فجر السبت اغتيل العالم الفلسطيني فادي البطش أثناء ذهابه لصلاة الفجر في مدينة كولالمبور في دولة ماليزيا، وقبل اكثر من عام تم اغتيال المهندس الطيار التونسي محمد الوزاري، ومن قبل محاولة اغتيال محمد حمدان في جنوب لبنان، وعمر النايف في بلغاريا، ومن قبل تم اغتيال محمود المبحوح في دولة الإمارات، ومن سنوات طوال تم اغتيال عز الدين الشيخ خليل في سوريا ومن قبل تم اغتيال الدكتور فتحي الشقاقي في جزيرة مالطة، ومن قبل تم اغتيال القادة في لبنان ابو يوسف النجار ورفاقه.
مسلسل الاغتيالات الصهيونية مستمر بحق قيادات وعلماء فلسطينيين في ساحات خارجية، وهذا يعني أن الاحتلال لا يتورع عن القيام بجرائمه في أي مكان من العالم دون حساب لردة الفعل ودون اعتبار لسيادة الدول وقد تكون بعض الدول تنسق مع الاحتلال في الإعداد والتنفيذ لعمليات الاحتلال، إضافة إلى أن الاحتلال له شبكة من العملاء في انحاء العالم تجمع له المعلومات وتحدد له الأهداف وفق معايير تحددها أجهزة المخابرات الصهيونية المكلفة بتنفيذ مثل هذه العمليات الإجرامية، وفي نفس الوقت لم يكن رد الفعل في دول او ساحات الاغتيال على قدر جريمة الاغتيال وكأن الأمر تم ترتيبه بين الاحتلال وتلك الدول بشكل منسق ومرتب خاصة أن هناك تعاون وثيق بين هذه الدول والاحتلال في مجالات الأمن، وطالما أن الأمر متعلق بالفلسطيني والمقاوم تحديدا فلا بأس لدى هذه الدول من الدوس على سيادتها وفتح أراضيها للصهاينة للقيام بعمليات الاغتيال وتقديم التسهيلات على أعلى مستوى: تونس والإمارات ومالطة مثالا.
قوى المقاومة الفلسطينية لازالت في وقتنا الحالي تؤكد على استراتيجيتها القديمة بعدم نقل الصراع خارج الأرض الفلسطينية الأمر الذي يريح الاحتلال ويجعله يعمل بشكل فيه اريحية ولا يدفع مقابل ذلك ثمنا يكافئ جرائمه، ولذلك هو يقتل ويغتال بكل الطرق التي يراها تحقق الهدف الذي يسعى اليه وهو التخلص من كل من يعتقد أنه يشكل خطرا عليه أو يمكن أن يشكل هذا الخطر في المستقبل على الاحتلال وفي نفس الوقت يقدم دعما للمقاومة في مواجهة الاحتلال والعمل على تطوير قدرات المقاومة المختلفة.
هل سياسة الاكتفاء بالساحة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال باتت ناجعة في ظل استمرار الاحتلال بجرائمه التي تطال القيادات والعلماء والقدرات المختلفة؟ أم أن تكرار جرائم الاحتلال ستجعل المقاومة تتعامل مع الاحتلال بالمثل، وتفتح معه معركة تماثل معاركه التي يقوم بها في الساحات الدولية؟
الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة والتعامل بالمثل، وطالما أن العالم يصمت أمام جرائم الاحتلال على ساحته علينا ان لا نعير اهتماما لما ستكون عليه ردة الفعل من هذه الدول لو تم استهداف قادة وعلماء صهاينة في تلك الساحات.
ادرك أن المسألة ليست سهلة والامكانيات لا تكافئ ما لدى الاحتلال؛ ولكن في نفس الوقت بات الصمت وعدم الرد يعطي الاحتلال فرصا كبيرة لتنفيذ سياسة الاغتيالات طالما أن لا يتال العقاب المناسب لا من الدول التي تقع فيها جرائمه، ولا من الشعب الفلسطيني ومقاومته، وعليه وكما يقولون لكل فعل ردة فعل مساوية بالقوة ومعاكسة في الاتجاه.
لذلك ادعو المقاومة إلى تغيير سياستها القديمة، والقيام بنفس السياسة التي يقوم فيها الاحتلال، الوضع صعب، نعم، ولكن الرأي العام العالمي آخذ في التغير، فما كان زمن السبعينات يختلف هذه الأيام، وفي نفس الوقت ليس بالضرورة الاعلان عن تنفيذ عمليات رد ولو تطلب الأمر الاستنكار لعمليات الرد ودفع الاتهام عن الجانب الفلسطيني وإن كانت الأدلة تشير إلى أنه المستفيد باغتيال أي من قادة الاحتلال وعلماءه دون أن يترك ما يدلل على من قام بالعملية.
سياسة التعامل بالمثل يجب تفعيلها، رد واحد بتصفية احد العلماء والسياسيين والقادة العسكريين كفيلة أن تجعل الاحتلال يعيد التفكير مرة أخرى بأساليبه، وإذا لم يرتدع لتكن سياسة السن بالسن والعين بالعين والبادئ أظلم.
لابد أن نمعن العقل وأن نوازن بين الردود وأن نختار دولا لا تكون مؤثرة في ردودها وسياساتها في بدايات تصفية الحسابات خاصة لو علمنا أن الاحتلال ينتشر في الكثير من دول العالم. وعمليات التجنيد لمتعاونين ومساعدين لن تكون صعبة، وعليه علينا أن نبدأ ولا نترك علمائنا وقادتنا هكذا تتم تصفيتهم دون أن يكون هناك عقاب للاحتلال حيثما كان.