نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا أعده كل من فيفيان نيريم وبيل أليسون، يشيران فيه إلى الجهود السعودية في محاولات تغيير الصورة في الولايات المتحدة.
ويشير التقرير، إلى أن السعوديين يحاولون تقديم وجوه شابة لمواجهة الصورة السلبية عن المملكة، لافتا إلى ظهور الأمير بندر بن سلطان المفاجئ في واشنطن، أثناء زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة.
ويلفت الكاتبان إلى أن الأمير بندر شخصية معروفة في أروقة السلطة في واشنطن، على مدار عقدين من الزمن، وأقام علاقات جيدة مع عائلة جورج بوش الأب وأبنائه، مشيرين إلى أنه تسلم بعد عودته إلى الرياض عددا من المناصب، حيث اختفى بعدها.
ويستدرك الموقع بأنه رغم حديثه في الحفلة عن "طاقة الشباب" التي يتمتع بها الأمير، إلا أنه أصبح وغيره من أصحاب النفوذ السابقين خارج لعبة السلطة في عهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أرسل شقيقه الأمير خالد إلى واشنطن سفيرا للمملكة، وهو واحد من الوجوه الشابة التي انتقلت إلى واشنطن لإصلاح سمعة السعودية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة، حيث أن مهتهم أصعب من تلك التي واجهها الأمير بندر.
وينقل التقرير عن هادي عمرو، الذي كان دبلوماسيا بارزا في إدارة باراك أوباما، قوله: "كان من الممكن أن تتحدث مع القيادة السياسية السعودية، ويقولون لك لقد تحدثنا مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي، وسيعالجان الأمر"، مشيرا إلى أن هذا كان في الماضي، حيث توترت العلاقات أولا بسبب تحول مسار الرأي العام في أعقاب هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 وثانيا بعد تخفيض الولايات المتحدة من دورها في المنطقة.
ويقول الكاتبان إنه "بعد علاقة قوية، لكنها معقدة، مع إدارة جورج بوش، شعر السعوديون بالتهميش، بل بالاستهداف من سياسات إدارة أوباما، وقاموا بالضغط ضد الاتفاقية النووية مع إيران، وقانون أقره الكونغرس عام 2016، يمنح عائلات ضحايا 11/ 9 الحق في تقديم الحكومة السعودية أو أي من أفرادها أمام المحاكم الأمريكية؛ بتهمة التورط في دعم الإرهابيين، وظل وزير الخارجية عادل الجبير لأسابيع في العاصمة الأمريكية وهو يحاول وقف القانون دون جدوى".
ويورد الموقع أنه بحسب الملفات التي قدمت لوزارة العدل، بناء على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، الذي ينظم عمل اللوبيات، فإن السعودية أنفقت 7.5 مليون دولار على جماعات الضغط والعلاقات العامة؛ في محاولة لوقف القانون المعروف باسم "جاستا"، لافتا إلى أن السعوديين أحضروا المحاربين القدامى إلى الكونغرس؛ من أجل إخبار أعضائه أن القانون سيعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.
ويكشف التقرير عن أن النفقات شملت فواتير بـ 270 ألف دولار أمريكي للنزلاء ومصاريفهم أثناء إقامتهم في فندق ترامب الدولي، مشيرا إلى أن هذا كله لم ينجح في وقف القانون ولا الدعاوى القضائية التي أعقبت تمريره.
ويفيد الكاتبان بأن استبدال السعودية للسفراء ثلاث مرات بعد بندر، لم يساعد السعودية في جهودها لتغيير صورتها، لافتين إلى أن الأمر انتهى بالسعوديين للاعتماد في معظم عملهم في واشنطن دي سي على سفير الإمارات العربية يوسف العتيبة ورئيسه ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
ويبين الموقع أنه مع تعيين الأمير خالد بن سلمان سفيرا عام 2017، بدأ السعوديون يهتمون بجهود اللوبي، حيث قال مسؤول بارز في السفارة إن وظيفة الأمير خالد هي إنعاش العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة.
وينوه التقرير إلى أن الإعلان عن سماح المرأة بالقيادة تم في واشنطن، وليس في الرياض، حيث قال الأمير خالد: "لا نميل للغرب ولا للشرق بل نقوم بالتحديث"، حيث تزامنت هذه الأنباء مع تعيين متحدثة رسمية باسم السفارة وهي فاطمة باعشن، التي نشأت في ولاية المسيسبي، وهي حاصلة على درجة الماجستير من جامعة شيكاغو، وعملت في مؤسسة الجزيرة العربية، وكتبت تقارير وأبحاثا مؤيدة للسعودية.
ويقول الكاتبان إن "السعوديين وجدوا صديقا في الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اختار الرياض في أول زيارة خارجية له بعد تنصيبه، وأقام الأمير ابن سلمان علاقة قوية مع جارد كوشنر، صهر الرئيس، وشعر السعوديون بالجرأة، وقاموا بفرض حصار على دولة قطر؛ بتهمة التعاطف مع إيران، وأدت هذه الخطوة إلى صدع بين البيت الأبيض ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي أكد لقطر التزام الولايات المتحدة بدعمها المستمر لها، وغير ترامب موقفه الداعم للسعودية، واستقبل أمير قطر في المكتب البيضاوي، وأثنى على جهود قطر في مكافحة الإرهاب".
ويجد الموقع أن صعود محمد بن سلمان خلق مشكلة الصورة للسعودية، خاصة أنه مرتبط بالحرب في اليمن، واعتقال الناقدين له، وسجن المئات في حملة أطلق عليها "مكافحة الفساد".
وبحسب التقرير، فإن السعوديين لا يزالون يعتمدون في إدارة صورتهم على كتيبة من اللوبيات في واشنطن، مستدركا بأنه على الرغم من قطع العلاقة مع عدد منهم منذ وصول ابن سلمان للسلطة، إلا أن اللوبيات والمستشارين الأمريكيين لا يزالون يقومون بدور، مع التأكيد على منح السعوديين وجها جديدا في واشنطن.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أن السعوديين عادوا إلى الأمير بندر بطريقة ما، حيث برزت ابنته ريم بصفتها طرفا مهما في محاولة تغيير الصورة، ففي آذار/ مارس سافرت إلى الولايات المتحدة، وذهبت في كانون الثاني/ يناير إلى دافوس في سويسرا، حيث نشرت لقطة فيديو عنها، وهي تقول: "هناك تصميم لمنعنا من خلق رواية جديدة.. وسؤالي هو لماذا؟".
عربي 21