قائمة الموقع

مكتوب: ما بين التصعيد والصفقة.. 15 مايو يضع غزة على مفترق طرق

2018-05-10T05:40:17+03:00
صورة
غزة-شيماء مرزوق             

لا تخطئ العين المأزق الكبير الذي تعاني منه حكومة الاحتلال في كيفية التعامل مع مسيرات العودة التي اعتمدت نهجا نضاليا فلسطينيا جديدا لم يكن يتوقع الاحتلال أن يعتمده الفلسطينيون وتحديداً في قطاع غزة بهذه السرعة.

وقد حاول الاحتلال خلال السنوات الأخيرة جعل المعادلة مع غزة صفرية "اما حرب أو تهدئة" حتى خرج عليه الغزيون بمظاهرات شعبية ترفع شعار السلمية، شكلت له هاجسًا في كيفية التعامل مع هذه الحشود، وهو الذي صدر للعالم صورة غزة عبارة عن جماعات مسلحة لا يتم التعامل معها الا بالقوة العسكرية.

وعلى أبواب الجمعة السابعة والتي سيتبعها بأيام قليلة ذكرى النكبة في 15 مايو اليوم المحدد للزحف الكبير والمشاركة الجماهيرية الأوسع التي تعد لها كل الجهات المشاركة في المسيرات، يتخوف الاحتلال من كيفية مواجهة هذه الحشود.

وقد حاول الاحتلال طوال الفترة السابقة جر المقاومة في غزة لعدوان ومواجهة عسكرية تنهي حالة السلمية التي حيدت القدرات العسكرية للمحتل.

ومن الواضح ان إسرائيل امام سيناريوهين لما بعد منتصف مايو الجاري، تلوح بهما معا ضمن سياسة العصا والجزرة التي تنتهجها مع الفلسطيني منذ عقود.

السيناريو الأول: يتوقع مواجهة عسكرية، بحيث يزحف عشرات الالاف من الفلسطينيين في غزة نحو الحدود مع الاحتلال ويتم اقتحام السلك الفاصل والدخول نحو الأراضي المحتلة عام 1948، وفي هذه الحالة تشير التوقعات إلى ان الاحتلال سيتعامل بفتح النار على المتظاهرين وهو ما يعني سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى يجبر المقاومة في غزة على الرد بالمثل وبالتالي اندلاع مواجهة كبيرة بين الطرفين.

ومن المحتمل أن يترافق استخدام تلك القوة مع تصعيد عسكري في غزة، من خلال شن غارات على بعض الأهداف، أو اغتيال بعض القيادات في حركة "حماس" كما سبق وهدد الجيش الإسرائيلي.

لكن يجب مراعاة الأولويات لدى الطرفين اللذين لا يخفيان رغبتهما في عدم الدخول في مواجهة في الوقت الحالي ولكل أسبابه، فمن جانب حماس تعتقد ان الحرب في ظل الظرف الراهن لن تستطيع ان تحصد منها نتائج سياسية، كما أن الوضع الإنساني في غزة المتدهور لا يسمح بالمزيد من الحروب التي تجلب معها الكثير من الضحايا والدمار للمدينة المنهكة.

وعلى الجانب الإسرائيلي فإن أسبابا مختلفة لدى الاحتلال تدفعه لمحاولة تحاشي الحرب مع غزة أولها ان الحروب الثلاثة السابقة التي شنها ضد غزة لم تحقق أهدافها والتي أهمها القضاء على المقاومة.

من ناحية أخرى ترى إسرائيل ان أي عدوان على غزة حتى وان استطاع القضاء على المقاومة وتحديدا حركة حماس سيدخل القطاع في دائرة مظلمة من الفوضى لان من سيتولى زمام الأمور فيه الجماعات المتشددة.

والأمر الآخر والأهم حالياً هو التصعيد الواضح على الجبهة الشمالية خاصة عقب الغاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاتفاق النووي الإيراني ما ضاعف من فرص الحرب بين الطرفين لذا فهو يرغب بقوة في تهدئة جبهته الجنوبية حتى يتفرغ للحرب المحتملة والتي تزداد فرصها على الجبهة الشمالية الأكثر الحاحا بالنسبة له حالياً.

السيناريو الثاني: اتفاق مع غزة وبناء على الأسباب المذكورة فإن الاحتلال لم يخفِ رغبته في عقد هدنة طويلة مع غزة.

ففي يوم واحد أعلنت صحيفة يديعوت احرونت العبرية عن فرص اندلاع مواجهة بينما كتبت هآرتس عن وجود وساطات تبحث هدنة بين حماس والاحتلال.

وليس من قبيل الصدفة الحديث في ذات الوقت عن الخيارين فإن الاحتلال يلوح بالعصا والجرزة في وجه الغزيين، لكن هذا لا يعني أنه لا يرغب في هدنة مع القطاع.

وقد نقلت القناة الثانية عن وزير الحرب أفيغدور ليبرمان قوله "ليس لدينا مصلحة في التصعيد، ولكن في نفس الوقت يجب ان نكون مستعدين لأي سيناريو محتمل"، وبالتزامن قالت يديعوت أحرونوت "ربما حان الوقت لتجاوز السلطة الفلسطينية وإعطاء فرصة للحوار مع حماس الذي قد ينجح في وقف ما يبدو أنه الحرب القادمة في غزة".

ويشي حجم التسريبات التي صدرت في الفترة الأخيرة والمتحدثة عن وساطات تجري لعقد صفقة قبل 15 مايو الجاري، بوجود عروض تطرح حتى ان كانت لم تتبلور بعد، لكن المؤكد أن كل العروض لن تثني الفلسطينيين عن الذهاب بقوة نحو الذكرى السبعين لنكبتهم.

وكانت صحيفة (الحياة اللندنية)، كشفت عن وجود وساطات غربية بين إسرائيل وحركة حماس من أجل بحث هدنة طويلة الأمد مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة.

لكن أي صفقة قادمة تحتاج لعدة أمور حتى تنجح، خاصة أن الأصوات تتعالى في إسرائيل ان سياسة الحصار لم تنجح في تحجيم المقاومة او تأليب الناس ضدها، وقد حان الوقت للتعامل بسياسة مختلفة والحوار مع حماس.

غزة تقف أمام مفترق طرق ما بين الصفقة والحرب وكلما تقدم سيناريو تراجعت فرص الآخر لكن التقدم والتراجع هنا مرهون بتطورات الميدان والاحداث التي سيشهدها حدود القطاع في منتصف الشهر الجاري، فهي التي ستقرر إلى أي طريق يتجه القطاع.

اخبار ذات صلة