دفعت انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي غير المسبوقة بحق مسيرة العودة الاثنين الماضي عدة جهات حقوقية وسياسية للتحرك لوقف عدوان الاحتلال والمطالبة بالتحقيق في مجريات الأحداث التي تؤكد كافة المؤشرات إلى استخدام الاحتلال القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين.
وعقب انتهاء قمع الاحتلال لمليونية العودة، توالت ردود الفعل الحقوقية والسياسية الغاضبة مما حصل على حدود قطاع غزة، وحصيلة الشهداء التي بلغت 63 شهيدا بينهم أطفال ونساء وآلاف الجرحى، كان أبرزها مطالبات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإجراء تحقيق مستقل في اعتداء الاحتلال على مسيرة العودة، وكذلك الإدانة الصادرة عن المقرر الخاص للأمم المتحدة حول وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مايكل لينك الذي أكد فيها الاستخدام المفرط للقوة من قبل (إسرائيل) ضد غزة ودعا لمحاسبة المسؤولين عنه.
ودعا المقرر في بيان له، نشره في جنيف، إلى محاسبة القيادة السياسية أو العسكرية التي أمرت باستخدام القوة في غزة أو سمحت به، مشيرا إلى أنه لا يجوز أن تبقى هذه الممارسات بدون عقاب، مشددا على أن "العدالة للضحايا يجب أن تصبح أولوية بالنسبة إلى المجتمع الدولي".
ولم تقتصر التحركات على الجهات الدولية والإقليمية، بل امتدت أخيرا لتصل إلى أروقة السلطة الفلسطينية في رام الله، التي بدأت في الاتجاه لخطوات عملية من شأنها تحريك ملفات الانتهاكات في المحافل الدولية، وهذا ما كشف عنه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات بأن الرئيس محمود عباس وقع على صك انضمام فلسطين لعدد من الوكالات الدولية.
وأشار إلى أن السفير إبراهيم خريشة ممثل فلسطين لدى مجلس حقوق الإنسان، من الحصول على 18 توقيع لدعوة مجلس حقوق الإنسان للاجتماع يوم الجمعة لاتخاذ قرار بإرسال لجنة تقصي حقائق في جرائم الحرب المرتكبة من جانب (إسرائيل).
وبحسب المعلومات التي وثقتها لجنة البحث وتوثيق الانتهاكات التابعة للمنظمة الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي من خلال العديد من المصادر الطبية الرسمية، قد بلغت حصيلة الضحايا الذين سقطوا خلال مسيرات العودة منذ تاريخ 30/03/2018، وحتى تاريخ إصدار التقرير، (99) فرداً، من بينهم (3) من ذوي الاحتياجات الخاصة، و(11) طفلاً، وصحفيين، كما أصيب (6938)، من بينهم (1244) طفلاً، و(253) سيدة، و(42) مسعفاً، و(59) صحافي، ومن بينهم (3615) أصيبوا بالرصاص الحي المباشر.
واعتبرت المنظمة أن ما يجري في غزة "انتهاك مشين للقانون الدولي" وأن أعمال القتل المتعمد للمدنيين، تشكل جرائم حرب.
من جهته، قال يوسف المدهون عضو لجنة الفريق القانوني في الهيئة الوطنية لمخيم ومسيرة العودة وكسر الحصار إن ما حدث في يوم مليونية العودة أحدث حراكا فاعلا في كافة أروقة المؤسسات الحقوقية الإقليمية والدولية، نظرا إلى حجم الخسائر البشرية في صفوف المتظاهرين السلميين في المسيرة.
وأضاف المدهون في اتصال هاتفي مع "الرسالة" ان اللجنة القانونية ترسل بشكل يومي كافة الانتهاكات الإسرائيلية بحق مسيرة العودة إلى مكتب المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، والتي بدورها تشعر اللجنة باستلامها الملفات المرسلة، وتؤكد انها تخضع لمتابعة مكتب المدعية العامة، لتحديد الموقف اللازم منها.
وشدد على أن الهيئات الحقوقية والمهتمة بحقوق الانسان في المستويات المحلية والإقليمية والدولية تتابع عن كثب تطورات الموقف على حدود غزة من ناحية الانتهاكات الإسرائيلية، وأن هناك تأثيرا واسعا لما جرى وتفاعل مع الحالة الراهنة من حيث عدد الشهداء الكبير والاصابات على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وعن موقف السلطة من متابعة الانتهاكات الإسرائيلية، أوضح المدهون ان السلطة في بداية الأمر كانت تراوح في حالة من التمهل والانتظار، إلا أنها عقب قمع مليونية العودة اتجهت إلى خطوات عملية حقيقية لكشف جرائم الاحتلال، وملاحقته في المحافل الدولية، من خلال إحالة ملفات الانتهاكات بحق مسيرة العودة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وهذا ما أكد عليه إحسان عادل الباحث القانوني للمركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأن هناك حالة من تصاعد الاهتمام في المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في متابعة الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسيرات السلمية المتواصلة على حدود قطاع غزة، خصوصا ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضح عادل في اتصال هاتفي مع "الرسالة نت" أن الاهتمام الإعلامي الغربي لمتابعة أحداث مليونية العودة الاثنين الماضي انعكست إيجابيا على موقف المؤسسات الحقوقية، والنشطاء الحقوقيين المتابعين للشأن الفلسطيني، مما قد يوجد حراكا فاعلا من شأنه الضغط على المؤسسات الحقوقية الرسمية لاتخاذ مواقف حازمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لإيقافه عن قمع مسيرة العودة خلال الفترة المقبلة.