تواصل أسواق قطاع غزة فقدان سيولتها شهرا بعد الآخر، دون تعويضات تُعيد الدورة المالية لطبيعتها، وهو ما يحدث خللا في الاقتصاد الغزي.
ومع صرف السلطة 50% من راتب موظفيها في القطاع والتي تذهب أغلبها قروضا للبنوك، يفتقد قطاع غزة أهم مقومات اقتصاده المتمثلة في السيولة النقدية التي بحوزة المواطنين.
ومؤخرا، أقرت السلطة الفلسطينية مجموعة من العقوبات على غزة كان أبرزها خصم 50% من رواتب الموظفين، فضلا عن إحالة آلاف الموظفين من الشقين المدني والعسكري إلى التقاعد المبكر بشكل إجباري، في الوقت الذي كانت تساهم رواتب الموظفين العموميين بشكل واضح في الدورة الاقتصادية اليومية.
ارباك بالدورة المالية
بدوره أكد المختص في الشأن الاقتصادي أمين أبو عيشة، أن مواصلة السلطة تقليص صرف رواتب موظفيها لأكثر من عام على قطاع غزة تسبب بإحداث إرباك في الدورة المالية.
وقال أبو عيشة في حديث لـ"الرسالة" إن أزمة الرواتب عرّضت المنشآت الاقتصادية والتجار والمستوردين لخسائر فادحة، حيث لم يعد بمقدورهم الالتزام بدفع ما عليهم من استحقاقات مالية للجهات المشغلة والموردة.
وأضاف: "نتحدث عن أكثر من 90 مليون دولار تدخل للمواطنين شهريا، وبالتالي يصعب تعويضها حتى لو جرى تحويل أموال من المواطنين المغتربين لأهاليهم".
وحذر أبو عيشة من الوضع الاقتصادي المقبل، مؤكدا أننا على شفا الانهيار، "فنحن أمام شيكات مرجعة ترتفع باستمرار، وعجز التجار والمواطنين عن دفع الالتزامات الموكلة إليهم.
ولفت إلى أن أغلب الحالات التجارية التي تحدث وهمية، دون تبادل حقيقي للأموال، "وبالتالي نحن أمام كارثة ستنعكس على كافة القطاعات من الطلبة والعائلات والتجار وغيرهم".
ووفق أبو عيشة، أدى تراجع دخل المواطن المتاح للاستهلاك وتآكل المدخرات نتيجة الادخار السلبي إلى غياب السيولة في أيدي المواطنين.
وأشار إلى أن نقص السيولة له تأثير خطير على النمو الاقتصادي في قطاع غزة ويسبب في تسريح عدد كبير من العمال.
ويرى أن البدائل للخروج من المشكلة محدودة جدا، حيث ما يتعرض له قطاع غزة، يهدف لتجفيف الإيرادات الحكومية في غزة لتحقيق أغراض سياسية.
وتجدر الإشارة إلى أن نقص السيولة أثر على أعمال البنوك والمصارف في قطاع غزة، حيث تواجه البنوك مشاكل في تحصيل الأقساط التي أعطتها لعملائها.
وأظهرت احصائية لسلطة النقد الفلسطينية، أن نسبة ودائع قطاع غزة في البنوك لا تمثل أكثر من 10% من إجمالي الودائع الفلسطينية.
في حين قال رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في قطاع غزة على الحايك، إن وقف صرف رواتب موظفي السلطة بالقطاع بشكل تام، يفقد أسواقه سيولة نقدية، بقيمة 500 مليون دولار سنويا.
وأوضح الحايك في تصريح صحفي أن "اليأس التام أصبح يسيطر على سكان غزة؛ بفعل اشتداد الأزمات المعيشية، وفقدان السيولة النقدية.
وأضاف: "نمر في هذه الأيام بأسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية؛ بسبب استمرار وتشديد الحصار الإسرائيلي، واستمرار الانقسام الداخلي وتفاقم نقص الخدمات الأساسية، الأمر الذي يتطلب من جميع الجهات تحمل مسئولياتها تجاه سكان غزة".
وبيّن أن حركة دوران السيولة النقدية تُعاني من خلل كبير ونقص، بفعل توقف أعمال غالبية الشرائح الاقتصادية بغزة.
وأشار الحايك إلى أن غالبية شعب غزة أصبح بحاجة لمساعدات إنسانية سواء كانت من الحكومة أو الفصائل أو المؤسسات الإغاثية العاملة في قطاع غزة.
ونوّه إلى أن كثيرا من المنشآت الاقتصادية متوقفة عن العمل بشكل كلي وجزئي؛ بسبب سياسة الحصار الإسرائيلي في إدخال المواد الخام، واستمرار أزمة الكهرباء، وتزايد ساعات فصلها.
وتمتنع السلطة عن صرف منتظم وكامل لرواتب موظفيها العموميين في قطاع غزة منذ شهر مارس الماضي؛ بذريعة "خلل فني".
ووفق بيانات رسمية، بلغت نسبة البطالة بغزة 46%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل ربع مليون شخص، إلى جانب ارتفاع معدلات الفقر لتتجاوز 65%، وارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة إلى 50%، وارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين إلى 67%.