من الواضح أن صبر المقاومة الفلسطينية قد نفذ بعد تضاعف فاتورة الحساب مع الاحتلال، على ضوء تمادي العدو في حماقته المتصاعدة ومحاولته فرض قواعد اشتباك جديدة تتيح ليده أن تبقى طائلة وتُكبل سواعد المقاومة.
تلك المعادلة رفضت المقاومة قبولها وذهبت إلى دك مستوطنات غلاف قطاع غزة بالقذائف الصاروخية، في رسالة واضحة للاحتلال أن حالة الصمت "المؤقتة" على جرائمه ضد شعبنا باتت طي النسيان.
ويأتي إمطار المقاومة الفلسطينية مستوطنات الاحتلال بعشرات القذائف الصاروخية صباح اليوم الثلاثاء التي وصفها العدو بأنها الأكبر والأعنف منذ انتهاء حرب 2014، كرد طبيعي على استمرار استهداف جيش الاحتلال لمواقع المقاومة في الأشهر الأخيرة؛ مختلقا ذرائع واهية لتبرير عدوانه.
وكان جيش الاحتلال قد استهدف عددا من مواقع المقاومة؛ ما أدى لاستشهاد أربعة مقاومين من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس خلال اليومين الماضيين.
برقيات عاجلة
ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر أن أحداث هذا الصباح الباكر كان يجب أن تحصل منذ زمن، لأن مواصلة الاحتلال في استنزاف قدرات المقاومة: بشريا واستخباريا ولوجستيا، مما دفعه العدو بالاستمرار في جرائمه دون رد تحت هاجس عدم التسبب باندلاع الحرب الواسعة.
ويوضح أبو عامر عبر صفحته بالفيسبوك أن الاحتلال ربما فهم خطأ كثرة التصريحات الفلسطينية التي تحدثت عن عدم رغبتنا في الحرب، وهي تصريحات كان يجب أن يتم التخفيف منها، وليس طمأنة العدو بصورة مجانية، بدليل أنه انتقل من قصف مواقع فارغة للمقاومة إلى استهداف مقاتلين بصورة متعمدة.
ويؤكد أن المقاومة ردت على جزء من خروقات الاحتلال لحالة الهدوء التي أتبعت الحرب الأخيرة 2014، لا سيما وأن المقاومة كبحت جماح نفسها أكثر من اللازم؛ حرصا على المواطنين، وعدم اتهامها من أي أحد بجر القطاع لمواجهة مكلفة، "لكن لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر حتى إشعار آخر: اضربني على خدي الأيمن، لأدير لك خدي الأيسر!" على حد وصفه.
وحول تهديدات قادة الاحتلال لغزة عقب قصف المقاومة، يشير أبو عامر إلى أن هذه التهديدات قد تكون جدية ضد غزة، لكنها لا تعني حربا واسعة أولا، وهي تذكر الاحتلال أن عدوانه على دول وازنة في المنطقة، وعدم الرد عليه لاعتبارات شتى، لا يعني تمريره على باقي المناطق.
ويلفت إلى أن "ثقتنا بقدرة المقاومة على إيصال رسائلها العملياتية للاحتلال، تجعلنا أكثر ثقة بمغادرتها للحالة السابقة، بالتزام الصمت خشية من تدهور الميدان، بعد أن أخفقت الرسائل السابقة عبر الوسطاء بكبح جماحه، وفي الوقت ذاته عدم الانجرار لما قد يخطط له الاحتلال من مواجهة واسعة، ويبقى لدى الميدان القول الفصل".
تثبيت قواعد الاشتباك
بدور اعتبر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن امطار المقاومة بغزة لمستوطنات غلاف غزة بمجموعة صواريخ يأتي في سياق تثبيت قواعد اشتباك، وكإعلان استعدادها للذهاب الى ابعد مدى في حال استمر الاحتلال بعدوانه.
ورأى المدهون في منشور له على "الفيس بوك" أنه من المبكر الحديث عن حرب عسكرية شاملة، لكن ما نعيشه حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حرب تحتاج كل جهد فكرة وشخص وقلب.
وتابع يقول: "اليوم سيشهد استمرار سفن كسر الحصار ومسيرات العودة، وستعيد إسرائيل حساباتها، وستدرس الموقف بشكل مغاير وسيجتمع الكابينت لاتخاذ قرارات على ضوئها ستتشكل الأحداث القادمة.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن المقاومة تحاول بردها على وقاحة الاحتلال إعادة رسم قواعد الاشتباك بالنار، بعد تماديه بحق الفلسطينيين ومحاولته استغلال الواقع في غزة والتمسك بسلمية مسيرة العودة؛ لاستباحة دماء المواطنين.