يتراجع التمويل الخارجي للمؤسسات الخيرية العاملة في قطاع غزة في ظل أوضاع صعبة يعانيها السكان وزيادة في أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل، وانقطاع رواتب موظفي السلطة.
ومع حلول شهر رمضان ألقى الواقع السيئ بظلاله على المؤسسات الخيرية العاملة في القطاع، ما أدى لإغلاق عدد منها وتراجع مساعدات العدد المتبقي.
"الرسالة" التقت أحمد الكرد رئيس تجمع المؤسسات الخيرية للحديث عن واقع العمل الخيري في القطاع وأبرز التحديات التي تواجهه.
نصف السكان تحت خط الفقر
في بداية حديثه قال الكرد إن رمضان هذا العام يختلف عن سابقه بسبب اشتداد الحصار المستمر منذ 12 عاما، بالإضافة لقطع رواتب موظفي السلطة الفلسطينية الذين انضم عدد كبير منهم لطابور الفقراء، موضحا أن مسيرات العودة وما نتج عنها من شهداء وجرحى زادت الأعباء وحالات الفقر.
وبين أن عدد حالات الفقر في القطاع لهذا العام هي الأكثر على الإطلاق، مشيرا إلى أن الإمكانيات والمساعدات محدودة وأقل من الأعوام السابقة ولا تتناسب مع الزيادة في نسب الفقر وتضاعفها لذا أصبحت المؤسسات في اشكالية حقيقية.
ويؤكد الكرد أنهم بسبب الأوضاع وقلة الإمكانات باتوا غير قادرين على توفير احتياجات الأسر الفقيرة في الشهر الفضيل، موضحا أنهم يحاولون تقسيم الموجود على العائلات الأكثر فقرا، قائلا: "ما كان يعطى للفرد بات يعطى لأربعة أفراد".
وبحسب رئيس تجمع المؤسسات الخيرية فإن المساعدات القطرية التي وصلت غزة قسمت على عدة قطاعات وهي الصحة والجامعات ومشاريع الزواج، كذلك لإعادة اعمار بيوت الفقراء، بإشراف جهات محددة ومخصصة.
وبين أن المساعدات الإغاثية تعادل 25% فقط من اجمالي المنحة القطرية وتوزع عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية ولجان الزكاة.
ولفت الكرد الى أن المساعدات المصرية عبارة عن 3 آلاف طرد غذائي بقيمة 50 شيكل للواحد، متسائلا: " كيف سيكفي هذا العدد لقرابة 200 ألف أسرة فقيرة؟".
ويقر الكرد أن الأسر المحتاجة من حقها السؤال عن مصير المساعدات في ظل مساعدات قليلة لا تتناسب مع حجم الفقر المتفشي في القطاع، إلا أن الواقع غاية في التعقيد، حسب قوله.
قيود عديدة
وذكر الكرد أن عشرات المؤسسات الخارجية التي كانت تقدم مساعداتها لجمعيات بغزة بمقدار 50 ألف مساعدة في شهر رمضان توقفت بسبب عدم تحويل الأموال، أو قيود وضعت عليها في بلادها.
ويذكر رئيس تجمع المؤسسات الخيرية أن أزمة مركبة يواجهها العمل الإنساني، تشمل منع تحويل الأموال لغزة من معظم الدول العربية والإسلامية، سبقه تجميد البنوك لحسابات عشرات الجمعيات، ورفض فتح حسابات جديدة بناء على تعليمات سلطة النقد الفلسطينية.
وقال الكرد إن تشديد الإجراءات والتضييق على المؤسسات الإنسانية يشمل إغلاق جمعيات عربية بالخارج مؤخرا كانت ضمن المصادر الأساسية لمساعدة فقراء غزة، وذلك خضوعا للإجراءات الأميركية.
وأشار الى أن عددا من المؤسسات وجهت تمويلها لمناطق الأزمات بسوريا والأردن وتركيا والعراق واليمن.
ولفت إلى أن الأرقام الأكبر من مساعدات الدول تذهب للسلطة الفلسطينية باسم غزة إلا أن العقوبات تمنع وصولها، فيما تذهب نسبة كذلك لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
وتخطط المؤسسات الخيرة للوصل لــــــ50 ألف عائلة فقيرة خلال رمضان، وهو ما يعادل 25% من حجم المحتاجين في قطاع غزة، موضحا أن المؤسسات الخيرية كانت تستطيع الوصول إلى 100 ألف عائلة خلال السنوات الماضية.
وبين الكرد أن المؤسسات تحاول الوصول للأكثر فقرا، مشيرا الى أن القطاع وزع كحاضنة شعبية قبل شهرين ما قيمته 3 ملايين دولار بواقع 100 دولار لكل عائلة.
وترافق التراجع الحاد في المشاريع الخيرية والإنسانية، مع خصومات فرضتها السلطة الفلسطينية على موظفيها بالقطاع منذ عام، مما زاد من صعوبات الحياة على العائلات الأكثر عوزا، خاصة أن بعضها كانت تتلقى مساعدات من هؤلاء الموظفين في ظل حالة التكافل المعروفة داخل المجتمع الفلسطيني.
ويشار إلى أن المؤسسات الخيرة سجلت 200 ألف عائلة فقيرة في القطاع، وهو العدد الذي يوازي نصف عدد السكان في ظل نسب فقر بلغت 80%، وفقر مدقع حوالي 65%، ووجود 250 ألف عاطل عن العمل.
ويأمل الكرد ان تصل صرخة غزة المحاصرة وتلاقي استجابة في الشهر الفضل لتعويض النقص الموجود في المساعدات، خاصة وان غزة تدافع عن الأمة وتقف أمام الإرهاب (الإسرائيلي).