قائمة الموقع

مكتوب: مستقبل فتح: وحدة ووفاق أم فوضى وانشقاق؟

2018-05-28T05:39:03+03:00
وسام أبو شمالة
وسام أبو شمالة

حالة من الغموض تركها غياب أبو مازن عن المشهد السياسي بعد وعكة صحية أدخلته المستشفى الاستشاري في رام الله، ودخلت على إثرها الساحة الفلسطينية بحالة من الترقب والقلق من المستقبل حال غاب أبو مازن "المتحقق" ولو بعد حين.

ويعتبر القلق مشروعا في ظل حالة التيه السياسي الذي يتعرض لها النظام السياسي الفلسطيني بفعل تفرد أبو مازن بالقرار الوطني والفتحاوي فغابت المؤسسة وذابت في شخص الرئيس.

ولأن حركة فتح التي يرأسها أبو مازن هي عمود السلطة في رام الله فإن محاولة البحث عن ماهية مستقبل الحركة بعد رحيل أبو مازن من الأهمية بمكان لأن مستقبل الحركة سيؤثر بشكل مباشر على الحالة الوطنية عموما.

تشكلت داخل حركة فتح العديد من التيارات والتوجهات والولاءات،  وتعرضت حركة فتح للعديد من الأزمات والانشقاقات والخلافات منذ نشأتها عام 1965، وتمكن الراحل أبو عمار بخبرته وتاريخه من الحفاظ على التوازانات والتكتلات داخل الحركة واستطاع الحفاظ على بقاء الحركة التنظيم الأول في منظمة التحرير الفلسطينية والمتحكم بالسياسة الفلسطينية عموما،  ولم تؤدِ الانشقاقات العميقة التي عصفت بالحركة منذ انطلاقتها إلى انهيار الحركة رغم أنها أدت لضعفها وتراجع مكانتها ليس بسبب الانشقاقات وحسب بل نتيجة المسار السياسي الذي خطته الحركة منذ أوسلو 1993 واعتراف رئيسها أبو عمار "بإسرائيل".

وكان أبرز تلك الانشقاقات ما قاده أبو نضال البنا وانشائه لما يسمى بالمجلس الثوري عام 1973، والانشقاق الثاني قاده سعيد مراغمة "أبو موسى" عام 1983 باسم فتح الانتفاضة.

وبعد رحيل أبو عمار وتولي أبو مازن قيادة الحركة والسلطة والمنظمة برزت خلافات عميقة مع تيار عريض داخل حركة فتح بقيادة محمد دحلان أدت إلى نفي دحلان للخارج وتمركزه في الإمارات وشكل التيار الإصلاحي لحركة فتح وما زال هذا التيار يضم مستويات عمودية وافقية مهمة داخل فتح.

ورغم عدم وجود كاريزما وقاعدة شعبية تؤهل أبو مازن لخلافة الراحل عرفات، إلا ان تمتعه بقبول دولي واقليمي "واسرائيلي" بالإضافة لكونه من جيل الآباء المؤسسين لحركة فتح منحته الفرصة الأكبر لخلافة أبو عمار.

أما الحالة الراهنة فإن الشخصيات القيادية في فتح لديها طوح في قيادة الحركة كونها تتمتع بنفس المستوى القيادي بعد رحيل الجيل المؤسس او يكاد، مما يصلح ان نصفهم "بالقرناء المتشاكسين" مما يضع مستقبل الحركة أمام العديد من السيناريوهات.

السيناريو الأول هو تمكن الحركة من توزيع المناصب وعدم استئثار المواقع الرئيسة (فتح.السلطة.المنظمة) في شخص واحد، وترضية باقي القيادات بمواقع مهمة. هذا السيناريو قد يستثني محمد دحلان مما يبقي الصراع على حاله او ان يتمكن النظام المصري من استغلال حاجة الحركة لدعم إقليمي وخاصة مصري ووضع شرط إعادة دحلان لصفوف الحركة وإلغاء القرارات ضده ومن ثم العمل على إجراء انتخابات داخلية لاختيار قيادة الحركة. فرص هذا السيناريو واردة لكنها محدودة بالنظر لسعي أغلب القيادات للاستئثار بمنصبي رئيس الحركة والسلطة على اعتبار ان السلطة هي محور القوة والنفوذ وليس التنظيم.

السيناريو الثاني هو توافق دولي واقليمي "واسرائيلي" على شخصية فتحاوية تقود فتح والسلطة او شخصية من الكفاءات لقيادة السلطة او القيام بمهام رئاسة السلطة والحكومة "الحمد الله نموذجا" وترك فتح تتصارع داخليا مما سيؤدي إلى مزيد من الانشقاقات في الحركة وقد يؤدي إلى إنهيار الحركة وتحولها لتيارات متصارعة. هذا السيناريو يفترض استقرار السلطة ومقدرة رئيسها على السيطرة والتحكم في المقابل تعم الفوضى التنظيمية داخل حركة فتح، وفرص تحقيقه أكبر من السيناريو الأول بالنظر لرغبة الأطراف الدولية والاحتلال وهما الأكثر تأثيرا على مسار السلطة في الضفة.

السيناريو الأخير هو الفوضى على صعيد السلطة وحركة فتح مما سيؤدي لتفتت الحركة وقد يؤدي الصراع على السلطة لحالة من الاحتراب الداخلي والفوضى الأمنية التي ستؤدي لتدخل مباشر من الإحتلال الذي يعتبر نفسه أكثر الجهات المستعدة لسيناريو الفوضى خاصة مع ازدياد نفوذ الاحتلال المدني من خلال تشكيله لما يشبه الإدارة المدنية للضفة منذ عدة سنوات.

سيناريو الفوضى ومزيد من التفتت داخل فتح وعدم القدرة على التوافق والالتئام مع الأسف قد يكون السيناريو الأكثر ترجيحا في ظل ما ارساه أبو مازن من تهميش للمؤسسة ومركزية القرار إضافة لإذابة فتح ومؤسساتها وشخوصها في السلطة ومناقبها...

يبدو أن أبو مازن سيتعب من بعده !!

اخبار ذات صلة