أعادت مسيرات العودة الكبرى القضية الفلسطينية لصدارة المشهد الدولي وذكّرت العالم بأن قطاع غزة يعاني من الاحتلال الإسرائيلي والحصار الذي يفرضه، وان القطاع الذي تحاول (إسرائيل) تصويره على أنه ثكنه عسكرية هو في الحقيقة يقطنه مليونا انسان يعانون من أزمات خانقة نتيجة الاحتلال والحصار.
مجلة (جاكوبين) الأمريكية أكدت في عددها الصادر السبت أن مسيرات العودة في قطاع غزة والتي نتج عنها عشرات الشهداء وآلاف الجرحى قد كشفت للعالم مجموعة من الحقائق الأساسية، أولها أن 80 % من سكان غزة لاجئون طردوا من ديارهم لتقيم "(إسرائيل)" دولتها عام 1948، وأن سكان غزة لا يزالون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي وما زالوا يتعرضون للقتل والحصار منذ 13 عاما.
وأضافت المجلة أن الدعاية الإسرائيلية لم تستطع القيام بالكثير لتبرر صورة القناصة الإسرائيليين وهم يطلقون النار على المتظاهرين السلميين على الحدود مع القطاع رغم وضوح سلميتهم وعدم تشكيلهم أي تهديد عسكري أو أمني على "(إسرائيل)".
كما قالت: "يبدو أن الكفاح السلمي ضد (إسرائيل) جاء بنتائج مثالية من الناحية السياسية ما يجعل (إسرائيل) تخشاه وتقمعه، وتسعى إلى تحويله إلى مواجهات عنيفة على غرار ما حدث عام 2000، إذ أطلقت (إسرائيل) في الأسابيع الأولى من الانتفاضة الثانية، حوالي مليون رصاصة ضد المتظاهرين".
وفي ظل هذه الصورة التي بدت أكثر وضوحا للعالم، فإن (إسرائيل) في موقف محرج ما عزز فرصة إيصال الصورة للعالم وإلى أوروبا تحديدا لدى حركات المطالبة بمقاطعة (إسرائيل)، واتاحت الفرصة لعرقلة عملية التطبيع العربية معها.
وفي هذا الصدد قالت ماجدة المصري الناشطة في حركات المقاطعة في مكالمة مع الرسالة أن هذه المسيرات صفعة لصفقة ترامب ورد على كل المشاريع الإسرائيلية وتمثل مخاطبة للعالم كله وجزء من تصوير البشاعة المتمثلة بالحصار الذي وصل الى ثلاثة عشر عاما.
وتضيف: "اتفقنا مع منظمي مسيرة العودة في قطاع غزة على أن يكون الأسبوع القادم هو أسبوع المقاطعة تحت عنوان مقاطعة (إسرائيل) وسوف نتواصل مع المسيرات ونساهم في حشدها على نطاق الضفة والداخل وعلى مستوى العالم، مستغلين كل النقاط التي تتواجد فيها حركة BDS".
وترى المصري أن مسيرات العودة هي محطة من محطات النضال الشعبي التي سيكون لها بُعدٌ وتفاعل دولي واسع سيضر بمصلحة الاحتلال وقد يؤدي لعزلها، مؤكدة أن هناك عملية حشد لأسبوع المقاطعة للمطالبة بعزل (إسرائيل) ومقاطعة بضائعها ومشاريعها حول العالم.
وقد عدد الصحفي يوني بن مناحيم المختص بالشؤون العربية، جملة إنجازات يرى أنها تحققت من خلال مسيرات العودة أولها عودة القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية والإقليمية بالإضافة إلى التسبب بإحراج (إسرائيل) في الساحة الدولية، لأن الفلسطينيين نجحوا بتصوير جيشها يطلق النار ليقتل ويصيب 1400 فلسطيني في يوم واحد، كما أنه يرى أنها نجحت في إعادة طرح موضوع حصار غزة والأزمة الإنسانية فيها من جديد على صدارة الاهتمام العالمي، وأخيرا فهي نجحت حسب رأي مناحيم في وضع المزيد من العقبات أمام صفقة القرن للرئيس ترمب.
واضافة إلى ذلك قال مناحيم: لقد نجحت المسيرات الشعبية الفلسطينية في دفع مجلس الأمن الدولي للانعقاد بشكل طارئ، وإعادة القضية للواجهة في البيئة الإقليمية والدولية، وكل هذا من شأنه إعاقة مسيرة التطبيع بين (إسرائيل) وعدد من الدول العربية.
جمال جمعة عضو الحملة الشعبية لمقاومة الاستيطان والتطبيع يتوقع أن تؤثر مسيرات العودة على العلاقات الطبيعة أو توقفها ولو مؤقتا في الفترة الحالية وقد أحبطت مخططات إسرائيلية كبيرة وعطلت صفقة القرن التي تتميز بالتطبيع القوي مع الدول العربية وما يجري الآن على حدود قطاع غزة ينتقل تدريجيا وإن كان بطيئا في الضفة الغربية ففي يوم الجمعة الماضية كان هناك أكثر من ثلاثين موقع في الضفة تضامنا مع مسيرات غزة.
ويلفت جمعة إلى تراجع العديد من محاولات التطبيع مضيفا: رغم أنه لا يمكن المراهنة عليها ولكنها تعتبر دافعا مشجعا لحركات المقاطعة وموضحا للعنصرية الإسرائيلية أمام العالم وهذا يعطي إشارة للولايات المتحدة أن القرارات ضد الفلسطينيين لا تمر بسهولة كما تتوقع.
ويعتقد جمعة أن حركات المقاطعة قد نجحت في استغلال مسيرات العودة وتحركت منذ اليوم الأول في تعميم الأخبار باللغات المختلفة على مستوى العالم وتعزيز عملها والأهم قد نادت في المحافل الدولية بمقاطعة الاحتلال وطالبت بالحظر العسكري على (إسرائيل) لاستخدامها السلاح المحرم دوليا في مواجهة المدنيين العزل في مسيرات سلمية.
ويؤكد جمعة أن الأسبوع القادم سيكون لدعم حركات المقاطعة بمشاركة مسيرات العودة وقد أعطت الأحداث الدائرة في غزة حجج قوية لحركات المقاطعة للخروج بها نحو المحاكم الدولية.