اليوم هو الأول من رمضان شهر الخير والبركات، شهر كريم تفتح فيه أبواب الجنة وتصفد فيه الشياطين؛ ولكن شياطين الانس تكيد الشياطين بما تفعل من أفعال تفوق ما يفعله الشياطين، شهر رمضان شهر التكاتف والتراحم، شهر الجهاد، شهر الشهادة، شهر الانتصار.
الشعب الفلسطيني يستقبل شهر رمضان بالدم بالشهداء بالثورة المستمرة والتي أكد فيها على أنه يسعى جاهدا لتحقيق حقه في استرداد أرضه، حقه في العيش بكرامة، حقه في رفع الحصار عن قطاع غزة المفروض عليه من كل الجهات حتى ممن يدعي أنه يمثل الشعب الفلسطيني.
غزة محيرة ولا تستقر على حال، هذه هي غزة، غزة في لحظة تجد فيها الفصول الأربعة، غزة لا تتوافق مع التوقعات، غزة أكبر من التوقعات، غزة تجد فيها كل المتناقضات في لحظة واحدة ولكنها أعجزت كل من ينظر إليها، غزة يراها البعض أنها في حالة نزع أو على وشك الموت؛ ولكنها فجأة تنهض وتثور وتعود للحياة بعنفوان أكبر، غزة إذا أردت فهمها لا بد أن تعيش فيها بكل جوارحك ولا تلتفت الى ما يقال حتى تكتشف حقيقتها فتعرف قيمتها، غزة راهنوا عليها أنها لن تصبر على إرهاب عباس وعقابه وأنها ستثور في داخلها لتدمر نفسها وإذا بها تنتفض وتثور وتواجه وتقدم الشهداء، غزة التي تخرج بعد مجزرة الإثنين الرهيبة التي أرتقى فيها ستون شهيدا تخرج في اليوم التالي لتواجه المحتل وتنتفض في وجهه رغم الجراح رغم الوداع رغم الدماء لتقدم اربعة شهداء جدد ومئات الجرحى.
غزة تبتسم بل وتزيد فتخرج لسانها لكل المنبطحين والمزايدين على مقاومتها وعلى معدن أهلها وتقول لهم هل تملكون النظر إلي أم تتواروا وتدسون رؤوسكم في التراب كاشفين عن عوراتكم خزيا وجبنا وخوفا من أن تطالكم نعال الشهداء التي هي أشرف منكم ومن كراسيكم وأموالكم ومملكاتكم وعروشكم، غزة انتظروها قريبا حتى تطهر الأرض منكم ومن أمثالكم.
غزة يوم الإثنين قررت لمن تكون القدس ومن يملك أرض فلسطين، غزة بدماء شبابها وأطفالها وشيوخها ونسائها قالت كلمتها ولم تكتف بالقول بل وأكدت على القول بالفعل وهي مستمرة في الفعل وفي القول لن يوقفها تخاذل المتخاذلين ولا استكبار المتكبرين، غزة تكتب بدماء شهدائها السطر الأول لنهاية هذا الكيان وسيكمل معها الشعب الفلسطيني كتابة السطر الثاني والأخير رغم أنف ترامب ونتنياهو وعيال الخليج ومن لف لفهم، غزة هي بوابة النصر التي ستنتصر على المؤامرة وعلى التصفية وعلى أمريكا وستفشل صفقة القرن التي صفع بها ترامب ثمانية وخمسين دولة عربية وإسلامية في مؤتمر قمة الرياض (الإرهاب والجزية) وتقف لتقول للجميع أن غزة ومعها كل الشعب الفلسطيني لن تقبل وطالما قالها الشعب الفلسطيني فلن تمر مشاريع التصفية والتوطين والوطن البديل.
غزة قالتها بأنها ليست جائعة ولا تبحث عن لقمة عيش مغمسة بالذل والتخاذل والعمالة، غزة حرة والحرة لا تأكل بثدييها، قد لا تفهمون الآن هذه المعاني وستكابرون ولكنكم في النهاية ستخضعون لما تقوله غزة وما تريده غزة، فالصدق والحق ما قالته غزة، وغزة تقول فلسطين كل فلسطين من بحرها لنهرها هي ملك خالص للشعب الفلسطيني وأن هذا الكيان الغاشم ستهدمونه كما بنيتموه، ويسألون متى هو قل عسى أن يكون قريبا، هذه هي غزة التي لا يكاد يُرى مكانها على الخارطة؛ ولكنها تحتل اليوم الخارطة العالمية بفعلها المعجز.
غزة تقول للأمة الإسلامية والعربية ومن قبلهم للشعب الفلسطيني كل عام وأنتم بخير ورمضان كريم.