تناولنا في المقال السابق أحد السيناريوهات المتوقعة خلال وبعد شهر مايو الحالي وهو سيناريو التهدئة وأشرنا أن فرص تحقيقه محدودة بالنظر للمعطيات والمؤشرات المتوفرة خاصة في ظل حالة التوتر التي تسود المنطقة لا سيما بعد قرار ترمب الإنسحاب من الإتفاق النووي مع إيران، يتبقى سيناريو التصعيد وهو يعني استمرار المواجهات العسكرية والتوتر الأمني بشكل متقطع على أكثر من جبهة خاصة في شمال وجنوب فلسطين إضافة لاحتمالية عمليات عسكرية متبادلة بين القوات الإيرانية في سوريا والجيش الصهيوني بدون أن يصل التصعيد لحالة الحرب الشاملة، ويبدو ان فرص سيناريو التصعيد أكبر من سيناريو التهدئة وسيناريو الانفجار (الحرب الشاملة) مع بقاء إمكانية ان يتطور التصعيد ويتدحرج نحو الحرب.
ففي الشمال الفلسطيني ازدادت حدة التوتر مع تكثيف الاعتداءات الصهيونية على المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا وبذلك يستخدم العدو الصهيوني الأداة العسكرية لتحقيق أهدافه بمنع إنشاء قواعد عسكرية إيرانية على بعد عدة كيلومترات من الحدود الشمالية مع سوريا وذلك بعد فشل الأداة الدبلوماسية التي مارسها نتنياهو بعد لقاءات واتصالات مكوكية مع الرئيس الروسي بوتين، ومع استمرار الإستهداف الصهيوني لمواقع إيرانية عسكرية ومواقع لحزب الله في سوريا وتجنب إيران وسوريا وحزب الله الرد العسكري حتى اللحظة على العدوان الصهيوني باستثناء إسقاط الطائرة العسكرية قبل عدة أسابيع، يبدو ان حرص حزب الله على تخطي الانتخابات اللبنانية دون تصعيد وحرص إيران على التهدئة قبل قرار ترمب بخصوص الاتفاق النووي ساهمت في امتناع أي رد على العدوان الصهيوني المتكرر، وبعد تحقيق حزب الله نتائج مرضية في لبنان وانسحاب ترمب من الاتفاق النووي مع إيران فعلى الأغلب سنشهد ردود عسكرية ضد مواقع الاحتلال انطلاقا من سوريا وربما بشكل مباشر من القوات الإيرانية في سوريا بحيث لا تنجر الأطراف لمواجهة عسكرية شاملة في هذه المرحلة. أما في غزة فسيناريو التصعيد أيضا فرصه أكبر من التهدئة قبل 15 مايو بالنظر لعدم توفر مبادرة جدية تكسر الحصار عن غزة، والتصعيد في غزة سيحافظ على الحالة الشعبية التي قد تجتاز السياج الفاصل بعشرات الآلاف في منتصف مايو مع ذكرى سبعينية النكبة وتزامنا مع نقل السفارة الأمريكية للقدس وسيمتد لما بعد مايو وفي حال لم تفلح مسيرات العودة والتصعيد الشعبي في كسر الحصار عن غزة فإن الاحتلال سيسعى لوأد الحراك الشعبي باللجوء لتصعيد عسكري محدود لا يصل لمواجهة عسكرية شاملة خاصة في حال كان التوتر سيد الموقف على الجبهة الشمالية، ولكن كيف سيكون موقف المقاومة وهل ستقبل بالمعادلة الصهيونية أم ستلجأ لقلب الطاولة وخلط الأوراق؟ وهل بالإمكان تنسيق مواقف وسلوك المقاومة في غزة وسوريا ولبنان وبالتالي إشعال فتيل الانفجار؟؟
هذه الأسئلة نرحل البحث في الإجابة عنها ضمن السيناريو الثالث ودراسة فرص تحقيقه وهو سيناريو الانفجار في المقال القادم.