تركض متنقلة بين المصابين لتضمد جراحهم مرتدية روبها الأبيض الذي لم يمنع قناصة الاحتلال الاسرائيلي على الحدود مع قطاع غزة من قنصها برصاصة اخترقت قلبها.
الممرضة "رزان النجار" ليست الأولى التي يتعمد الاحتلال استهدافها من العاملين في الطواقم الطبية "مسعفين وممرضين" منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة فقد سقط العشرات منهم خلال تلك المسيرات بين جرحى وشهداء.
وقبل أسابيع قليلة سبق الشهيدة "النجار" المسعف جبر أبو حسنين الذي قنصه عن عمد جندي اسرائيلي، كما واستهدف جنود الاحتلال العشرات من العاملين في الخدمات الطبية رغم ارتدائهم الزي الأبيض الذي يميزهم عن غيرهم، وذلك خلال عملهم فمنهم اختنق بالغاز واغمى عليه، واخرين اصيبوا بشظايا القذائف.
وعلى ما يبدو فإن جنود الاحتلال اتخذوا من مزاعم وزير الحرب الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان ذريعة لقنص المدنيين، وذلك حينما ادعى أن عناصر من حركة حماس تستخدم سيارات الإسعاف للاقتراب من السياج الحدودي، وذلك لتشجيع وتبرير استهداف الطواقم الطبية الفلسطينية.
في المقابل وبعد استهداف الشهيدة "النجار" وفضح قنصها بشكل متعمد، عمت حالة من السخط والاستنكار على الحادثة لاسيما وأن الشهيدة كانت تقوم بعملها الأمر الذي دفع نيكولاي ميلادينوف المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، الدعوة إلى عدم استهداف العاملين في المجال الصحي.
وقال ميلادينوف عن استشهاد النجار "صلواتي وعقلي مع عائلة رزان"، مشددا على ضرورة تجنب استهداف الطواقم الطبية، مضيفا:" الفلسطينيون في غزة يعانون بما فيه الكفاية، على "إسرائيل" أن تضبط استخدامها القوة".
وكان الاحتلال يمنع سيارات الاسعاف الدخول إلى منطقة 300 متر من السياج، حيث ينقل المصابين عبر حمالات أو مشيا على الأقدام مسافة 200 متر او 100 متر حتى الوصول لأقرب سيارة إسعاف، وهذا ما يؤكد سلمية العاملين في المجال الصحي وعدم دخولهم لمناطق ممنوع الاقتراب منها.
ومن أبرز المشاكل التي تواجه العاملين في المجال الصحي على الحدود هو الاستخدام المفرط للقوة واستهداف طواقم الاسعاف والدفاع المدني والممرضين دون الاكتراث للإشارات التي تدلل على عملهم.
وأدانت مؤسسة لجان العمل الصحي في بيان لها، الجريمة التي اقترفتها قناصة الاحتلال المتحصنين خلف الدشم والسواتر شرق خانيونس بقطاع غزة بحق المسعفة المتطوعة "النجار".
وبحسب البيان، فإن جنود الاحتلال قاموا باستهداف الأطقم الطبية والمهمات الإنسانية منذ انطلاق مسيرات العودة، ما أدى إلى إصابة 223 عاملاً في القطاع الصحي منهم 29 مسعفاً بالرصاص الحي والقنابل الغازية السامة، مما يدل على مدى تجاهل دولة الاحتلال لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تؤكد على حماية العاملين في قطاع الخدمات الصحية والإنسانية في كل الظروف وتسهيل مهماتهم.
وبحسب توثيق لجان العمل الصحي فإن العاملين في المهمات الطبية ووسائط النقل الطبية والمشافي الميدانية جميعها كانت مميزة وتحمل شارات يسهل تمييزها، وكان أفرادها يلبسون زياً طبياً مميزا، فضلاً عن وضوح سيارات الإسعاف ووجود شعارات الهلال والصليب الأحمرين المميزان لها عن وسائط النقل الأخرى، فيما وضعت الشارات المميزة فوق المشافي الميدانية، غير أنها كانت عرضة هي الأُخرى للاعتداءات من قبل الاحتلال.
وفي ذات السياق أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقريراً جديداً بعنوان: "استهداف الطواقم الطبية الفلسطينية نهج احتلالي" يتناول التقرير استهداف الطواقم الطبية أثناء قيامها بمهامها خلال مسيرات العودة السلمية (30 مارس 2018 – 22 مايو 2018).
ووفقاً للتقرير، اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات خطرة وجسيمة، ترتقي لكونها جرائم حرب وفقاً لقواعد القانون الإنساني الدولي، ضد أفراد المهمات الطبية، ووسائط النقل الطبي والمشافي الميدانية المنتشرة على امتداد المناطق الحدودية.
وبحسب التقرير أدت هذه الانتهاكات إلى استشهاد مسعف، وإصابة 223 فرداً من أفراد الطواقم الطبية، من بينهم 29 مسعفاً أصيبوا بالرصاص الحي أو نتيجة اصابتهم مباشرة بقنابل الغاز المسيل للدموع التي أُطلقت تجاههم. كما أدى استهداف أدى استهداف جنود الاحتلال لوسائل النقل الطبي إلى تضرر 37 سيارة إسعاف، عدا عن استهداف المراكز الطبية والمشافي الميدانية، وعرقلة العمل في العديد منها.
ويشير التقرير إلى أن تحقيقات المركز بشأن تلك الاعتداءات، تؤكد أن القوات المحتلة استخدمت القوة المفرطة، فضلاً عن شن عمليات إطلاق نيران وقنابل غاز بشكل عشوائي، وهو ما أدى إلى سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا من أفراد الطواقم الطبية، كما لوحظ في كثير من الحالات قيام أفراد من جنود الاحتلال برصد وتصوير الطواقم الطبية قبل استهدافها بحسب إفادات الشهود.
ويؤكد التقرير أن أفراد المهمات الطبية ووسائط النقل الطبية والمشافي الميدانية كانت مميزة ويسهل معرفتها، وكان أفرادها مميزين بلباسهم الطبي، فضلاً عن وضوح عربات الإسعاف ووجود شعارات الهلال والصليب الأحمرين اللذين يميزانهما عن وسائط النقل الأخرى، فيما وضعت الشارات المميزة فوق المشافي الميدانية، غير أنها كانت عرضة للاعتداءات من قبل القوات المحتلة.
ويؤكد التقرير أن الاعتداءات المختلفة على رجال الطواقم الطبية الفلسطينية، خاصة أولئك العاملين منهم في الميدان، تشكل مساساً خطيراً بقواعد القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو مؤشر خطير لانتهاك هذه المعايير الدولية التي نظمت قواعد حماية رجال المهمات الطبية، بمن فيهم طواقم الإسعاف وسياراتهم ومنشآتهم الطبية.