ارتبط اسم الموساد الصهيوني بالعديد من الجرائم والاغتيالات لشخصيات فلسطينية وعربية وإسلامية، وتتنوع الاغتيالات من قادة فصائل وطنية إلى علماء فلسطينيين وعرب ومسلمين في شتى المجالات والتخصصات، وشهدت الأشهر الأخيرة عدة محاولات اغتيال نجح فيها الموساد في اغتيال الشهيد والعالم التونسي محمد الزواري ومحاولة فاشلة لاغتيال محمد حمدان في لبنان وأخيرا حسب ما هو مرجح نجاحه في اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا، وأغلب المؤشرات ترجح ارتباط المستهدفين أو بعضهم بالمقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس وجهازها العسكري كتائب القسام، وقد أعلن القسام ان الشهيد الزواري هو أحد عناصره ومسؤول عن تطوير الطائرات السيارة بدون طيار التي استخدمت في صد عدوان 2014 على غزة، كما أعلنت حركة حماس انتماء الشهيد البطش لها، واكتفت حركة حماس بإدانة الاحتلال ولم تلجأ حتى اللحظة للرد على اغتيال عناصرها في الخارج في امتداد للسياسة التي تنتهجها الحركة في حصر مواجهتها مع الاحتلال على أرض فلسطين وامتناعها عن استخدام الساحات الخارجية في مقاومة الاحتلال او على الأقل الرد على اغتيال أعضائها، فهل تستمر الحركة في انتهاج نفس السياسة والأسلوب ام أن المرحلة القادمة ستشهد تحولا في هذه السياسة وما هي الخيارات التي تفكر بها الحركة للتعامل مع سياسة الاغتيالات الصهيونية؟
خيار قيام المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركة حماس بالرد على اغتيال عناصرها خارج فلسطين يسهم في احداث نوع من الردع للعدو، فهو من جهة يساعد في كبح جماح الاحتلال في تكثيف محاولات الاغتيال ويعزز استنزاف العدو في عدة ساحات وعدم حشر المقاومة في غزة وحدها إلى جانب الضفة الفلسطينية، لكنه من جهة اخرى يسهم في تقنين نشاط حركة حماس على صعيد الأفراد والمؤسسات في الساحات المختلفة وسيؤدي الى توتير العلاقة بين حماس والفلسطينيين من جهة وبين الدول المرشحة باستهداف العدو على أراضيها من جهة اخرى، خاصة في ظل شبكة العلاقات الدولية التي تتمتع بها دولة الاحتلال بما سيؤدي إلى ضغط كبير على تلك الدول الذي سينعكس على الفلسطينيين عموما وحركة حماس على وجه الخصوص.
ان اللجوء لخيار تصعيد المواجهة مع الاحتلال وتمددها في أكثر من ساحة يحتاج لبيئة إقليمية ودولية مساندة أو متوازنة على أقل تقدير ولا تتعامل مع القضية الفلسطينية بازدواجية، وهذا ما لا يتوفر في هذه المرحلة التي من سماتها الهرولة نحو التطبيع مع الاحتلال كأحد شروط استقرار الأنظمة والاعتراف بشرعيتها، لذا فان حركة حماس والمقاومة الفلسطينية عموما من المستبعد ان تلجأ لخيار استهداف العدو خارج فلسطين مرحليا، ويبقى خيار التلويح باستهداف العدو حيثما وجد وفي التوقيت المناسب الخيار الأكثر ترجيحا، مما يعني استعداد المقاومة في لحظة ما للرد على أهداف للعدو خارج فلسطين او استهداف للعدو داخل فلسطين انطلاقا من الساحات الخارجية وذلك لأن المقاومة الفلسطينية تدرك أن إنجاز الحقوق الوطنية الاستراتيجية لا يمكن أن يتحقق إلا بمقاومة شاملة وواسعة الانتشار واستنزاف مستمر للاحتلال.