بعد سنوات من الموت السريري للمجلس الوطني، عقد أخيرا في الضفة المحتلة الأسبوع الماضي دون تحقيق الهدف الوطني الذي كانت تتطلع إليه الفصائل الفلسطينية، لكن التوتر كان سيد الموقف عدا عن أن النصاب القانوني لم يكن مكتملا في ظل مقاطعة فصائل وشخصيات له مما زاد من تفرد رئيس السلطة "محمود عباس" بالقرارات السياسية.
سلسلة من القرارات والتعيينات اتخذها عباس، لكن أبرزها كان حينما عرض قائمته لعضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي اعترض عليها عدد من الاعضاء لاسيما الفتحاويين فهي لا تحتوي على شخصيات وازنة دوما كانت متصدرة لخلافة عباس كماجد فرج ومحمود العالول وجبريل الرجوب، وأشخاص اخرون كان لهم تاريخ ثوري تم استبعادهم أمثال مروان البرغوثي.
ويرى مختصون سياسيون من داخل المجلس الوطني أن القائمة التي عرضها "عباس" وتضم 15 عضوا، استطاع من خلالها تجديد شرعيته بالدرجة الأولى كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وبالتالي يعتقد أنه لا يستطيع أحد خصوصا الولايات المتحدة أو الدول العربية التي تحاول تسويق صفقة القرن التشكيك بشرعيته، أو شرعية منظمة التحرير.
يذكر أن اعضاء اللجنة التنفيذية التي تم التوافق عليهم منهم ستة جدد وهم: زياد أبو عمرو، وحنان عشراوي، وعلي أبو زهري، وعدنان الحسيني، وأحمد بيوض التميمي، وأحمد أبو هولي، فيما رشحت الجبهة العربية فيصل كامل عرنكي وهو اسم جديد في المشهد السياسي الفلسطيني، وعاش طيلة عمره في الولايات المتحدة.
ولم يكن مفاجئاً تمسك اليسار بكل أعضائه القدامى في اللجنة التنفيذية وهم بسام الصالحي عن حزب الشعب، تيسير خالد عن الجبهة الديمقراطية، صالح رأفت عن حركة "فدا" واصل أبو يوسف عن جبهة التحرير الفلسطينية، وأحمد مجدلاني عن جبهة النضال الشعبي.
وتم تغيير أقدم أعضاء اللجنة التنفيذية منذ 1969 عن حركة "فتح" فاروق القدومي لصالح عزام الأحمد، وبقي صائب عريقات ورئيس اللجنة التنفيذية محمود عباس، وثلاثتهم عن حركة "فتح"، وترك عباس ثلاثة مقاعد فارغة في اللجنة التنفيذية، وبرر ذلك بأنها ستترك إلى حين الاتفاق مع حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية الذين قاطعوا المجلس الوطني.
ويرى المعارضون لهذه القائمة أنه سواء الأعضاء القدامى من اليسار الذين انحسر وجودهم على الأرض وبقيت مقاعدهم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تعطيهم وزناً في القرار السياسي غير حقيقي، أو الأعضاء الجدد فهم غير مؤثرين في القرار السياسي أولاً، ولا يمتازون بحضور قوي على الأرض إذا ما أردنا الحديث أن المرحلة المقبلة مرحلة مواجهة مع الولايات المتحدة ومع الاحتلال.
ويبدو أن الرئيس اعتمد في اللجنة التنفيذية من يمثلون "ظله" الذين يتبنون ذات المواقف وتغيب مواقفهم المعارضة، واستبعد كل من له علاقة بالعمل الثوري سابقا.
ويعلق فايز أبو شمالة المحلل السياسي وأحد اعضاء المجلس الوطني الذي رفض حضور الجلسات بالقول:" استطاع عباس أن يجرف الساحة الفلسطينية من القيادات، ويجرد حركة فتح من القيادات الوازنة، وهذه سياسته المتعمدة التي يسعى لها لتمزيق حركة فتح مما يؤثر على السلطة".
اما عن القرارات التي يمكن ان يتخذها لتعزيز مكانته السياسية يرد ابو شمالة:" " لا اعتقد أن هناك شيئا يريده لتعزيز مكانته فهو رئيس كل شيء فلسطيني كونه ينصب نفسه على كل المجالس والهيئات، ويتحكم بأرزاق الموظفين".
وفيما يتعلق بدلالة استبعاده للقيادات الثورية ضمن اللجنة التنفيذية التي كان لأعضائها سابقا تاريخ سياسي يوضح المحلل السياسي "للرسالة" أن عباس لو كان حريصا على المصلحة العليا للقضية الفلسطينية لوجدنا تنظيمات وازنة وصاحبة قوة وتأثير تحضر الاجتماع كحماس والجهاد الاسلامي، وذلك لإرعاب (إسرائيل)، عدا عن أن الجبهة الشعبية وحزب فدا خرجا غاضبين من الاجتماع وكذلك بعض الشخصيات الفتحاوية امثال نبيل عمرو.
ويشير أبو شمالة خلال حديثه إلى أن الشعب الفلسطيني أمام رئيس لا تهمه مصلحتهم أو وحدته بقدر أن يترك خلفه دمارا شاملا في الساحة الفلسطينية، فهو تسلط على حركة فتح ولم يبق لهم شيئا فأصبح التنظيم عبئا تماما كتسلطه على الفصائل الفلسطينية.
وبين أن عباس فرق حركة فتح وهذا لا يخدم القضية الفلسطينية خاصة وأن من يريد مواجهة صفقة القرن والمخططات الاسرائيلية لا يفعل ذلك بل يكون سلاحه الوحدة الوطنية وليس التنسيق الامني وتمزيق سلاح المقاومة.
ومن الملاحظ خلال انعقاد المجلس الوطني خسارة بعض الشخصيات التي شاركت في عضوية التنفيذية أمثال مصطفى البرغوثي، وشطب فتح لقضية التوجه للجنائية الدولية من البيان الختامي مما ينسف ادعاءات السلطة الدائمة بشأن رغبتها التوجه للمحكمة في ظل الجرائم التي ترتكب بغزة، عدا عن تغييب البيان لقضية اللاجئين، وعدم التطرق لمسيرات العودة.