قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: لكِ الله يا حماس

بسام ناصر
بسام ناصر

بسام ناصر

ليس غريبا على إعلام الدول الداعمة للثورة المضادة، وكذلك الإعلام الممول من تلك الدول أن يشن حملة شرسة ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس، فهذا دوره المناط به في هذه المرحلة، وتلك هي المهمة المطلوب إنجازها على وجه السرعة، لكن الغرابة في تصدر مشايخ ودعاة وطلبة علم لأداء تلك المهمة القذرة.

يكثر أولئك المشايخ والدعاة من الحديث عن ضرورة التزام الإنصاف في مواطن الاختلاف، ويطالبون الآخرين دائما بالتحلي بذلك، لكنهم للأسف سرعان ما يتناسون ما كانوا يدعون الناس إليه من قبل، فأين أنت من الإنصاف أيها الشيخ الجليل والداعية النبيل حينما تنخرط في تلك الحملة المسمومة على حماس التي تتصدى لمواجهة الاحتلال الصهيوني الذي يشكل أكبر خطر على الأمة وعقيدتها ودينها ووجودها؟.

لماذا يعزُّ عليك أيها المقرئ مشاري العفاسي مناصرة حماس وهي تخوض حربا مفتوحة ضد الاحتلال الصهيوني، وتغرد بأعلى صوتك متسائلا: "كيف لعاقل أن يناصر حركة حماس التي تصادق وتحالف وتترحم على قتلة المسلمين والأبرياء في سوريا والعالم الإسلامي والمجتمع الدولي يتفرج وللأسف"؟ هل حقا ضاقت الأمور أمامك حتى تعذرت عليك مناصرة حماس؟.

ألا يسعك يا من أحب الناس تلاوتك الخاشعة، وأناشيدك الرائعة أن تناصر حماس وتؤيدها وتؤازرها في مشروعها التحرري المقاوم، من غير أن تلزم نفسك بتأييدها في مواقفها الأخرى التي تفرضها عليها حالة الضرورة الملجئة، بل لك كامل الحق في تخطئتها في تلك المواقف، إن لم تتقبل وجهة نظرها ولم تقنعك حججها المسوغة لذلك.

هل خفي عليك - وعلى غيرك من أهل العلم – ما قاله ابن تيمية "وإذا اجتمع في الرجل الواحد: خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة..".

إن تعذر عليك تفهم مواقف حماس الملتبسة (وربما الضالة في نظرك)، فأنزلها منزلة الرجل الذي اجتمع فيه الخير والشر، والفجور والطاعة.. فأكرمها وناصرها وادعمها بما تستحقه من ذلك، واستنكر عليها ما تراه من ضلال وانحراف وأخطاء فادحة وكبيرة وفقا لتأصيل ابن تيمية وتقعيداته، فليس مطلوبا منك ولا من غيرك تأييد حماس في جميع مواقفها، يكفيك أن تؤيدها وتناصرها وتدعمها في حربها المفتوحة ضد الاحتلال الصهيوني.

هل خفي عليك أيها المقرئ والمنشد العفاسي أن حماس وهي تتلبس بتلك المواقف الملتبسة حقا، إنما تتجرع السم الزعاف، وهي مكرهة على ذلك لا محالة، ولو أن الدول السنية التي ترفع راية التوحيد والدعوة السلفية تقدمت الصفوف ودعمت حماس ماديا ومعنويا، لكفتها مؤونة اللجوء إلى إيران والاضطرار إلى قبول دعمها، تحت سيف الحاجة الملحة والملجئة، فحماس لا تتحمل مسؤولية حركتها فقط، بل تتحمل مسؤولية قطاع غزة بأكمله، بكل تحدياته الصعبة والقاسية المفروضة عليها.

ليت العلماء والمشايخ والدعاة الذين اختاروا طريق العلم الشرعي، تعلما وتعليما وتأليفا ونشرا، ونأوا بأنفسهم عن الخوض في السياسة ومواقفها المعقدة والشائكة، أن يحافظوا على مواقفهم تلك على طول الخط، لأن تدخلاتهم المفاجئة غالبا ما تكون فجة وساذجة ومستفزة، هذا إن صدقت النوايا وكانت مواقف ذاتية محضة، ليست موجهة ومفروضة من أنظمة بعينها، كم هو مفجع أن يرخص العالم نفسه، ويهين علمه، ويسود صفحته، حينما يضع نفسه وعلمه في خدمة المستبدين الظالمين!.

البث المباشر