يبدو أن فشل جيش الاحتلال (الإسرائيلي) في اغتيال القائد العام لكتائب القسام وعدم نجاح المفاوضات في القاهرة, قد عقّد الأمور أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مما سيضعه تحت خيارات محدودة, أبرزها الرضوخ لشروط المقاومة والتوجه لخطوة دولية على غرار نهاية حرب تموز 2006 بلبنان.
محللون مختصون في الشأن (الإسرائيلي) يتوقعون أن تتعقد الخيارات أمام نتنياهو في ظل استمرار إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وعدم تلبيته شروط المقاومة، مؤكدين أن انتهاج (إسرائيل) لأي خطوات تلبي مطالب الفلسطينيين وأبرزها الميناء سيعقد الأمر.
ويرى المختص في الشأن (الإسرائيلي) د. حسام الدجني أن نتنياهو حاول قلب الطاولة على المقاومة أثناء المفاوضات, لكنه فضّل المجازفة بالعودة إلى العدوان محاولا استعادة قوة الردع (الإسرائيلية).
وكانت مفاوضات القاهرة قد وصلت لطريق مسدود بعد 12 يوما, اثر اختراق الطائرات الحربية التهدئة بقصفها منزل عائلة الدلو بصواريخ أمريكية مضادة للملاجئ.
وشدد الدجني على أن رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بات الآن في موقف أصعب من ذي قبل, مشيرا إلى أنه ربما يبحث عن مخرج سياسي بعد خوض جولة قتالية يتخللها الكثير من المجازر وقتل الأطفال والنساء.
واتفق المحلل السياسي د. فايز أبو شمالة مع حديث الدجني بالتأكيد على أن نتنياهو سيبحث عن مخرج سياسي, لأن العمل العسكري يزيد الخيارات (الإسرائيلية) تعقيدا، متوقعا أن يعود للمفاوضات في الأيام المقبلة.
وعاد الدجني ليوضح أن نتنياهو بات أمام ثلاثة خيارات هي: العودة للقاهرة, والموافقة على الورقة المصرية الجديدة, والاعلان عن وقف إطلاق النار، مستبعدا أن يوافق على الخيار الثاني بصيغته الأخيرة في ظل التطورات التي جرت على الأرض.
ويضيف أبو شمالة على حديث الدجني بالإشارة إلى أن نتنياهو سيعود لطاولة المفاوضات بعد أيام، لاسيما أن الجيش (الإسرائيلي) فقد الشهية في اقتحام غزة, على حد قوله.
وكان الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" العبرية باراك رافيد قد اعترف أن الخيار العسكري فشل في التسوية مع قطاع غزة، مؤكدا أن هناك قناعة تؤكد أنه لا يمكن الانتصار عسكريا.
وأوضح الدجني أن نتنياهو ربما يلجأ لخيار التصعيد والاستجابة لليمين المتطرف مع بقاء المفاوض (الإسرائيلي) بالقاهرة, وهو ما يعني أنه سيكون في مفاوضات تحت النار على أن يحدد الميدان ساعة الصفر فيها.
وكان موقع روتر العبري قد ذكر أن نتنياهو أرسل وفدا (إسرائيليا) للقاهرة للتباحث مع الجانب المصري حول الوضع في قطاع غزة, وإمكانية عودة المفاوضات غير المباشرة مع المقاومة.
من جهته, استبعد المحلل أبو شمالة قبول (إسرائيل) التفاوض تحت النار، مشيرا إلى أن خيار القبول بشروط المقاومة أهون على نتنياهو من الأول.
وعن الخيار الآخر الذي ربما يسعى له رئيس حكومة الاحتلال, قال الدجني: "من الممكن أن يرفض كل الخيارات السابقة, ويعود لاستمرار الحرب والقتل مع المراهنة على حجم المخزون الصاروخي للمقاومة".
وشدد على أن هذا الخيار غير مستبعد, إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستصمد الجبهة الداخلية (الإسرائيلية)؟, وهل سُيسمح لنتنياهو الاستمرار في مثل هذه المخاطرة؟, خاصة أنها تعني "حرب استنزاف".
وتأتي هذه التساؤلات تزامنا مع خطاب أبو عبيدة "العنيف" الذي حظرت فيه كتائب القسام التجول والطيران في إسرائيل, وكذلك التواجد في مستوطنات غلاف غزة.
الدجني ذكر أن نتنياهو ربما يتوجه للحصول على قرار دولي يخلصه من تبعات الحرب, إلا أنه غير واثق من قبول المقاومة بهذا القرار في حال عدم تلبية مطالب الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى إمكانية صدور قرار دولي على غرار ما صدر عن مجلس الأمن في العام 2006 بخصوص حرب لنبان الثانية، لكن المقاومة لن تقبل به في حال كان الحديث عن المساس بسلاحها وعدم تلبية مطالبها.
من ناحيته, أكد المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" العبرية باراك رافيد أن الحكومة (الإسرائيلية) عليها التوجه لمجلس الأمن الدولي لتلبية ما سماه احتياجات (إسرائيل) الأمنية، لاسيما بعد فشل الخيار العسكري والمفاوضات في القاهرة.
وأشار رافيد إلى أن التوجه لمجلس الأمن لاستصدار قرار يحقق مطالب (إسرائيل) الأمنية على غرار الذي انتهت به الحرب على لبنان عام 2006، ربما يكون الأنسب, بعدما فشل خيار التسوية مع حماس عسكريا وسياسا.
وشدد على ضرورة استصدار قرار من مجلس الأمن يؤدي لنهاية الحرب, ويُوجِد آلية لحماية أمن (إسرائيل) على مدى طويل وتغيير الواقع في غزة.
وتبقى الخيارات أمام نتنياهو مرتبطة بردة فعل المقاومة الفلسطينية عليها, في ظل تمسكها بموقف المبادر وصاحب الكلمة الأخيرة.