاسة الإسرائيلي.
لهذا فإن العودة تحررنا من عبودية الحصار والاحتلال، تحررنا من تجار القضية وتصفع أسياد العبودية.