"لا أحد يشعر بالحرية الا أنت" ذيلها "عدنان" قبل أيام أسفل صورة لابنه "أنس" المعتقل في السجون الإسرائيلية عبر حسابه على الفيس بوك، واليوم تسكن تلك الجملة قلب قرية "يعبد" قضاء جنين التي تغيب عنها صوت عجلات كرسي عدنان حمارشة المتحرك حين يأخذه الى سهلها الأخضر!
فجرًا وُضعت الأصفاد حول معصمي عدنان 52 عامًا، ابتسامة واحدة تتناقلها عائلة حمارشة لحظة الاعتقال، لربما هي جيناتهم الوراثية من تلعب دورًا في ذلك، فان رأيت ابتسامة صغيره أنس ومن قبلها عمر ستدرك المعنى!
عبر أسلاك الهاتف وصلنا صوته قبل حوالي شهرين، كان قويًا متحمسًا للحديث، في حين كنا أفضل منه حظًا، فلم يصله صوت ولديه منذ وصلته "أنا زلمتك يابا" ليلة اعتقال طفله "أنس" الصيف الماضي!
"معنا العم عدنان حمارشة؟" سألناه بلهجة نطالب بإزالة الايهام، فهل يمكن لهذا الصوت أن يكون لوالد الشقيقين المعتقلين عمر وأنس؟
اليوم، لم يرد رقم عدنان هذه المرة، كان هاتفه مغلقًا، هذه المرة غُيب خلف القضبان الإسرائيلية كأبنائه.
النصر دومًا للمقاتل!
"النصر دومًا للمقاتل" كان وسمًا التصق باسم "عدنان" كما التصق بحسابه عبر الفيس بوك، يكتبه أسفل صورة لأنس وأخرى لعمر، أو لهما معًا، يضعه فوق تغريدة صباحية تشي بعزته وتضحيات عائلته، الى أن بات اليوم أصحابه والمتضامنون مع حريته يذيلون الهاشتاق أسفل دعواتهم بأن يفرج الله كربه ويمن عليه بالحرية والكرامة له مع ابنيه!
ما لفتنا مؤخرًا صورة حديثة للأسير الصحفي بسام السايح، لقد أخبره "عدنان" فيها "أنت المعافى ونحن المرضى".
لن تنسى "الرسالة" رسائلك له، لن ننسى سباقكما هناك، لن ننسى القهر والضحكات التي كانت تصل صفحات الجريدة، لن ننسى أنكما تمتلكان أجمل ابتسامة وصلتنا من الأسر.
عدنان الذي أمضى في سجون الاحتلال أكثر من عشر سنوات، لن يبدو هذا الاعتقال بالنسبة له شيئًا مرعبًا، تلك التفاصيل التي تتشابه كذلك لعائلته بعد أن جمعت قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي أفراد أسرته في غرفة واحدة من المنزل، واعتقلوا الأب عدنان الى جهة مجهولة دون الحديث عن الأسباب أو الوجهة، وهو ما أكدته ابنته ليلى حمارشة عبر تصريحات أولية.
كان واضحًا على العم عدنان حاجته لحضن ولديه، لاسيما أنس ذاك الشبل الذي يعاني تدهورًا واضحًا في حالته الصحية، ما كان يكتبه عدنان في مذكراته مؤخرًا، يؤكد أنه يشعر بالوحدة، كان آخرها حين باح لنا " لا أسوأ من أن تجد نفسك وحيدًا".
يبدو أن "عدنان" ابن قرية يعبد لن يحتاج للاقتراب من الزجاج الفاصل بعد الآن، ولن يحتاج أنس أن يطلب منه عند كل زيارة له في المعتقل "قرِّب أكثر يابا"، ليتمكن من تقبيل جبينه، فلربما بات لمُّ الشمل في السجن فقط!